اين الجامعات العربية والاسلامية من الجامعات الامريكية الداعمة لغزة؟(زياد علوش)
د. زياد علوش – الحوار نيوز
انتشرت الانتفاضة في جامعات امريكا من الشمال للجنوب،شرقاً وغرباً،أحدثها في جامعتي جورج واشنطن في العاصمة وجامعة إيموري في ولاية جورجيا، وكان لافتا ان بين الذين تم اعتقالهم رئيسة قسم الفلسفة في جامعة إيموري البروفيسورة نويل مكافي!
في أغلب الجامعات يتم القبض على الطلبة من شرطة المدينة والولاية،وكذلك على أعضاء الجامعات والهيئات التدريسية.طالب رئيس مجلس النواب بالإستعانة بالحرس الجمهوري، وطبعاً أدان التظاهرات بالزعم انها معادية للسامية،ردد الكثيرون من أعضاء الكونجرس هذا الخطاب.
في المقابل زار بعض أعضاء الكونجرس تلك الإعتصامات دعماً لها، ومنهم كريج كسار، وانضم للمعتصمين اعداد من الفنانين ونجوم هوليوود،وقامت جامعة نيو يورك ببناء “جدار عازل” للسيطرة على التظاهرات.والجدير بالذكر أن الإعتصامات لا تدين الحرب على غزة فقط، بل تهدف الحق بدولة فلسطينية وتطالب بعزل إسرائيل حيث أن أهم مطالبها (بشكل عام) يكمن في إنهاء استثمار الجامعات في إسرائيل، وكذلك إنهاء العلاقات الأكاديمية معها.
برهن طلاب الجامعات في الولايات المتحدة الامريكية عن حيويتهم في تضامنهم مع غزة ودفاعهم عن الحريات العامة،في الوقت الذي يتعرض فيه الاحتجاج الطلابي الى قمع الشرطة والسياسيين وبعض إدارات الجامعات باتهامات باطلة تتعلق بمعاداتهم للسامية، تلك التهمة نفاها طلاب واكاديميون يهود مشاركون في الاحتجاجات، على ان تهمة معادة السامة اصبحت شمّاعة أُفرط في إحراقها،مع ذلك الاحتجاجات الطلابية تتصاعد وتتمدد في عموم امريكا.
يرى مؤيدو الحركة الطلابية ان المتظاهرين في الجامعات الامريكية هم غاية في الاهمية، لأنهم في اعلى الترتيب الاكاديمي، يرتادها المميزون وغالبيتهم يحجزون وظائف مرموقة ومؤثرة ويتم اعدادهم للخدمة العامة، كأعضاء في الكونجرس والادارات الامريكية.. وهنا مربط الفرس.
الراي المناهض يرى أن الربيع العربي الذي خذل الشرق الاوسط يصل الى جامعات أميركا. في السياسة العواطف غرائز يتم استغلالها، والعقل البارد هو الذي يدير اللعبة.في زمن الحرب الناعمة أنت تقاتل بالرأي العام،هو الذي يحقق لك أهدافك،تتلاعب به وبعواطفه،والارجح سيكون “ترامب”الذي وظفه رأس المال رئيساً جديداً في البيت الابيض.بالنسبة لفلسطين، العبرة بالخواتيم، فهل ستقوم دولة فلسطينية حرة؟
يدرك الجميع ان شيئا اساسيا تغير في المزاج الغربي عموما والامريكي والبريطاني خصوصا، طالما شكلت إدارتاهما السياسية رأس الحربة الصهيونية.
“غزة” فضلا عن انها تعيد صياغة المفاهيم العالمية، كذلك فإنها ستحيل الكثير من السياسيين ومن يدّعون الثقافة على مستوى المنطقة والعالم الى مزبلة التاريخ.
ما يقوم به الطلاب الامريكيون برسم كتيبة المثقفين العرب الذين صرعوا رؤوس شعوبهم بإعجابهم بالتقاليد الغربية، من حرية وديمقراطية وحقوق الانسان، وهم يعتبرون أن قصف أمريكا لبلاد العرب والمسلمين حضارة، وأن الجيش الأمريكي يأتي لنشر الديمقراطية،فليعلم مدّعو الثقافة هؤلاء ان ارتكاب الخطيئة عمل إنساني، لكن تبرير الخطايا عمل شيطاني.
لا عذر بعد الان للمثقفين العرب بحجة ظلامية الانظمة العربية، فها هي الادارات الغربية عندما يتعلق الامر بفلسطين تظهر وجهها الديكتاتوري الحقيقي كمرجعية سادية لوكلائها في بلادنا، ورغم ذلك تتصاعد الاحتجاجات في الجامعات الامريكية، ليس فقط تضامناً مع فلسطين، لكن ايضاً دفاعاً عن الحريات العامة في بلادهم.
*كاتب صحفي ومحلل سياسي لبناني