الحوارنيوز – صحافة
تحت هذا العنوِان كتب نبيه برجي في صحيفة الديار يقول:
ما أظهرته الأشهر الأخيرة، أن الأميركيين يخافون على “اسرائيل” أكثر مما يخاف “الاسرائيليون” عليها. وإذا كانت أميركا، كأمبراطورية “فوق التاريخ”، تخشى أن تغرق في وحول وفي نيران الشرق الأوسط، كيف يمكن للدولة العبرية بإمكاناتها البشرية والجغرافية المحدودة، أن تجازف بحرب تفتح عليها أبواب جهنم، مع اعتبار أن اللجوء الى الخيار النووي يعني نهايتها الحتمية؟
جو بايدن أمر حاملة الطائرات “جيرالد فورد”، بمواصفاتها الأسطورية، بالعودة الى قاعدتها في فرجينيا، بعدما كان بنيامين نتنياهو قد هدد، لدى وصول الأرمادا الأميركية الى المتوسط بتغيير الشرق الأوسط، بمساعدة هذه الأرمادا التي كانت تضم 4 غواصات نووية.
بعد أيام من مغادرة حاملة الطائرات، أعلن السفير الايراني في دمشق حسين أكبري أن بلاده تلقت رسالة من واشنطن، عبر دولة خليجية لـ “حل المشكلة في المنطقة برمّتها، وليس فقط لحل جزئي للصراع”، ما يعني تلقائياً حل الأزمات الأخرى الناتجة من الأزمة ـ الأم، سواء في لبنان أم في سوريا.
السفير لم يوضح ما كان رد حكومة بلاده، وان كان مجرد الإعلان عن ذلك يعني الموافقة. خصوم أو أعداء إيران، يعتقدون أن آيات الله يؤثرون الصراع على التسوية لتكريس تمددهم الجيوسياسي في عمق المنطقة، في حين أن الحلفاء يتوجسون من أي صفقة تكون لها تداعياتها السلبية عليهم.
الطرح الأميركي هو الأول في شموليته. الدافع الى ذلك لم يكن قطعاً بالدافع الطوباوي. الادارة لاحظت من واقع الأرض مدى هشاشة “اسرائيل”، بموازاة اصرارها على الرهانات المجنونة، وهي التي استنزفت حتى العظم فوق مساحة محدودة ومحاصرة، وخالية من أية تضاريس طبيعية. ولولا المساعدات الأميركية اليومية لتحولت غزة الى مقبرة لتيودور هرتزل وسائر ورثته …
ما يستشف من التعليقات الأميركية أن أنتوني بلينكن في زيارته “تل أبيب”، لم يحمل معه كلاماً أميركياً فقط، بل كلاماً يهودياً أيضاً، بأن استمرار الصراع ليس من مصلحتها على الاطلاق. السلام ينبغي أن يكون خيارها الاستراتيجي، وحتى خيارها الوجودي، بعدما بدا جليّاً مدى التغير الذي حصل في الرأي العام العالمي، بما في ذلك الرأي العام الأميركي، حيال القضية الفلسطينية.
في الظل، الادارة الأميركية تعتبر أن إيران كانت حتماً وراء عملية طوفان الأقصى لقطع الطريق على مسار التطبيع بين السعودية و”اسرائيل”، الذي إذا حصل يؤدي الى تغيير دراماتيكي في المشهد الاستراتيجي للشرق الأوسط، وحتى تجاوز الحدود الكلاسيكية للشرق الأوسط.
هل يعني ذلك أن الأميركيين قرروا ابدال سياسة الدخول الى الأزمة من الأبواب الخلفية، للقيام بعملية ديبلوماسية متعددة الأبعاد، وتشارك فيها كل من إيران وتركيا، بحسب ما ألمحت صحف تركية غداة زيارة بلينكن لأنقرة ولقائه رجب طيب اردوغان؟
لكن الولايات المتحدة دخلت في السنة الانتخابية بكل ضبايتها وبكل احتمالاتها، في ظل التدني الصارخ في شعبية الرئيس الأميركي. كيف له في مدة محدودة، اختراق كل ذلك الركام الايديولوجي والتاريخي في الشرق الأوسط؟ المسألة تحتاج الى تسونامي ديبلوماسي يحمل أطراف الصراع على تقديم تنازلات “شاقة” لتحقيق السلام في منطقة عرفت الصراع من زمن قايين وهابيل …
وإذا كان قد مضى وقت طويل على رؤية وزير خارجية أميركية في بيروت، فإن المبعوث الأميركي آموس هوكشتين الذي يبدو أن يمسك بالملف اللبناني – “الاسرائيلي”، يدرك أن المشكلة في “تل أبيب” لا في بيروت التي يحق لها أن تبدي اقصى حالات الحذر حين تتابع الأهوال التي تقوم بها حكومة نتنياهو في غزة، مع انتهاك مروع لكل المعايير الأخلاقية والقانونية عبر التاريخ.
ثمة كلام في الكواليس حول اقتراح بمرابطة قوات دولية (خارج نطاق القبعات الزرق)، على جانبي الحدود؟
لنتذكر أن باراك أوباما أبرم عام 2015 الاتفاق النووي مع إيران، حتى إذا حل دونالد ترامب محله ألقى بالاتفاق الى القطط (ستيف بانون). ماذا إذا عقدت التسوية الكبرى قبل نهاية هذا الصيف، وعاد الرئيس السابق الى المكتب البيضاوي؟ التسوية التي هي رهان جو بايدن على الخروج من تحت الأنقاض في غزة؟
النتيجة… بطة عرجاء تسوية عرجاء!!