حروبسياسة

“السبت الأسود الإسرائيلي” يتكرر في غزة.. والخطة المصرية “على النار”

 

كتب حلمي موسى من غزة:

 

امس كان يوما اسود في نظر الاسرائيليين. فقد تم دفن ١٤ ضابطا وجنديا بعد ان قتلوا في معارك برية في شمال ووسط وجنوب قطاع غزة. وصباح اليوم تم الاعلان عن مقتل جنديين آخرين.

وقد تكرر في الاسابيع الماضية استخدام تعبير السبت الاسود، والذي بدأ يوم ٧ اكتوبر لكنه لم يتوقف عندها. تكررت ايام السبت الاسود طوال ايام الحرب الدائرة وتبعتها ايام سوداء اخرى.

كل يوم يلقى فيه جنود الاحتلال مصرعهم هو يوم اسود.وتزداد قتامة الايام بقدر ما تتصاعد المقاومة وتتعاظم الخيبة من قرب تحقيقهم لأهداف الحرب.

وبين هذه الايام وغيرها فإن الجيش الذي تعود على مبدأ “صفر إصابات” يجد نفسه يغرق، ليس في الإصابات، وانما في القتلى ايضا. لم تنجد جنود الاحتلال سياسة الارض المحروقة ولا جرافات “دي ٩” ولا الدبابات والمدرعات التي اشيع انها غير قابلة للاختراق. صارت الدبابات كثيرا توابيت تسير. وصار الجنود عرضة للقتل سواء كانوا في الدروع او في الجرافات او في وحدات الكوماندو التي حاولوا تصويرها على انها “سوبرمانات” بشرية.

تقريبا تحطمت اشياء ومفاهيم كثيرة لدى الإسرائيليين، وصارت اغلبيتهم تجادل نفسها وغيرها في هذه الامور والمفاهيم.

وامس تناقلت وسائل الاعلام الاسرائيلية جوانب من التحقيقات الجارية حول ما جرى ويجري. وبين قادة دبابات يعترفون بأنهم قصفوا بيوتا في مستوطنات غلاف غزة وهم يعلمون ان فيها مستوطنين اسرائيليين ،وكل ذلك بقصد قتل “مخرب فلسطيني” او اكثر ،وقادة طائرات قصفوا بيوتا من دون ان يعلموا ان فيها رهائن او اسرى اسرائيليين. 

فمبدأ او اجراء “هانيبعل” لدى الجيش الاسرائيلي يقوم على فكرة ان من الافضل لاسرائيل ألا يكون اسرى لدى العدو ،وانه افضل ان يكونوا جثثا وليسوا احياء.

في هذه الاثناء تتزايد الحملة من جانب وزراء وساسة ضد الجيش. وبعض من الجيش ضد بعض آخر، كما ان من الطبيعي ان وزراء ضد آخرين. ويبدو ان شهر العسل بين نتنياهو وكل من غانتس وآيزنكوت في كابينت الحرب على وشك الانهيار.كما ان الجيش الاسرائيلي يبحث في قرار وحدة من لواء جولاني بمنع جنودها من زيارة اهالي رفاقهم القتلى.

ومن جهة اخرى يبرر الجيش الاسرائيلي ازدياد عدد الاصابات والقتلى في صفوفه بتعلم المقاومة من اخطائها، وانتباه المقاومة الى نقاط ضعف الجيش في حملته العسكرية. ويقولون ان الجيش لا يستطيع طوال الوقت التحرك فقط بدبابات ومدرعات، فهو بحاجة للحركة عبر شاحنات للامداد وعبر “جيبات هامر” لسرعة الحركة. ولكن الانتقال عبر هذه الاليات يعرض الجنود لخطر اكبر.

واخيرا يواصل الاحتلال القتل والتدمير تحت مبررات وذرائع مختلفة. ويتباهى بانتشاله جثث جنود قتلى من انفاق. وتقرييا لا يعرف ان يقول كلمة واحدة غير “مصاعب”. فالمصاعب التي يعرضها الجيش لا تتمثل بطول خطوط الامداد ،وانما باستمرار المقاومة حيث انها تتصاعد في الاماكن التي يدعي العدو السيطرة عليها. وكلما تحدث عن انهيار المقاومة تزداد شدتها. وبات معلقون اسرائيليون يسخرون من تصريحات الجيش عن السيطرة على مناطق قطاع غزة.  وتقريبا لم يعد كثير من المعلقين يأخذون هذه التصريحات على محمل الجد.

وما يذهل الاسرائيليين ان طائراتهم تواصل القصف في اقرب الاماكن الى الحدود في بيت حانون والشجاعية وشرق خانيونس وغيرها. كما يتواصل سقوط الصواريخ على غلاف غزة بل واحيانا على تل ابيب وجوارها.

وحاليا يتكاثر الحديث عن الخطة المصرية. وينظر الاسرائيليون الى هذه الخطة على انها بطعم العلقم بمراحلها المختلفة، لكنهم يجدونها الكرة الوحيدة في الملعب ،وعليهم التعاطي معها بقصد تعديلها وتقريبها الى مواقفهم. ومن المقرر ان يبحث كابينت اسرائيل اليوم هذه الخطة لاول مرة. وفي الدبلوماسية هناك تعبير نعم ولكن. تلقى قبولا ظاهريا وبعد ذلك تأتي الاستثناءات التي تفرغ الخطة من محتواها وتجعلها قصرا على مرحلتها الاولى المطلوبة اسرائيليا ،وهي تبادل اسرى ضمن معايير الهدنة السابقة.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى