د.أحمد عياش
بدأت ملامح العالم تتوضح بعد اجتياح القائد كوفيد التاسع عشر للانظمة الاقتصادية ،وبعدما فضح أزماتها البنيوية الى حدّ الانهيار.
لم يكن ناجحا ومبرراً سوء تعبير رئيس جمهورية فرنسا عن الاسلام وعن الرسول تحديدا ،بدل الكلام عن اسلاميين وعن متطرفين وعن احزاب اسلامية معاصرة.
ربما اراد الرئيس ماكرون الا تنزلق اصوات الفرنسيين أكثر لليمين المتطرف ،لذلك قال اكثر مما يمكن ان يفكر بقوله اليمين المتطرف.
الا ان البلاد الفرنسية ستنزلق في اتجاه اليمين المتطرف كما ستنزلق معظم الدول المتطورة صناعيا، لأن العالم الجديد المتأزم الى حدّ الانهيار يبحث عن الثروات وعن المواد الاولية بشتى الطرق ولو عبر الحروب.
يخترعون ازمة مع اسلام هنا ،وفي الولايات المتحدة الاميركية يخترعون ازمة مع ذوي البشرة السوداء .
ستكون هناك دول يمينية عنصرية-دينية في خطابها العلني، وتجارية-مالية في جوهرها، مقابل دول لا يسارية ولا ثورية ولا حتى اسلامية بل ايضاً غير قادرة على المواجهة العسكرية المباشرة.
الانسان المعاصر يتوحش.
اعتبار الاسلام نفسه كعقيدة ومبادىء ارهابي يعني مسألة واحدة فقط لا غير،ان الثقافة العالمية وفي مقدمتها الثقافةالاميركية-الاوروبية تعيش اتعس لحظاتها الادبية وتفتقد شخصيات عالمية تبوأت الحكم بثقافتها وسعة صبرها وحكمتها لا بحساباتها المصرفية وبحساباتها الانتخابية.
الفكر العالمي التقدمي يحتضر و ربما مات ولم يعلن عن وفاته احد من الفلاسفة.
الثقافة والفكر اصبحا سلعة تجارية لمؤسسة تبغي الربح في معرض الكتاب الرأسمالي العالمي.
كأن هناك من ينظم الواقع ليتماشى ويتناسب مع اسطورة هرمجدون بدل ترك الاسطورة تؤكد نفسها عبر تطورات الواقع والحاضر وتبدلاتهما الطبيعية.
هناك من يدفع بالعالم لحرب غير منطقية ،لحرب سخيفة، لاستخدام ما توفر من اسلحة دمار شامل بحجة وجود الاسلحة التدميرية الشاملة.
كل الشعوب منهكة ومتعبة ولا تريد الحروب ،الا مجتمع عسكري قائم على الاسطورة وعلى اعتبار باقي الشعوب خدما لشعب الله المختار الاسرائيلي والمحتار بحاله.
هذا الاحتقان وهذا الدفع نحو شعارات صدامية عنفية ستؤسس لعالم احمق وساذج ، يولد من عقول انانية مريضة مستعدة ان تحرق دولا وشعوبا من اجل المحافظة على رفاهيتها …
كل من عليها يستعد لغدر الآخر ولقتله بقانون وبغير قانون.
من ناحية اخرى ، المسلمون يعيشون ازدواجية خطيرة في شخصياتهم وفي مزاجهم وفي ميولهم في بلاد المهجر بين انسجام وتكيف مع نمط تفكير وشخصية جديدة وبين هوية نفسية اسلامية مصرة ان تؤكد وجودها وان تفرض شروطها.
تأملوا جيدا وانظروا: الذين يفوزون بالحكم في العالم يأتون من مصارف او من خلف رأسمال مشبوه او من ثروة مال حرام وليس من كتاب ومن قلم أو من سواعد كادحة او روح نضالية شريفة.
ازمة الانظمة الاقتصادية العالمية لا علاقة لها بالمسيحية بل أن المسيحيين ضحيتها.
الاديان خارج السلطة عوامل نفسية علاجية اضافية لطيفة وناجحة لمنع الانتحار، واما استخدامها في الحياة السياسية وفي السلطات فإنها سريعا ما تتحول لعوامل عنفية حربية ناجحة لتدمير البشرية.
كل هذا والعالم لم يبدأ بعد ازمة البحث عن المياه العذبة الصالحة للشرب التي ستهدد اكثر امن الشعوب و وجودها.