كتب حلمي موسى من غزة:
تكاد الحلبة السياسية الاسرائيلية تنفجر داخليا من فرط ما تعاني من مشاكل فاقمتها الحرب. والى جانب المشكلة الاقتصادية التي تزداد عمقا جراء تكاليف الحرب الباهظة والاضطرار الى تكييف ميزانية العام المقبل وربما اعوام اخرى معها ،هناك المشاكل السياسية.
ومعروف ان حكومة نتنياهو الحالية الاصلية قبل ان ينضم لها حزب المعسكر الرسمي بزعامة غانتس ،كانت تستند الى ائتلاف الليكود مع غلاة المتطرفين في حزبي سموتريتش وبن جفير، اضافة للاحزاب الحريدية. وقد انهك هذا الائتلاف الطامح الى ترسيخ نفسه المجتمع الاسرائيلي في حمى ما عرف بالاصلاح القضائي. وهدد هذا الاصلاح بوضع اسرائيل على حافة الحرب الاهلية، لأنه كان يحاول تكريس اسرائيل كدولة يهودية على حساب ديمقراطيتها. وكان يريد اخضاع القضاء للسياسة عبر تغليب الكنيست على القواعد الاساسية للحكم الديمقراطي، بما يمس بالحقوق الاساسية للافراد والجماعات. وزاد الطين بلة مسيرة الفاشية التي وصلت ذروتها في سن قانون القومية الذي يجعل المواطنين العرب في درجة ثانية او ثالثة في سلم المواطنة.
وفي هذه الظروف جاء طوفان ٧ اكتوبر فوضع الجميع امام مهمة بالغة الصعوبة، وهي مواجهة الوضع المحلي والاقليمي والدولي الجديد. وكانت هناك حاجة لادارة الحرب بوجه مقبول على الاقل امريكيا، فتم ضم المعسكر الرسمي للحكومة بدور مركزي في كابينت الحرب. وادار هذا الكابينت الحرب في ظل صدام متواصل مع ما يعرف بالكابينت السياسي الامني الموسع الذي يضم الى جانب كابينت الحرب ايضا حزبي سموتريتش وبن جفير.
وكانت الصدامات تتعمق على الدوام بين حزب غانتس والحزبين المتطرفين، وخصوصا في كل ما يتعلق بتكييف النفس مع المطالب الامريكية بشأن الحرب.
وكثيرا ما ظهرت الخلافات العميقة في الحكومة الى السطح لدرجة استدعت الرئيس الامريكي لمطالبة نتتياهو بتصحيح ائتلافه الحكومي واخراج المتطرفين منه.
لكن امريكا والجميع كانوا يعلمون ان نتنياهو في جوهر سلوكه يساند اليمين المتطرف، وانه غالبا يستخدمهم لمصلحته. بل تزايدت التأكيدات حتى لدى الامريكيين بأن نتنياهو معني باطالة الحرب لاسباب شخصية وحزبية. وانه يريد قدر الامكان ابعاد الانتخابات عن ٧ اكتوبر وعواقبها.
وبات واضحا ان الواقع السياسي في اسرائيل يعجز حاليا عن احداث التغيير المطلوب، طالما بقي نتنياهو على رأس الحكومة في ظل وضع ليس بالوسع فيه الذهاب لانتخابات عامة اثناء الحرب.
وبدأت تلقى ،يمينا ويسارا، افكار لتشجيع عدد من قادة الليكود لتحدي نتنياهو وتفكيك الائتلاف الحالي وتشكيل بديل آخر له ولو بشكل مؤقت.
ويوم امس نشرت معاريف خبرا افاد بوجود اتصالات في اوساط الليكود للانقلاب على نتنياهو وتشكيل حكومة بديلة لمدة عامين يمكنها ادارة مفاوضات لانهاء الحرب واعادة الاسرى والتوصل الى تسوية سياسية من دون الاضطرار لاجراء انتخابات جديدة.
وكان زعيم المعارضة يائير لبيد قد اعلن في الماضي استعداده للعمل تحت اي مرشح عدا نتنياهو ينجح في جمع اغلبية في الكنيست.
ويقال ان المفاوضات بين قادة الليكود وزعماء المعارضة فشلت بسبب اصرار الليكود على ان تكون الحكومة البديلة لعامين وليس لعام واحد كما يطالب رجال لبيد والمعسكر الرسمي.
وقد تكثفت الاتصالات للتوصل الى حكومة بديلة بسبب المحاولات المتعثرة لاقرار ميزانية عامة والخلافات الشديدة حولها. ومعروف ان مناقشة الميزانية العامة تأجلت بعد ان هدد وزراء بالتصويت ضدها في الكنيست.
في كل حال يشهد خبر معاريف عن ضيق الليكود بقيادة نتنياهو واستعداد الكثيرين فيه للتفلت منه، اذ ان استطلاعات الرأي الاخيرة تفيد بأن ٤٢ % من الاسرائيليين يرون ان بيني غانتس انسب من نتنياهو لرئاسة الحكومة، ولم يحظ نتنياهو الا ب ٢٩% فقط. كما ان حزب غانتس ينال في الانتخابات لو جرت هذه الايام ٣٣ مقعدا مقابل ٢٠ الى ٢٢ مقعدا لليكود. والاهم انه لو جرت انتخابات الان لخسر اليمين الحكم بنسبة كبيرة.