انها مرحلة الخيارات التاريخية: اصلاح ترقيع ومراوحة.. ام اعادة بناء تكويني ؟( علي يوسف)
كتب علي يوسف- الحوار نيوز
يعتقد البعض ،واسمحوا لي ان اسميهم “تافهين”، ان المشكلة هي فقط في الفساد وان الحل هو ببعض الاصلاحات التي يتم الحديث عنها والتي يرددها اللبنانيون، سياسيين كانوا ام اقتصاديين ام صحافيين كالببغاءات نقلا عن “روشتة” صندوق النقد الدولي المعروفة اهدافها مع بعض الاضافات لكل فريق وجهة، هي عبارة عن اثبات لحسن نوايا النكايات اللبنانية !
ويتناسى اللبنانيون او لا يحبون ان يعترفوا بأن المحاصصة والفساد هما في اساس البنية التكوينية للبنان ،وليسا طارئين، بسبب سياسات طارئة او زعامات جشعة او مافيات مستجدة، مستفيدة من وهن المسؤولين او من ظروف او احتكاريين مدعومين او قضاء فسد بسبب تدخل السياسيين…
ولو اكملنا التعداد لوجدنا ان جميع المؤسسات اللبنانية في القطاعين العام والخاص بما فيها الهيئات التمثيلية السياسية والمهنية يمتزج تكوينها وعملها بقواعد الفساد .
رغم اني لا احب التكرار تجنبا للمثل الملتسق به ،ولكن وبما ان للضرورة احكام نعود ،فنقول ان المشكلة هي بنيوية ناتجة عن تجميع فئات عصبوية في ما يسمى الدولة اللبنانية .. وهي فئات لا تنطبق عليها صفات المواطنة كونها تختلف حول الامن القومي للوطن، وما يستتبعه ذلك من نظام سياسي واقتصادي وحتى اجتماعي ما حوّلها الى فئات تتناتش مقدرات هذه الدولة ،وتعتبر ما تحصّله منها مكاسب فئوية انتزعتها من الفئة الاخرى ،ان كانت صلاحيات او مكاسب مادية او مكاسب تنموية في نظام زبائني يتوافق مع هذا التكوين ….!! وتزيد السعادة كلما تم تحصيل مكاسب على حساب الفئات الاخرى في الوطن ؟؟!!
وهكذا لا بأس بالاستعانة بالخارج وبحسب مواقف الخارج من فئات الداخل في سبيل المكاسب واحيانا ادعاء او ظن الحماية ، فتصبح العمالة وجهة نظر والتبعية موضع فخر تبعا للنظرة الحضارية السائدة للجهة المستَتبعة ؟؟…
وبكل صراحة وقي ظل عالم يتغير وبعد استنزاف كل وسائل التكاذب وبعد الوصول الى قعر الانهيار على المستويات كافة .. لم يعد يجدي غير مواجهة الحقائق والتوقف عن مسخرة الدعوات حول التوافق على كل نقطة على جدول اعمال الترقيعات من اسم رئيس الجمهورية الى اسم رئيس الحكومة الى اجترار بيانات وزارية تُنسى بعد جلسات الثقة التكاذبية الى العودة للتوافق على نسب التناتش .
لنقف دقيقة صمت على لبنان الذي عرفناه ولنبدأ الكلام المفتوح والصريح عن خيارات الامن القومي في التوازنات، ليس الحاليةفقط وانما المرتقبة ايضا ..ودور لبنان في محيطه ومصلحة مواطنيه ومحيطهم المرتبطة فيه، وفي ضوء تاريخ وحضارة وثقافة المنطقة التي ينتمي اليها ووقف التكاذب حول التنوع الحضاري الذي يُبرر التناتش الفئوي، وبدء العمل لتحويل لبنان من اكذوبة الرسالة الى حقيقة وطن يتفق مواطنوه على تحديد من هو عدوهم ومن هو صديقهم ومن هو حليفهم ومن هو شريكهم وكيف يُترجم ذلك في بناء دولتهم وانظمتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية …!!!
ونقاش من هذا النوع يفترض ان يكون حول مشاريع واضحة وليس حول شعارات تُضمر التشاطر والتكاذب لتحقيق المراوحة او لتأجيل الخيارات بسب محاولة انتظار التطورات لتغطية العجز في الرؤيا ولتغطية الخوف من التنازل عن مكاسب الجثة “في لحظة حاجة” …!!!
ليس هذا الكلام من باب النصائح وانما هو محاولة اعادة الاعتبار للفكر السياسي على حساب العصبوية والقبلية و العشائرية والطائفية والمناطقية و التبعية الزبائنية …