العلامة الخطيب في خطبة الجمعة يدعو الحكومة للإهتمام بإعادة الإعمار والنازحين:ما حدث في الروشة درس لاحترام إرادة الناس والشهداء

الحوارنيوز – محليات
دعا نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب الحكومة اللبنانية “لأن تبدي ادنى الاهتمام باعادة الاعمار والترميم، وبشؤون النازحين من ديارهم ورعايتهم، بدل ان تنزع عن نفسها اي اهتمام بهم، وبدل التلهي بأمور جانبية” .
ورأى في خطبة الجمعة من مقر المجلس على طريق المطار”أن ما حصل في منطقة الروشة في العاصمة بيروت مساء أمس يجب أن يكون درسا وحافزا لكل عين ترى ولكل أذن تسمع ،بأن إرادة الناس يجب أن تُحترم ،مثلما يجب أن تُحترم شهادة الكبار الكبار الذين ضحوا بحياتهم في سبيل الوطن”. ووجه التحية لقيادات الجيش والأمن الداخلي والقوى الأمنية، “على التعاطي الحكيم والعاقل مع هذا الحدث الذي كادت السياسة أن تأخذه إلى زواريب الفتنة”.
واستهل العلامة الخطيب خطبته بقول الله تعالى:
﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾
وقال:ان فرعون شخصا ونظاما، واحد من هؤلاء الذين استغلوا القوة التي امتلكوها الى جانب الشعور بالضعف لدى من تحكم برقابهم والجهل الذي استبد بهم، ما مكنه من الشعور بالقوة والاستعلاء والتحكم بهم واستعبادهم حتى منعهم من التفكير وابداء الرأي وان يقول لهم 🙁 لا اريكم الا ما ارى ) استخفافا بعقولهم وذبحا لابنائهم واستحياء لنسائهم عبيدا يستعملهم في خدمة البيوت، وهي الغاية في الافساد.
وهذه هي النتيجة الطبيعية لهذا النهج الذي تسوقه الغرائز، مهما اختلفت تسمياته والوانه، ولو كان اسمه نظاما ديمقراطيا طالما يعتمد في المبدأ سبيل القوة، ويرى ان البقاء للأقوى. فالاقوى قد يكون فردا يتحكم بشعبه، وقد يكون نظاما يتحكم بالعالم من حوله، فهما نظامان يتشابهان من حيث النتائج والفساد والافساد، طالما أنهما يستندان الى مبدأ حق القوة، ويستبعدان من قاموسهما صاحب القوة الحقيقية، وهو الله تعالى، ولا يحتكمان الى القيم والاخلاق التي من دونها لا عدالة تتحقق في الحياة.
وهل نجد فارقا اليوم بين القوى الدولية المعاصرة التي تتقاسم النفوذ في هذا العالم ، وبين الحكم الفرعوني وغيره من الحكومات المشابهة التي مرت في التاريخ، الا ربما فروق شكلية من حيث التسميات او تعبيرات القوة، من حيث قوة ادوات السيطرة سلاحا او ادواتٍ للتضليل كالإعلام؟
وما هو الفرق بين الغرب المستعمر بالامس وبين الغرب المسمى بالغرب الذي يرفع اليوم شعار الديمقراطية وحقوق الانسان، والتي يضلل بها شعوب العالم المستضعف ويفرض فيها سيطرته احيانا بالقوة الناعمة واخرى بالقوة الخشنة، ويقول لنا بالفعل كما قال فرعون لاهل مصر ( لا أريكم الا ما أرى )؟
وهل ما يفعله الغرب اليوم في بلادنا الا صورة اخرى عن فرعون يقتل ابناءنا ويستخدم شعوبنا ويسلبها حقها في الحياة الهادئة والمستقرة، في افتعاله الفتن والحروب الطائفية والمذهبية، كما يسلبها حقها في التمتع بخيراتها. ولا نحتاج في ذلك الى شواهد اخرى في استباحة بلداننا حيث اصبحت اليوم مكشوفة تماما امامه، يضرب انى شاء وانى أراد، ونحن في مواجهته مُكبّلو الإرادة، ونخاف بعد كل ذلك من اتخاذ الخطوات اللازمة لحماية بلداننا وشعوبنا التي تلقى مزيدا من الاذلال وسحق الكرامة لدولنا وشعوبنا.. فإلى متى هذا الخنوع والاستسلام للأقدار، نستنجد بالأمم المتحدة وقراراتها التي لا تطبق سوى علينا؟.. وهل هذا ما اراده الله لنا ان نكون خير امة اخرجت للناس، فاصبحنا أذل الأمم؟.. ألم يحن الوقت للتوافق بين الدول العربية والاسلامية الاقليمية الكبرى التي يتطلع اليها ابناء الامة لتشكل لهم غطاء يحميهم من هذا الانكشاف، وهي قادرة الان على القيام بذلك؟.. واذا لم يحصل الآن فمتى يحصل؟.. أحين يُطبِقُ العدو على هذه الامة أكثر فأكثر؟
ام انكم ما زلتم تحلمون بالسلام الواهم حتى الآن وبعد كل ما جرى، وتصدقون الغرب واحابيله واكاذيبه وخدعه، والمؤمن لا يُلدغ من جحر مرتين؟
لقد ثبت لكل ذي عينين ان العدو لا يفهم سوى لغة القوة.. وأنا لا ادعو الدول العربية والاسلامية وانظمتها الى شن الحرب الآن، ولكن فلتترك لشعوبنا ان تقاوم، وقد اثبتت المقاومة جدارتها في مواجهة العدو الذي وان بدا انه حقق في الحرب الحالية والمستمرة ،بعض الانجازات التكتيكية، لكنه لم يفلح ابدا في انهاء اي جبهة منها وما زال عالقا فيها لا يرى له منها مخرجا.
