بكل وقاحة ونجاسة :داعش أرحم منهم !
من الظواهر العسكرية والمدنية المستجدة والفجائية، انبثاق تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام المختصر بِ "داعش". ما إن حضرت كدولة حتى واكبتها موجة اعلامية عارمة مضادة من كل دول العالم، من دون استثناء . كل دولة تتهم الاخرى انها وراء ولادة الدولة المستجدة، لكل دولة حجتها ودليلها ضد الأخرى بان التنظيم اداة تدميرية ضدّها.
المعارضون للنظام السوري يقولون ان النظام اوجد داعش لاضعاف المعارضة، والنظام السوري يقول ان السيدة كلينتون اعترفت ان المخابرات الاميركية وراء التنظيم.
وهكذا دواليك، اتهامات متبادلة، والظريف في الموضوع ان الجميع حضروا لمقاتلة الدولة الفتية ولم يبق احد في هذا العالم الا و"بلّ"يده بهذا التنظيم.كتبوا ونقلوا لنا تاريخه واهدافه وسلوكياته المنحرفة، جرى كل هذا ولم يُسمح لقائد من التنظيم ان يخرج على الاعلام ليخبرنا قصته وليدافع عن الاتهامات العالمية الموجهة ضد التنظيم.
لم يصلنا عن التنظيم الا تفننه بالاعدامات و اساليبه في قمع النساء وتهديداته ضد الاقليات الدينية، فهل هذه هي الحقيقة الموضوعية عن "داعش".
ولدت داعش وعاشت وحاربت وشغلت الناس وماتت ولا نعرف لغاية الآن من تكون داعش؟!
أريد لداعش ان تكون استمرارية لوحشية الانسان في التاريخ ،كما تمّ اختصارها بلا أخلاقيات البشري القديم التائه على ارجله الاربعة في الغابات قبل ان ينتصب لقطف الثمار عن الاشجار…
داعش لم تكن الا حركة ارتدادية لسيرورة الحضارة نحو زمن يظنونه جميلا وعادلا كتعبير عن رفض وتمرد ومواجهة واصطدام مع تطور التكنولوجيا العالمية السريعة وما اسفر عنها من تبدلات اجتماعية ونفسية وعقائدية وفكرية مستوردة و غريبة عن شعوب المنطقة.
لا بأس.
ها داعش انتهت واسدل الستار عليها.
فلماذا هذا العالم المتحضّر ، صاحب التكنولوجيا العظيمة والافكار الفضائية الخارقة وصاحب مبادىء حقوق الانسان والمبشّر بالحريات يتدعشن اكثر بكثير مما نسبه للدولة الفتية من دعشنة!
من يكون داعشيا اكثر وخطرا على الاخلاق الانسانية اكثر: ابو بكر البغدادي ام الرئيس دونالد ترامب؟
ما الفرق بين اعدام بالنار حرقا او بالماء غرقا اوقطعا للراس بالسيف وبين اعدام بكرسي كهربائية ودخان يتصاعد من انف ومن عيني معدوم يرقص تشنجاً من الالم حتى الموت!؟
هل هناك جريمة جميلة وجريمة بشعة؟!
من يكون داعشيا اكثر : من يظهر على الشاشات معتزًا بنفسه كيف"شبّح" على ملك السعودية بمئات المليارات من الدولارات و من يطالب العراق الجريح بتعويضات و من ينقل اساطيل جيوشه من بحر الى محيط الى خليج ليقاسم الشعوب المغلوبة على امرها نفطها وغازها و أموالها، او من كانت تهمته اعادة رسم خارطة جغرافية البلاد الى ما كانت عليه قبل توقيع سايكس وبيكو؟.
ما الفرق بين تعدد زوجات في صحراء وفي قبائل وتعدد "الصاحبات"و "الخيانات"في المدن وبين المتمدنين؟
من يكون داعشيا وخطرا اكثر على الإنسانية: من تسبب بدمار ليبيا وسوريا والعراق واليمن وهيروشيما و ناغازاكي سابقا ويود حاليا تدمير ايران وحاول سابقا سفك الدم في مصر وفي تركيا، ام مقاتلون لداعش ملتحون ،ميتون، مقتولون ،باجساد متحللة وسط الصحراء لا يجمعهم لباس عسكري موحد وينتعلون شحاحيط (جمع شحاطة)ممزقة في اقدامهم ولا يضعون خوذات على رؤوسهم لتحميهم من الرصاص ؟
من يكون داعشيا اكثر: عالِم الفيزياء النووي وعالِم الكيمياء التدميرية ومصنّع الصواريخ المجنحة وعالِم الحاسوب والهاتف المحمول اي اصحاب العقول الالكترونية المتطورة الذين يصفقون لحماقات ترامب وجونسون ونتنياهو العسكرية والتوسعية والناهبة لخيرات الشعوب من اجل رفاهية شعوبها ،ام شعوب تحلم بالاستقلال والاكتفاء الذاتي لتأكل ولتشرب ولتعيش بحدّ ادنى من الكرامة ولا مصبّر لها على البؤس وعلى الحرمان وعلى نتاج الرأسمالية المتوحشة والاستبداد العالمي غير الله تشكوه همّها وتدعوه ان يبعد عنها الضربات والمصائب وان يعوض لها دنياها التعيسة بآخرة متواضعة؟
بوقاحة و بغرابة وبكل نجاسة ودناءة، دفاعا عن داعش، داعش لو حكمت لكانت ارحم منهم حتماً، فمن يكون داعش الحقيقي؟!!!
امراء المال وامراء الدم وملوك السلطة والسلاح، المختبؤون في "عين الاسد" وفي اذن العنصري الانجليزي وفي انف الحمار الصهيوني، اعداء الشعوب، هم الداعشيون مهما اختلفت التسميات.