بايدن يطالب «حماس» بمساعدته انتخابياً وبترايوس يقود معركة «العمليات الجراحية» |
وقائع من غزة: لا شيء يقول بوقف قريب للحرب
الحوارنيوز – صحافة
تحت هذا العنوان كتب إبراهيم الأمين في صحيفة الأخبار يقول:
يبقى بنيامين نتنياهو أكثر صدقاً ووضوحاً من جو بايدن، بل أكثر صراحة من الوسطاء العرب الذين يدفنون رؤوسهم في الرمال، ويواصلون الضغط على المقاومة للسير بالخطة – الخدعة المطروحة على الطاولة. وقد صدق نتنياهو، ليس في مواقفه المعلنة برفض وقف الحرب فقط، بل بكل ما يرد من غزة ومن حولها من أخبار عن إجراءات ميدانية لقوات الاحتلال، وعن خطط تُعدّ بالتعاون مع كبار جنرالات الجيش الأميركي، وعن تواطؤ عرب أميركا في محاصرة غزة، والدفع نحو فتنة فلسطينية – فلسطينية. حتى اللحظة، قادة العدو غير قادرين على الإقرار بالفشل، ويتصرفون على أساس أن مهمة سحق المقاومة تسير جيداً، وأنهم يحتاجون إلى مزيد من الوقت لإنجازها. ويرفض هؤلاء، من عسكريين وسياسيين، أي ملاحظة أو نقد لما يقوم به جيشهم. ويعتبرون أن التقييم الأميركي ليس علمياً أو واقعياً، وأن مواصلة العمليات في كل مناطق القطاع هي السبيل لفرض الشروط على الفلسطينيين، بل ويتحدثون عن أنهم أخطأوا بعدم اجتياح رفح منذ بداية الحرب، ويعوّلون كثيراً على نتائج هذه العملية.
آثار الصواريخ الموجّهة في منصة دفاع جوي من «القبب الحديدية» التي استهدفتها المقاومة في قاعدة راموت نفتالي في الجليل الفلسطيني المحتل
تتصرف قوات الاحتلال، الآن، على أنها مسؤولة عن إعادة تنظيم الوضع على كامل شريط الحدود بين مصر وغزة، وترفض البحث في أي ترتيبات خاصة، وتبدي استعداداً لإدخال المساعدات عبر معابر أخرى، ككرم أبو سالم وإيرتز وزيكيم في المنطقة الشمالية، وتعتبر أن الحصار الفعلي على القطاع يبدأ بإقفال الحدود كاملة مع مصر. وفي الوقت نفسه، يدير العدو عملية واسعة لتثبيت نقاط تموضعه الجديدة على طول خط نيتساريم الفاصل بين شمال القطاع وجنوبه. وتشير أشغال البنى التحتية الجارية في المنطقة الوسطى، وعمليات التدمير والتجريف المستمرة لكل المحيط السكني على جانبي الممر، إلى أن العدو لا يفكر في الخروج من القطاع قريباً.
ولا يتوقف الأمر على ذلك، إذ تكشف المعطيات عن وصول القائد العسكري الأميركي السابق في العراق الجنرال ديفيد بترايوس إلى تل أبيب، ومشاركته مع ضباط عملوا معه في حرب تدمير العراق، في اجتماعات مع الضباط الأمنيين والعسكريين لقوات الاحتلال العاملة في غزة. وبترايوس الذي فرّ من العراق تحت ضربات المقاومة، يعرض على ضباط العدو تصوّراً لبرنامج جديد من العمليات استناداً إلى تجارب الجيش الأميركي في مدينتي الموصل والفلوجة. وهو قدّم نصيحة للإسرائيليين، باعتماد استراتيجية «العمليات الجراحية» التي تقضي بالعمل على الفصل التدريجي بين السكان والمقاتلين، ثم العمل على تصنيف المدنيين بين معارضين لحماس ومؤيدين لها، قبل نقل الجميع إلى «قرى المهجرين» في المنطقة الغربية من جنوب القطاع، حيث يجري بناء إدارة مدنية بديلة عن حماس، بينما تواصل القوات العسكرية عملياتها في كل منطقة يوجد فيها مقاومون.
