كتب أ.د.غازي قانصو:
بِبَالِغِ الْأَسَى وَالْحُزْنِ الْعَمِيقِ، نُودِّعُ الْيَوْمَ قَائِدًا وَطَنِيًّا اسْتِثْنَائِيًّا. إنّهُ الْعَمِيد أَمِين حَطِيط (ابُو هَادِي)، الَّذِي عَاشَ وَعَمِلَ مِنْ أَجْلِ وَطَنِهِ لبْنَانَ بِكُلِّ تَفَانٍ وَإِخْلَاصٍ.
كَانَ الْعَمِيدُ حَطِيطٌ رَمْزًا لِلْوَفَاءِ الْوَطَنِيِّ اللُّبنانِيِّ وَالْعِزّةِ الِانْسَانِيَّةِ، حَيْثُ لَمْ يَتَرَدّدْ يَوْمًا فِي الدِّفَاعِ عَنْ حُقُوقِ الْوَطَنِ وَكَرَامَتِهِ، فَكَانَ قَائِدًا بَارِعًا، مَاهِرًا فِي تَوْجِيهِ الْجَيْشِ حَيْثُ تَوَلَّى أَلَوِيَةً عِدَّةَ، وَعَمِلَ عَلى تَعْزِيزِ قُدُرَاتِهَا، وَلَقَدْ تَرَكَ بَصَمَاتِهِ الْوَطَنِيّةَ فِي كُلِّ مَوْقِعٍ خَدَمَ فِيهِ، لَا سِيَّمَا فِي مَسَألَةِ تَرْسِيمِ الْحُدُودِ حَيْثُ قَامَ بِعَمَلٍ قِيَاسِيٍّ في مُهمّتِهِ العظيمة، لَنْ يَنْسَاهُ التَّارِيخُ.
وَكَانَ عَابِدًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، يَتَحَلَّى بِالصَّفَاءِ وَالْعَزْمِ وَالِاسْتِقَامَةِ، كَانَ نَظِيفًا فِي عَمَلِهِ وَيَدِهِ كَمَا هُوَ نَظِيفٌ فِي فِكْرِهِ وَمُعْتَقَدِهِ، لَا يَعْرِفُ الْمُسَاوَمَةَ عَلَى مَبْدَأِ حَقٍ، وَلَا يَخُوضُ فِي بَاطِلٍ.
وفِي مَيْدَانِ قَضَايَا الْوَطَنِ وَالْأُمَّةِ، كَانَ الْعَمِيدُ الرُّكْنُ حَطِيطٌ مُلتَزِمًا وَحَازِمًا، مُدَافِعًا بِكُلِّ قُوَّتِهِ عَنْ الْقَضَايَا الْوَطَنِيّةِ وَالْإِنْسَانِيّةِ، سَوَاءً فِي لُبْنَانَ أَو فِي خَارِجِهُ. كَانَ رَمْزًا لِلْإِصرَارِ وَالعَزيمةِ، مُحَافِظًا عَلَى كَرَامَةِ الْإِنْسَانِ وَحُقُوقِهِ بِكُلِّ حَزْمٍ وَشَجَاعَةٍ.
كَانَ أُسْتَاذًا جَامِعِيًّا مِنْ الطِّرَازِ الْأَوَّلِ، مُحَاضِرًا وَبَاحِثًا وَمُشْرِفًا وَمُنَاقِشًا، وَمُؤَلِّفًا في حُقُولٍ مُتَنًوِّعةٍ، فَسَاهَمَ في نَشْرِ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ بِإِخْلَاصٍ وَدِرَايَةٍ، وَأَثْرَى الْمَشْهَدَ الْأَكَادِيمِيَّ الجَامِعِيَّ فِي كُلِّيَّاتِ الْحُقُوقِ بِإِسْهَامَاتِهِ الْقَيِّمَةِ وَأَفْكَارِهِ النَّيِّرَةِ.
وَلَمْ يَكُنْ قَائِدًا وَأُسْتَاذًا فَحَسْبُ، بَلْ كَإِنْسَانٍ، كَانَ الْعَمِيدُ أَمِينُ حَطِيط أَمِينًا وَمِثَالًا فِي الْوَفَاءِ، وَفِي قُوّةِ المَوقِفِ، كَانَ يَعْرِفُ قِيمَةَ الْوُدِّ وَالْعَهْدِ، وَكَانَ دَائِمًا حَاضِرًا لِيُشَارِكَ النَّاسَ أفَرَاحَهُمْ وَأَحْزَانَهُمْ ومُناسباتِهِم، وَيَقِفَ بِجَانِبِهِمْ ما استطاعَ الى ذلِكَ سَبِيلًا.
رَحِمَ اللهُ الْعَمِيدَ أَمِين حَطِيط وَأَسْكَنَهُ فَسِيحَ جَنَّاتِهِ، وَأَلْهَمَ أُسْرَتَهُ وَأَهْلَهُ وَذَوِيه وَأَحِبّاءَه
وَعَارِفِيه الصّبْرَ وَالسّلْوَانَ، وَجَعَلَهُمْ مِنْ أهْلِ عَظِيمِ الِأجْرِ وَالثَّوَابِ.
وَحَفِظَ اللهُ تَعَالَى لُبْنَانَ وَأَهْلَهُ تَحْتَ ظِلِّ وَحْدَتِهِ الوطنية، وَاسْتِقْرَارِهِ الأمني، وَقُوَّتِهِ في كُلِّ المَيادِين، وَسِيَادَتِهِ عَلَى جَمِيعِ أرَاضِيهِ وَسِيَاسَتِهِ وَثَرَوَاتِهِ.
إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ،
وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ الَا بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.
غَازِي مُنِيرِ قَانْصُو
الدُّوِير فِي ٣٠ تَمُّوز ٢٠٢٤