فبوركت ايدي المقاومين الذين سطّروا في هذه المعركة البطولات في الصمود رغم ما قدموه من تضحيات كبيرة..
نتذكر اليوم شهداءنا الكبار في لبنان، الامينين العامين سماحة السيد الشهيد شهيد الامة حسن نصرالله، هذا القائد التاريخي الكبير الذي كان حريصا على الوحدة الوطنية وعلى الوحدة الداخلية لكل بلد عربي واسلامي، وعلى الوحدة بين كل طوائف الامة ومذاهبها وخصوصا الإسلامية منها، والسيد الشهيد هاشم صفي الدين.. ونأمل ان تدفع مواقف الدول العربية وبالأخص العربية السعودية الى تعزيزها وشد ازرها كما هو المعهود منها، وكما عبر سفيرها الذي نكن له وللعربية السعودية كل الود والاحترام في مساعدة اللبنانيين على لم الشمل ولأم الجراح واعادة البناء والإعمار للقرى والمدن المهدمة ووقف اعتداءات العدو على لبنان وتطبيق الاتفاق الأخير.
ونأمل من الحكم اللبناني ان يصب اهتمامه في التركيز على تطبيق هذا الاتفاق وتوجيه الرأي العام نحو العدوان الاسرائيلي المستمر، والذي يذهب ضحيته يوميا العديد من الشهداء والجرحى وتدمير البيوت، ومنها المجزرة الرهيبة التي اودت بحياة رب عائلة وعدد من ابنائه الأطفال وجرح زوجته وابنته.. ونسأل الله ان يرحم الشهداء ويشفي الجرحى.
اننا نأمل ان يرتقي الحكم الى مستوى المسؤولية بدل التركيز على ارضاء وتحقيق رغبات المبعوثين الاميركين الذين لا يراعون حتى اللياقات الدبلوماسية، ولم يحققوا للبنان حتى ما ضمنوه بل نفضوا ايديهم منه وخلت تصرفاتهم من الاحترام للبنان وسيادته.
كما ان على الحكومة اللبنانية،بدل التلهي بأمور جانبية ، ان تبدي ادنى الاهتمام باعادة الاعمار والترميم، وبشؤون النازحين من ديارهم ورعايتهم، بدل ان تنزع عن نفسها اي اهتمام بهم، على الاقل شأن النازحين السوريين الذين ترعاهم منظمات الامم المتحدة .
إن ما حصل في منطقة الروشة في العاصمة بيروت مساء أمس يجب أن يكون درسا وحافزا لكل عين ترى ولكل أذن تسمع ،بأن إرادة الناس يجب أن تُحترم ،مثلما يجب أن تُحترم شهادة الكبار الكبار الذين ضحوا بحياتهم في سبيل الوطن. وهنا نوجه التحية لقيادات الجيش والأمن الداخلي والقوى الأمنية، على التعاطي الحكيم والعاقل مع هذا الحدث الذي كادت السياسة أن تأخذه إلى زواريب الفتنة.
ختاما تحية للشهداء القادة شهداء لبنان والعرب والمسلمين الذين ارخصوا دماءهم من اجل قضاياهم، وخصوصا للبنان وسيادته، ووقفوا سدا منيعا امام العدو طيلة ما يزيد عن ثلاثين عاما، وحققوا للبنان ولشعبه العزة والكرامة وتحية لكل الشهداء الابرار وللجرحى ولعوائلهم. ويكفيهم تكريم الله لهم فخصهم بالذكر انهم “احياء عند ربهم يرزقون”