وإلى ذلك، ثمة أدوار قذرة تقوم بها أطراف عربية وجهات عاملة في الحقل الأممي، لتوفير مناخ مساعد لمعركة الاحتلال ضد المقاومة. في مقدّم هؤلاء، قادة دولة الإمارات العربية المتحدة الذين يتولون تمويل كل «العمل الإنساني» الخاضع لإدارة الاحتلال، إذ يوفّر حكام أبو ظبي التمويل لشراء شحنات المساعدات الآتية من داخل الكيان ومن مصر وتلك التي نُقلت عبر الرصيف البحري العائم الذي قرر الجيش الأميركي معاودة العمل فيه غداً، إضافة إلى استضافة أبو ظبي مسؤول ملف المناطق الفلسطينية في جيش الاحتلال الضابط غسان عليان، وفتح الأبواب له لإجراء اتصالات وعقد اجتماعات مع قيادات وشخصيات فلسطينية من خصوم حماس، لا تقتصر فقط على جماعة القيادي الفتحاوي المنشق محمد الدحلان، بل تشمل تواصلاً شخصياً مع عائلات من قطاع غزة، يراهن العدو – ومعه الإمارات – على أن قبولها العمل معه في مشروع الإدارة المدنية البديلة لحماس. أضف إلى ذلك، تولي عليان إدارة عملية أكثر خطورة تهدف إلى عدم مرور برامج المساعدات عبر الأمم المتحدة، ومواصلة المعركة للإجهاز على وكالة «الأونروا». ويبدو أن عليان يتلقى أيضاً دعم موظفين بارزين في جهاز الأمم المتحدة العامل في غزة، وبينهم من يعمل في القسم السياسي مثل الثنائي طور ويسلاند وميروسلاف زافيروف، ومنسّقة برنامج الإعمار سيغريد كاخ التي تُفتح لها وحدها أبواب مكتب رئيس حكومة العدو، وتحظى بدعم خاص من الإمارات، إضافة إلى عاملين في «الحقل الإنساني». وكل هؤلاء يساعدون إسرائيل من خلال الإقرار بشروط العدو لكيفية إدارة برامج المساعدات أو حتى التصورات الخاصة بالإدارة المدنية البديلة عن المقاومة.
الإمارات تموّل ومصر تصمت عن خطة إسرائيلية لإثارة فتنة بين أبناء غزة للضغط على المقاومة
أما في مصر التي أُحرج مسؤولوها جراء ما فعله العدو في رفح، فلم يحصل تبدّل نوعي في الموقف. صحيح أن المصريين يرفضون طلبات العدو إدخال قوات إسرائيلية إلى منطقة سيناء لفحص ما يقولون إنها «أنفاق عُثر على مداخلها في رفح الفلسطينية»، لكنهم يقومون بكل ما يلزم لشد الخناق على القطاع. فبعد إقفال معبر رفح بحجة احتلال العدو له، رفض المصريون ممارسة أي ضغط لنقل كميات من المساعدات المكدّسة في منطقة العريش إلى داخل القطاع. بل عمدوا إلى مزيد من التضييق على أبناء القطاع، ومنع كل أنواع التحويلات المالية التي يحتاج إليها هؤلاء لتسيير أمورهم، واقتصرت التسهيلات التي قدّموها على من يرون فيهم الأقرب إلى شروطهم، بما في ذلك المشاركة في نقاش مع الإسرائيليين والأميركيين حول اختيار ما يعتبرونه البديل العملي عن حماس في غزة، خصوصاً في منطقة رفح. علماً أن القاهرة سبق أن طلبت من قيادة حماس وضع تصوّر بديل لإدارة المعبر للبحث فيه مع الإسرائيليين والأميركيين، إلا أن رئيس حركة حماس إسماعيل هنية أبلغهم شخصياً بأن لا بحث قبل خروج قوات الاحتلال من المعبر، وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل اجتياحه.