رأي

طوفان الاقصى 63..وعظمة الفدائي (أحمد عياش)

 

د.أحمد عياش – الحوار نيوز

تبلغ مساحة مدينة رفح حوالي 63 كم مربع، اي حوالي 20%من مساحة قطاع غزة البالغة حوالي 365 كم مربع. وللتوضيح اكثر فمساحة مدينة بيروت من دون الضواحي تبلغ 19 كم مربع، اي ان مساحة رفح توازي تقريبا بين ثلاثة إلى اربعة أضعاف مساحة العاصمة اللبنانية.

 جيش العدو الاصيل الذي يحتلّ المرتبة السابعة عشرة في تصنيف أقوى جيوش العالم يحاصر مدينة يسكنها اكثر من مليون شخص، ومساحتها تقريبا تساوي مساحة عاصمة كيانه تل أبيب .

جيش العدو الاصيل الذي حارب مصر وسوريا مجتمعتين في سنة 1967 وسنة 1973 ،مضى عليه سبعة أشهر وهو يقاتل فدائيين فلسطينيين في مجموعات قتالية لا يسمّيهم أحد في علم العسكر جيشاً .فدائيون هرّبوا اسلحة من الخارج المُراقَب والمحاصِر لقطاع غزة وصنعوا سلاحهم ومتفجراتهم و طوّروا قدراتهم بأنفسهم، وكان اعتمادهم الجوهري على الشجاعة وعلى الإيمان، بينما جيش العدو الاصيل يبيع اكثر الأسلحة تطوّراً لكثير من دول العالم ويمتلك الطائرات الحربية الأكثر تطوّرا.

عندما تنقل الاخبار معلومات عن حرب بين العدو الأصيل والفدائيين، تظلم وتشوّه الوقائع، إذ لا يوجد طرفان ولو شبه متكافئين عند طرفي الجبهة، بل فدائيون بأسلحة بدائية محاصرون منذ ولادتهم وممنوع عنهم الماء والوقود والدواء منذ وعيهم للحياة، وبين دولة قوية تُقاس وتقارن بدول شبه عظمى .

في الحقيقة هناك مظلوم وضعيف من ناحية، ومن ناحية أخرى ظالم وشرس .

الذي يحصل ليس غير اعتداء وحوش  على ابرياء وفدائيين يدافعون عن اهلهم.

كلمة حرب لا تجوز ..

عظمة الفدائي أنّه ما زال يملك قراره بقول “لا” أمام كل التهديدات الممزوجة بالاغراءات، وأنه ما زال يرفض شروطا يعتبرها غير ملائمة لحقوقه، وكأنّه هو القوة العظمى التي تستمدّ قوّتها من واشنطن ومن باريس ومن لندن ومن برلين ومن كامبيرا، بينما العدو الأصيل موعود بدعم من محور كل عواصمه فقيرة وبائسة وحتى مفلسة اقتصاديا ومتهرّب من المواجهة، وجلّ طموحه قرارا لوقف إطلاق النار.

عظمة الفدائي الفلسطيني أنّه يستمد قوته، ليس من الجغرافيا العربية والاسلامية ومن اهل السنّة والجماعة، بل انه محاصر من جيش العدو الاصيل ومن صمت جيش مصر ومن تعاون جيش الأردن، اي ان قوّته لا يستمدها أفقيا، بل عاموديا من الارض إلى السماء ومن السماء إلى الارض.

لولا الفدائي اللبناني الشهم والفدائي اليمني الشريف، لكتب التاريخ عبارة “..وقد قاتل الفدائي الفلسطيني لوحده يتيماً ومحاصرا ومظلوما ولم ينجده احد..”.

اهمّ ما في حكاية الصمود نُصرة فدائيين من طائفة مختلفة عن طائفة الفدائيين الفلسطينيين، ونحن لا نذكر ذلك غمزاً ومحاولة للطائفية بل ردّاً ضد من مزّق الأمة طوائفياً.

عندما تبرز علامات وحدة الناس بمختلف اطيافهم يصمت الإعلام ولا يتحدث عن مآثر البطولة، وعندما تنجح الفتنة بين الناس يكثر الكلام عن بدعٍ وعن خرافات.

لا فدائي كالفدائي الفلسطيني المغوار، ولا غدّ مشرق الا من فلسطين.

المجد للفدائيين..  

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى