حروبسياسة

حتى أميركا..لا تحتمل ممارسات الإحتلال في الضفة ! (حلمي موسى)

 

كتب حلمي موسى من غزة:

 

للمرة الأولى في تاريخ العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة، من المتوقع أن يعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في الأيام القريبة، عن فرض عقوبات ضد كتيبة في الجيش الإسرائيلي تدعى “نيتسح يهودا”، والتي تعني “أبدية يهودا”، بسبب شهرتها في التنكيل بالفلسطينيين في الضفة الغربية.

وبموجب هذه العقوبات، وفق ما نشرت وسائل إعلام إسرائيلية، سيحظّر على الجيش الإسرائيلي إيصال أي مساعدات مصدرها أمريكا لهذه الكتيبة، كما يحظّر على جنودها وضباطها المشاركة في أي تدريبات مع الجيش الأمريكي.

وبحسب مصادر أمريكية متعددة فإن إعلان بلينكن المتوقع بخصوص كتيبة “نيتسح يهودا”،سيفرض العقوبات على خلفية انتهاك الكتيبة وأفرادها حقوق الإنسان للفلسطينيين في الضفة الغربية. وإذا حدث ذلك فسوف تكون هذه أول مرة تقدم فيها الحكومة الأمريكية على فرض عقوبات على وحدة عسكرية إسرائيلية بسبب نشاطاتها في الضفة الغربية. وشددت المصادر الأمريكية على أن العقوبات تشمل حظر إيصال المعونات الأمريكية لكتيبة “نيتسح يهودا”، ومنع تدريبات مشتركة معها أو المشاركة في أي فعاليات تمولها أمريكا.

وبحسب موقع “والا” الإخباري فإن العقوبات تستند إلى قانون تم سنّه العام 1997 بمبادرة من السيناتور الديمقراطي السابق باتريك ليهي، يحظر تقديم مساعدات عسكرية أمريكية أو تدريبات من الجيش الأمريكي لقوات أمنية، جيش أو شرطة، تتوفر معلومات موثوقة حول انتهاكها لحقوق الإنسان. وأبلغ مسؤول أمريكي رفيع المستوى موقع “والا” بأن قرار بلينكن يستند إلى حوادث وقعت قبل 7 أكتوبر في الضفة الغربية تحديدا.

وحسب أحد المصادر الأمريكية فإن بلينكن قرر عدم فرض عقوبات مشابهة على عدة وحدات عسكرية وشرطية إسرائيلية أجريت تحقيقات أمريكية بشأنها لكنها عدلت لاحقا من سلوك أفرادها. وكان موقع التحقيقات الأمريكي ProPublica قد نشر عن قيام لجنة خاصة من وزارة الخارجية الأمريكية بالتحقيق في اتهامات بانتهاك حقوق الإنسان في الضفة الغربية، وقد سلّمت بلينكن توصيات بفرض عقوبات على عدة وحدات في الجيش والشرطة الإسرائيلية ومنع أي تمويل أمريكي لها.

وفي مؤتمر صحفي في إيطاليا يوم الجمعة سئل بلينكن بشأن هذه التوصيات، فأعلن أنه اتخذ قرارات بهذا الشأن، وأنه سيصدر بيانا حول ذلك في الأيام القريبة.

يذكر أن كتيبة “نيتسح يهودا” أقيمت في الأصل كوحدة عسكرية خاصة للحريديم، وهي لا تضم في صفوفها إلا رجالا من الضباط والجنود. ومع مرور الوقت ونظرا لعدم وجود عدد كاف من الجنود الحريديم المجندين للجيش، شرعوا في تجنيد صبيان التلال، وهم “زعران المستوطنين” وشبان متدينون قوميون ممن يحملون أفكارا يمينية متطرفة، ولم يتم استيعابهم في الوحدات القتالية الأخرى في الجيش الإسرائيلي.  

