“باص التطبيع” يجول على الطوائف… فمن يوقفه؟(نسيب حطيط)

د.نسيب حطيط – الحوارنيوز
تتزايد الضغوط الأميركية على لبنان، دولة وطوائف وأحزابا وشخصيات ووسائل اعلام، للإنصياع لأوامرها والإنضمام لمسيرة التطبيع والسلام مع العدو، بالترهيب والترغيب وتحت القصف العسكري والإقتصادي والمالي ،لإقتناص الفرصة قبل فواتها والتي فشلت قبل 40 عاماً عند الإجتياح الإسرائيلي عام 82 وإسقاط اتفاق 17 أيار. وفي حال فشلت المحاولة الأميركية الآن، فستنتظر أميركا 40 عاماً او أكثر للمحاولة الثالثة.
كانت قوى المقاومة درع لبنان، لحمايته من التطبيع والسلام مع اسرائيل على المستويين الميداني والسياسي وبالشراكة الفكرية والعقائدية مع الأحزاب والشخصيات الوطنية. وبعدما أُصيبت المقاومة بضربات قاسية حتى صارت “الطائفة المقاومة” وحيدة ويتيمة، تنهشها ذئاب الداخل والخارج وتراهن على إمكانية الإجهاز عليها ،طالما انها لا زالت تسبح في دمائها وتجمع اشلاء مقاوميها وتمرير قوانين التطبيع وإتفاقية السلام وملحقاتها بالتنازل عن شبعا وغيرها قبل ان تستيقظ المقاومة وتمتشق سلاحها..
بعد كل ذلك أدارت أميركا ، محركات “باص التطبيع” الذي بدأ يجول على الطوائف، وأركبت فيه كل الأحزاب اليمينية المسيحية مع بعض الإعلاميين والسياسيين ورجال الكنيسة، خاصة وأن بعضهم كان يلهث وراء الإسرائيلي منذ الحرب الأهلية اللبنانية والإجتياح وما قبلهما، وبدأ ت جمع بعض الركاب من الطائفة السنيّة الذين نبتوا على بيت “تيار المستقبل” المقفل بعد قطع رأس قيادته، فصاروا نواباً ووزراء و فعاليات إجتماعية تمتهن التجارة السياسية ،كطحالب سياسية وفقاعات ظرفية ستزول سريعاً، لأن تاريخ الطائفة السنيّة يؤكد أنها طائفة العروبة والناصرية ودعم المقاومة الفلسطينية، وما زالت في أكثريتها على مواقفها وان كانت مكتومة الصوت ولم يؤثر ظهور بعض الجماعات السلفية التكفيرية على الموقف الديني المعتدل والمقاوم للمسلمين السنّة اللبنانيين.
تحاول أميركا حشد اللبنانيين للتطبيع ودفعهم لركوب الباص ، وقد تنجح في حشد أكثريه نيابية وحكومية ،إذا لجأت للتصويت على التطبيع بأسماء مباشرة او مخادعة، لجهة تعديل إتفاق الهدنة او تأويل القرار 1701. ولابد من لفت الإنتباه الى خطأ تكتيكي وقعت فيه “الثنائية” عند مشاركتها وقبولها بالتصويت على تعيين حاكم مصرف في لبنان وتعيينه بالأكثرية مع معارضة استثنائية تمثّلت برئيس الحكومة وكتلته ،ما أسّس لمعادلة التصويت بالأكثرية التي لا تملكها الثنائية عند التصويت على التطبيع والقضايا الأخرى، والذي لن يعارضه إلا وزراء الثنائية وستؤيده الأكثرية، وربما يمتنع وزير او وزيران عن التصويت، وسيؤسس للتصويت على قانون التطبيع في المجلس النيابي الذي يمكن ان يتجاوز المؤيدون له نسبة الثلثين، ولن يعارضه إلا نواب الثنائية وبعض النواب الوطنيين.
ان مسؤولية مقاومة التطبيع مع العدو مسؤولية كل الوطنيين اللبنانيين من الأحزاب والطوائف، وليست مسؤولية الطائفة الشيعية فقط، واذا تعذّرت مشاركة الجميع في المقاومة المسلّحة، فلا عذر لأحد بعدم المشاركة في “جبهة مقاومة التطبيع”، ولابد من الدعوة لتأسيس هذه الجبهة وعدم التأخير والمماطلة حتى لا تُولد بعد فوات الأوان .
فلتتنازل الأحزاب عن خلافاتها العقائدية والمصلحية وأنانيّتها، ولتبادر قوى المقاومة للإجتماع وإعادة احياء منظومة الاحزاب المقاومة الدينية واليسارية والعلمانية ،كما كانت بمواجهة الإحتلال عندما قامت سهى بشارة المسيحية اليسارية بمحاولة إغتيال أنطوان لحد، والإستشهادي وجدي الصايغ القومي السوري الدرزي والشيخ محرّم العارفي السنّي وخالد علوان وغيرهم ،بالتعاون مع كل الشخصيات والكفاءات الوطنية والدينية للتصدي للهجوم الأميركي لفرض التطبيع.
إن كل حزب أو فرد أو جماعة، يعتذر او يرفض المشاركة في جبهة مقاومة التطبيع، فإنه يخون كل الدماء التي سالت من عناصره الذين قاتلوا العدو الإسرائيلي في العقود الماضية .
لا عذر لأحد بالتقصير، والمقاومة مدنياً ،بالإعتصام أو التظاهر او بالندوة ،وكل ما يوضح اخطار التطبيع ،لإعلان حالة طوارئ سياسية وإعلامية وثقافية في الجامعات وفي المساجد والكنائس والمقرّات الحزبية ضد التطبيع مع وجوب عدم التأخير …قبل ان يمتلأ “باص التطبيع”.
أوقفوا “باص التطبيع ” بأي وسيلة ،فالتطبيع الأميركي ليس قدراً محتوماً، لا يمكن إفشاله او اسقاطه كما سقط في المرة الأولى…
فليسقط شعار (لبنان آخر المطبّعبن العرب) ..ولنرفع شعار (لبنان لن يطبّع …ولو طبّع كل العرب).



