بقعة ضوء وبريق أمل ..وتحية لأهلنا (أحمد عياش)
د.أحمد عياش – الحوار نيوز
كي لا يُقال اننا لا نجيد غير النقد والمبالغة في طرح حلول جذرية ،وكي لا يُقال اننا خونة بيئتنا واهلنا وناسنا لا نتقن الا جلد انفسنا واتهام بعضنا البعض لاحباط العزيمة.
كي لا نبرر للاحمق حماقته ولا للحاقد حقده ولا للمتذاكي غروره ،فإننا قررنا مدح شعبنا للحظات قبل ان نعود لاستفزازه.
اقول الحق،
لو كانت الفاجعة التي نعيشها في اي بلد اوروبي غربي او شرقي لصعقتنا الوحشية الانسانية وعكس ما يظن البعض ان الرقي والتحضّر يمنعان الانزلاق الى التوحش.
لو عاش الالماني عشرة بالمئة من مأساتنا لشاهدنا رجلا آخر ولشاهدنا امرأة المانية مختلفة.
يقولون طوابير السيارات امام محطة الوقود تزداد في اوروبا.
لا يستطيع اي شعب اوروبي تحمّل تبعات افلاس دولة واحتقار قيادة لشعبها وانهيار عملة وطنية وارتدادات فساد في كلّ مكان في مرافق القطاع العام والقطاع الخاص.
لا يستطيع حتى الانكليزي ان يبقى بليدا في سلوكياته إن تعرّض للضغوطات التي يعيشها اللبناني ولو لمدة شهر واحد.
ستدخل اوروبا تجربة التقنين الكهربائي والارتفاع النسبي للأسعار ،وسنرى وسنتفاجأ كم ستزداد نسب الجرائم وكيف سيتحول الراقي الى مشمئز ،وكيف سيتبدل الحضاري الى عدواني ومتوحش يطالب بالحرب من اجل الحفاظ على رفاهيته.
بوتين ليس شيطان القرن الواحد والعشرين ،انما هم يدفعون به ويستفزّونه الى اقصى الحدود ليتشيطن وليخطىء وليتسرّع وليتدهور وليستخدم مواد محرمة واسلحة دمار شامل.
كأن هناك قرارا جهنميا بالموت الجماعي.
لم يقع الصقيع بعد ولم تصل فواتير الكهرباء للفرنسيين والايطاليين بعد، ولم يتغير نمط الحياة اليومي بعد وارتفع الصراخ والغضب ليفقد المتزنون اعصابعهم في الاعلام قبل ان يفقدوا عقلهم في الشارع.
اوروبا ستتلبنن وتتسورن وتتعرقن وتتيمن قريبا.
هو كأس واحد، يمرّ على الجميع.
سترون إن حلّت العتمة لليلة واحدة في روما او في برلين او في مدريد او في لندن او في باريس ماذا سيحصل؟
سيفاجئكم ارتفاع معدلات السرقة والاغتصاب والسطو والقتل.
فقدان الاخلاق على موعد قريب.
كل الشعوب تتشابه ان مسّ احد برفاهيتها.
سنرى كيف كانوا القانون والقوة والضوء يسهمون في الحفاظ على الامن النفسي للاوروبيين.
اقول الحق،
مع الظروف المعيشية الصعبة والمستحيلة التي يعيشها شعبنا ،من المفترض ان تسيطر العصابات الاجرامية على الشوارع وان نجد عند عتبة كل مبنى قتيلا او قتيلة، وان تختفي عجلات كل السيارات وان تكسّر كل واجهات المحلات بهدف السطو وان يهرب كل اصحاب المصارف وناهبي المال العام من البلاد .
لا نقول هذا لاننا افضل من الاوروبي،لا،نقول اننا متشابهون وفق الظروف والشروط.
ان البؤس الذي نحن فيه لا يتناسب ابدا مع الميول الاجرامية التدميرية لاهلنا رغم القهر ورغم انتشار الموت المفاجىء.
حتى نسبة الانتحار ما زالت ضمن الارقام المتدنية عالميا.
الظروف المستحيلة في لبنان غير متناسقة بالاحجام مع سبل الهجرة والاجرام.
ما زال الانضباط موجوداً و لم.تحضرالفوضى بعد.
يبدو انها لن تحضر.
توازن الرعب منع الفوضى.
العنف الشرعي والقانوني عبر الامن والقضاء الاوروبي يضاف اليهما الحد الادنى من مقومات العمل والعيش يساهمون في ضبط عدوانية الاوروبي ،فإن احس الاوروبي بانخفاض وبخسارة ضمانات رفاهيته ولو بنسبة عشرة بالمئة من بؤس لبنان او سوريا او العراق او اليمن او ليبيا فإننا سنشهد تحولات فظيعة وسريعة في شخصية الاوروبي .
رغم كل المجازر المالية والدموية والاخلاقية في لبنان ما زالت الاضطرابات النفسية تحت السيطرة، بينما الان وفي اوروبا وفي مناخ السلام تعجّ المستشفيات واقسام الطوارىء بالحالات النفسية الطارئة والمزمنة المتعثرة رغم كثرة المستشفيات النفسية المختصة ورغم توفر الدعم الاجتماعي للمضطربين.
ما زالت نسبة تعاطي الكحول والمخدرات في اوروبا اعلى رغم السلم والاستقرار ،فكيف ان عاش الاوروبي عشرة بالمئة مما يعيشه اهلنا منذ عشرات السنين؟
بقعة ضوء وبريق امل وتحية لاهلنا.
كفى.
وغدا هجاء وغدا نقد.
اليوم خمر وغدا امر*.