ويذكر أن المراسل العسكري ل”هآرتس” عاموس هارئيل كان ذكر في سبتمبر 2022 أن وزارة الخارجية الأمريكية تحقق في اتهامات لكتيبة “نيتسح يهودا”، إثر سلسلة من الأحداث شارك فيها جنود الكتيبة في ممارسة العنف ضد مدنيين فلسطينيين. وبين هذه الأحداث قتلهم لعمر أسعد، وهو فلسطيني أمريكي في الثمانين من عمره في يناير 2022. وكان أسعد قد اعتقل في قريته قرب رام الله على حاجز طيار أقامه فجأة جنود من “نيتسح يهودا”، حيث تم ربطه بالأصفاد وإغلاق فمه وأبقاه الجنود ملقى على الأرض في منتصف الليل، وبعدها لقي حتفه. وأجرى الجيش الإسرائيلي بعد ذك تحقيقا أقر فيه “بوجود فشل قيمي من جانب القوة وخطأ في تقدير الموقف عبر المس بقيمة كرامة الإنسان”. وكان واضحا أن التحقيق العسكري الإسرائيلي جاء بسبب ضغط أمريكي، لأن الضحية صدف هذه المرة أنه يحمل أيضا الجنسية الأمريكية. وتم توبيخ قائد الكتيبة وتسريح قائد السرية فورا، لكن ملف التحقيق مع الجنود الذين تسببوا بوفاة أسعد أغلق ولم يقدم أي منهم للمحاكمة.

في كل حال إذا حدث ذلك بالفعل، وفرض بلينكن عقوبات على كتيبة “نيتسح يهودا”،  فسيشكل ذلك سابقة تاريخية، حيث ستكون المرة الأولى التي تفرض فيها الحكومة الأمريكية عقوبات على وحدة عسكرية من إسرائيل. ورد المسؤولون في إسرائيل على الخبر، وفق صحيفة”يديعوت”، وقالوا إنه ليس من الواضح ما إذا كان التقرير صحيحا، ولكن في الماضي كانت هناك بالفعل مطالبات من الأمريكيين بالتوضيح في ما يتعلق بأنشطة “نيتساح يهودا” بعد مزاعم بإيذاء الفلسطينيين. أحد التقديرات هو أن الأمر قد يكون مرتبطًا بتطبيق قانون يتضمن سلسلة من الأنظمة التي تحظر على وزارتي الخارجية والدفاع الأميركيتين تقديم مساعدات عسكرية للدول التي تنتهك حقوق الإنسان.

على أي حال، حتى لو فرضت عقوبات بالفعل على الكتيبة، فليس من الواضح كيف ستؤثر على الوحدة – على الرغم من أن هذا تعبير غير عادي عن عدم الثقة في قدرات التحقيق للجيش الإسرائيلي.

في الآونة الأخيرة، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على مستوطنين محددين تتهمهم بارتكاب أعمال عنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، وذكرت وزارة الخارجية على وجه التحديد مؤسس ورئيس منظمة لاهاف بنتسي غوفشتاين (المقرب جدا من الوزير بن جفير) في إعلان العقوبات، تحت هذا المنطق. وأضاف أنه “تحت قيادة لاهاف” تورط هو وأصدقاؤه في أعمال عنف أو تهديدات ضد الفلسطينيين، وغالباً ما يتم استهدافهم في مناطق حساسة أو مشتعلة”. وفي الوقت نفسه، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات على كيانين: “مؤسسة جبل الخليل” و”شالوم عسيريتش”. كما فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات مماثلة على المستوطنين المشتبه في ارتكابهم أعمال عنف ضد فلسطينيين.

ومن الطبيعي ألا يمر خبر كهذا من دون أن يترك وزير الأمن القومي، بن جفير، صامتا عليه. فالخبر أثار ضجة في كل الأوساط الإسرئيلية لأن الحديث يدور عن وحدة عسكرية صارت، على الأقل في نظر المستوطنين، رأس حربة يتباهون بأفعالها وقدراتها القتالية. وهكذا أعلن بن جفير أنه أرسل رسالة لوزير الحرب يؤآف غالانت، تفيد بأن “صفوف حرس الحدود مفتوحة” أمام جنود هذه الكتيبة إذا لم يوفر لهم الجيش الحماية. واعتبر أن “التقرير حول استعداد أمريكا لفرض عقوبات على كتيبة “نيتسح يهودا” أمر بالغ الخطورة ويشكل اجتيازا لخط أحمر”. وأوضح بن جفير أنه ينتظر من غالانت عدم الخضوع لإملاءات الأمريكيين، وأن من واجبه توفير الدعم التام لهذه الكتيبة.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى