بعد قرار المحكمة العراقية: “الإطار التنسيقي” أمام مسؤولية تشكيل الحكومة (جواد الهنداوي)
د. جواد الهنداوي* – الحوارنيوز- خاص
لم يكْ قرار المحكمة الاتحادية العليا، الصادر بتاريخ ٢٠٢٢١٩/٧، والقاضي برّد دعوى حّل مجلس النواب مُفاجئاً. جاء القرار متطابقاً مع الاحكام الدستورية والقانونية ، وجاء مُعبراً عن موقف رفض المحكمة اتخاذ قرار تراعي، بموجبه ، الظروف السياسية وعلى حساب الاحكام الدستورية والقضائية . حافظت المحكمة بقرارها على هيبتها ومكانتها، وعلى ما تبقّى من هيبة ومكانة الدولة والقانون .
القرار سيكون بداية حكم دستوري، موفّق جداً ، و سابقة دستورية مفادها : ” لا تسييس لقرارت المحكمة مهما بلغت حالة الانسداد السياسي ” . القضاة لا يحّلوا محل السياسيين والنواب في أداء واجباتهم وحّل مشاكلهم . مصلحة الدستور ومصلحة الوطن ومصلحة الشعب اهم من مصلحة السياسيين!
برّرت المحكمة قرارها بثلاث حُجج قائمة على المادة ٦٤ والمادة ٩٣ من الدستور ، شكّلت هذه النصوص اساس القرار او الحكم ، كما اجتهدت المحكمة في ارسال رسائل عديدة ، وفي تبني عبارات لها دلالاتها واثارها الدستورية البليغة ، والتي ،هي في الحقيقة ، مبادئ دستورية ، ينبغي الترويج لها وتكرار ذكرها حتى يستوعبها النائب والسياسي والمواطن. مِن هذه العبارات ،على سبيل المثال :” وحيث ان اعضاء مجلس النواب ، بعد انتخابهم ،اصبحوا لايمثلون انفسهم ولا يمثلون كتلهم السياسية فقط ، وانما يمثلون الشعب …” .كما اشارت المحكمة الى تقصير مجلس النواب ” حين ذكرت: ” مجلس النواب لم يقمْ بواجباته الدستورية بخصوص تشكيل السلطات التنفيذية بشقيها رئيس الوزراء و رئيس الجمهورية بسبب الخلافات السياسية … مما اثّر وبشكل كبير على مصالح الشعب”.
لم تمّرْ المحكمة الاتحادية في قرارها ” مرور الكِرام ” على ما يريده و ما فعله التيار الصدري ، حيث ” رمتْ حجاره في حديقته” مثلما يقول ” مثل فرنسي ” حين ذكرت : ” أنَّ الاختلافات بين مؤسسات الدولة او الكتل النيابية لا تُحسمْ بفرض الرأي الآخر ، بل عبر المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية الفاعلة …”
دعا القضاة في قرارهم مجلس النواب للقيام بواجباته تجاه الشعب والوطن ، ومن اهم تلك الواجبات قيامه بتشكيل السلطة التنفيذية بشقيها ( رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية ) . اليوم ، وبعد قرار المحكمة ،لم يعدْ من عذر لمجلس النواب لتفسير تأخّره في عقد جلسة لتسمية رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ، وعلى عاتق الكتلة البرلمانية الاكثر عدداً تفعيل الخطوات الدستورية اللازمة لتشكيل السلطة التنفيذية.
إنّ ايّ تأخير في مبادرة الكتلة النيابيّة الاكثر عدداً لتسميّة مُرشحها والاسراع في عقد الجلسة للتصويت عليها، ومنحه الثقة يعتبر تقصيرا وخطأ نيابيا ويُعدْ امراً مخالفاً لقرار المحكمة .
ذكرت المحكمة و بصراحة أنَ التاخير في تشكيل السلطة التنفيذية هو اضرار في مصالح الشعب وفي أمن واستقرار ومكانة الدولةً. يمكن للكتلة النيابية الاكثر عدداً الضغط على الكتل النيابية الأخرى من اجل الاسراع في تسمية رئيس الجمهورية، والتصويت على رئيس مجلس الوزراء.
*سفير عراقي سابق ورئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات- بروكسل