نختلف مع السياسة الخارجية الاميركية الى حدّ العداوة، الا اننا لا نكن العداوة لشعب الولايات المتحدة الاميركية الصديق والمسالم واللطيف.
ظنّ القيّمون على توجيه و صناعة الرأي العام الاميركي ان ما يروجونه عالميا عن شخصية الاميركي يستهدف الآخرين ولا يمسّ ولا يعني المواطن الاميركي نفسه ،وهذا خطأ فادح وخطير، لأن ما اثبتته ردات الفعل بعد مقتل جورج فلويد يؤكد ان المجتمع الاميركي يجلس على فوهة بركان راكد، اذ اظهرت الاحداث ان شريحة واسعة من الاميركيين تختزن طاقة عدوانية وغرائزية وعنفية وثأرية لم تنجح معها رفاهية متقدمة ،ولم تنجح معها حضارة تكنولوجية متطورة ولم ينجح معها ثراء فاحش ولم تنجح معها قوة اقتصادية هائلة تمثل ما نسبته 25%من اقتصاد العالم اجمع…
ان ما نشهده من تظاهرات وتكسير وسرقات ومن شغب في الولايات الاميركية ومن عدوانية مصوّرة من قبل الشرطة ضدّ مواطنات ومواطنين عزل لا يتناسب مع حدة جريمة"لا استطيع ان اتنفس"انما تتعداها بأشواط بعيدة وكأنما هناك من تحرك لينفس عن احتقان مزمن ولينتقم بعد قمع طويل وليعبّر بعنف ضد ما يعتقده ظلما واستبدادا.وكأن هناك في الادارة الاميركية المهمشة من يقوم بانقلاب على الادارة الاميركية الحاكمة.
ليست المسألة بين ابيض واسود ، وسخيف من يظن ذلك. انها انتفاضة شريحة واسعة من الناس لا تجد الطمأنينة والراحة والامان بل تعيش في شروط حياتية سيئة لا تستطيع هوليوود ولا الدعاية الاميركية تجميلها مهما فعلت.هناك اكثر من 20 مليون اميركي تحت خط الفقر.
من يستخدم العنف والتشبيح الفظ والسرقات والقتل بوضح النهار للاستيلاء على اموال وعلى ثروات الآخرين بالعنف، علّم شعبه و درّبه من حيث لا يدري ان يعبّر وبنفس الاسلوب ضد اي آخر ولو كانت دولته…
لا يشاهد هوليوود السوفيات والعرب والهنود والصينيون فقط ،انما يشاهدها ايضا المواطنون الاميركيون وضحايا ممارسة سياسة القرصنة العالمية .ليس ضحاياها السعوديون والعراقيون والسوريون والفنزوليون والايرانيون فقط ،انما ايضا لا وعي ووعي الاميركيين المتابعين لبطولات الرئيس ترامب الوهمية والدونكشوتية.
حادثة واحدة عصرية والكترونية لمقتل مواطن واحد صوّرته الكاميرا انتجت انفجارا عنفيا هدّد امن و وحدة البلاد، ما يعني ان رقي النفس والاخلاق الانسانية ليسا الا وهماً وكذبا رغم توفر كل شروط العيش الكريم في البلاد الأميركية، ما يثبت ان الرقي الحقيقي والاخلاق الحميدة موجودتان في الهند وباكستان و لبنان واهل فلسطين ومصر وسوريا والعراق وغيرهم من دول العالم المتخلف الذين يعيشون في ظروف حياتية جد تعيسة ويتصرفون بروية و بإنسانية اكبر.
ليست حكومات دول العالم الثالث التي قفزت لتسرق شاحنات او بواخر مليئة بالكِمامات والاجهزة الصحية لدول اخرى عند الهلع من كورونا ! بل هي الدولة الاميركية والدول الاوروبية التي سرقت تخلت عن بعضها البعض بسرعة و بلا انسانية…
من لم يقتنع بعد ان الرأسمالية الهوجاء في ورطة كبيرة وانها تحفر قبرها لنفسها بيدها، سيقتنع قريبا عندما سيعرف ان محمد بوعزيزي سبق جورج فلويد في الصراخ"لا استطيع ان أتنفس" لتتغير تونس نحو الافضل.
مولخا مولخا ،ما زلنا نقول الحمدلله ونحن نتنفس من تحت الماء او من المجارير أو من تحت تلال القمامة..