رأي

اين يكمن الهاجس الأكبر لدى الصهاينة تجاه “جبهة الشمال”؟(حسن عماشة)

 

كتب حسن عماشة – الحوار نيوز

 

في الوقت الذي نجد فيه نشاطا يوميا لعائلات الأسرى الصهاينة في غزة، لا نسمع اي منهم يطالب بالعودة إلى مستوطنات غلاف غزة.

كما انه منذ السابع من ت١/ ٢٠٢٣ ، وتحديدا في الشهر الأول للحرب، خرجت بعض الأصوات في تل ابيب تطالب الحكومة بتأمين الشمال، ولكن الصوت الأعلى كان لمن لا يريدون العودة الا باتفاق مع لبنان وابعاد الحزب عن الحدود. ونشطت لهذه الغاية جماعات لبنانية ابرزها الوفد الذي زار واشنطن.

ومع كل صاروخ ومسيرة تسقط في الجليل والتي تستهدف مواقع الجيش الصهيوني، خصوصا المواقع داخل المستوطنات نسمع رؤساءها يطالبون حكومتهم بإيجاد حل، ويعلو الصراخ “الجليل يحترق”.

تسعى حكومة العدو إلى إيجاد حل “دبلوماسي” ، وتوالى ارسال المبعوثين الدوليين إلى لبنان في مطلب واحد هوالتهدئة، وتتحايل الصيغ الدبلوماسية حول هذا المطلب منها ما يحمل تهديدا ووعيدا، ومنها ما يزعم الحرص على لبنان وتجنيبه خطر الدمار، ومنها ما قدم ووعد بمساعدات تنقذ لبنان من ازماته الاقتصادية والسياسية.

برز عدم رضوخ المقاومة للتهديد رغم استقدام الاساطيل، وعدم خضوعها للحملات الداخلية، بل كانت دائما وعلى مدى أشهر الحرب هي المبادرة وصاحبة اليد العليا في استهداف عمق ومواقع قوات الاحتلال، فضلا عن رفع مستوى الاستعداد لأكثر من دور الإسناد بما هو التحضير والجهوزية لحرب مفتوحة : “بلا سقوف وبلا ضوابط وبلا حدود” .

وقد أمسى اعتبار اي توسيع للحرب مع لبنان بمثابة الانتحار للكيان. وهذا ليس رأي خبراء الحرب في الكيان وحسب، انما هو رأي كل المتابعين لمجريات الحرب في غزة وتداعياتها، خصوصا على جيش الكيان. بل ان فكرة التعويض عن عجز هذا الجيش عبر تحالف عربي أو تدخل اطلسي اميركي مباشر، لم تجد لها أي مؤيد حتى من اعتى المدافعين عن الكيان.وهنا سقط تماما الخيار العسكري.

كما أن من السذاجة الاعتقاد بأن هاجس الكيان عودة المستوطنين الهاربين من الشمال. فلا أحد يلحظ حركة فعلية ضاغطة لهؤلاء المستوطنين تطالب بالعودة، حتى ولو تمت تسوية، بل أن بعض الاستطلاعات تحدثت عن أكثر من سبعين بالمئة منهم انتقلوا نهائيا للعيش في أماكن أخرى، والكثيرون منهم اما نجحوا بمغادرة فلسطين او ينتظرون الفرص المؤاتية لرحيلهم.

انما ما يؤرق الحكومة الصهيونية هو الاستنزاف اليومي على الجبهة الشمالية، في ظل استنفاد الوسائل الدبلوماسية والعجز العسكري واصرار قوى المحور على وقف الحرب، على ما يعنيه ذلك من ارتدادات ذات طابع مصيري لا يطال الكيان وحده وحسب، بل يمتد إلى مجمل المشاريع والنفوذ الاميركي الغربي في المنطقة، بحيث تكون النتيجة خسارة اميركية- غربية ، لان القوى التي ستكون مضطرة للتعامل معها هي قوى المحور وليس ادواتها التاريخية التي تهيمن عبرها.

في ضوء ما تقدم يمكن ببساطة تخيل الهاجس الصهيو-غربي الحقيقي، الا وهو ان محل العنوان الدبلوماسي المرفوع (عودة المستوطنين إلى مستعمرات الشمال) يُفرض امر واقع هو كابوس غربي قبل أن يكون صهيونيا،وهو عودة اللاجئين الفلسطينيين المتواجدين في سوريا ولبنان الى مناطقهم التي هجروا منها عام ١٩٤٨.

و مشهدية التحرير في جنوب لبنان عام الفين ما زالت حاضرة في اذهان الصهاينة وبعض قادتهم  السياسيين والعسكريين الذين شهدوا  بأم أعينهم الزحف الشعبي.

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى