بو دياب: دولرة الاسعار شر لا بد منه.. ومؤشر على انعدام الثقة بالعملة الوطنية
محمد هاني شقير – الحوارنيوز
كأن اللبنانيين مكتوب عليهم العيش في دوامة القرارات التي تطال كل شؤون حياتهم وبخاصة المعيشية، وهم يتلقون الصدمات يوماً في أثر يوم.
وفي ظل انهيار سعر العملة الوطنية امام الدولار وانعكاسها على جميع نواحي الحياة، يأتي قرار السلطة السياسية الاخير القاضي بدولرة أسعار المواد الغذائية ليكون بمثابة رصاصة الرحمة التي تقضي على آخر نفس يمد الفقراء بالروح أو بالأمل في مسيرة تعاف تعجز هذه السلطة عن القيام بها، وربما كل سلطة لاحقة طالما أن النظام الغنائمي والتحاصصي ما يزال هو هو.
تنقسم الآراء حيال خطوة الوزير أمين سلام بدولرة الأسعار. منها من يرى فيها “شرا لا بد منه حاليا”، ومنهم من يرى فيها رصاصة الرحمة على ما تبقى من قدرات لدى المواطنين، الغالبية المطلقة منهم.
“الحوارنيوز” استوضحت عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الخبير الاقتصادي أنيس بو دياب هذا القرار وانعكاساته فقال: “إن التسعير بالدولار لا يعني دولرة الاقتصاد، إنما يعني دولرة الأسعار وتحديداً أسعار المواد الغذائية ،ولاحقًا أسعار المحروقات بجميع مشتقاتها، والتي من المنتظر ان تبدأ مطلع الأسبوع المقبل بحسب وزير الاقتصاد المخول بهذا الامر فعليًا”.
أضاف بو دياب ردا على سؤال: “عندما ننتقل الى دولرة الأسعار يعني ذلك أن هناك عدم قدرة على ضبط سعر الصرف بالعملة الوطنية ،ما يؤدي الى عدم استقرار أسعار السلع على مدار النهار بسبب تذبذب سعر الصرف وانهيار العملة الوطنية امام الدولار، الامر الذي يجعل التجار في حالة حيره من امرهم في تسعير سلعهم بالعملة الوطنية؛ فيضعون أسعارا إضافية أو ما يسمى هامش أمان لسعر الصرف ،ما يؤدي الى زيادة ارتفاع سعر الصرف فعليًا ،لانه على سبيل المثال-يضيف بو دياب- عندما نسعّر كيلو الأرز بدولار ويكون سعره بالسوق السوداء ستون الفاً يقوم التاجر بتسعيره على دولار بسعر 65 الفا، وبهذه الحالة لا مشكلة لديه بشراء الدولار بسعر 63 أو 64 الفاً، فيزيد الطلب على الدولار بسعر اعلى من السوق الموازي (التضخم الاستباقي)، وهذا يؤدي الى ارتفاع سعر الصرف ايضاً. لذلك يفضل في الازمات أن نجعل سعر الصرف ثابتاً، لكن هذا الامر غير مقدور عليه في ظل غياب الإصلاحات.إن هذا الامر لم يعد نقدياً فحسب، إذ ان الاجراءات النقدية غير كفيلة اليوم بوضع سقف لتحرك سعر الصرف، لانه افلت من يد السياسة النقدية واصبح بحاجة الى إصلاحات أوسع من خلال السياسات المالية، وهذا يحتاج الى توافق في النظام السياسي، أي انتظام عمل المؤسسات غير الممكنة اليوم”. من هنا فان الأفضل الذهاب الى دولرة الأسعار ما يؤدي الى زيادة حدة المنافسة بين المؤسسات فتتوحد الأسعار عند البائع والمستهلك بالدولار، ويمكن للمستهلك ان يدفع بالدولارالأمريكي أو بالليرة بحسب سعر الصرف الذي يجب ان يكون موضوعًا امام الصناديق في المؤسسات، بحسب بو ذياب
يضيف: “ربما هو افضل الحلول في الازمات، وهو ليس حلًا ثابتًا بل هو مؤشر على ان العملة الوطنية أصبحت بدون ثقة مطلقة، وبالتالي من الأنسب للتجار والمستهلكين على حد سواء ان نذهب الى دولرة الأسعار، لكنه يؤكد ان دولرة الأسعار لا تعني دولرة الاقتصاد”.
ويختم الخبير الاقتصادي وعضو هيئة مكتب المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي تحليله بالقول “إن الرواتب وخاصةً القطاع العام ما زالت بالليرة اللبنانية ،وكذلك الدولة ما زالت تصدر العملة الوطنية اذ ليس لها خيار اخر” ، أي أن وضع القطاع العام ومن يتقاضى بالعملة الوطنية اصعب من وضع الاخرين الذين يتقاضون بالدولار، علمٍا أنه لا يحق لاي مؤسسة تجارية ان تفرض على المستهلك ان يدفع بالدولار .