الوكالة الحصرية ومفهوم الأحتكار !
كثيرا ما يتم الخلط ما بين الوكالة الحصرية ومفهوم الأحتكار ، فماذا يعني الأحتكار ، وماذا تعني الوكالة الحصرية ، وما هي القواسم المشتركة بينهما ، ومتى تتحول الوكالة الحصرية الى إحتكار ؟
أسئلة سنحاول الأجابة عنها في هذه المقالة المفصلة .
ان مفهوم الأحتكار يعني كل عمل من شأنه إستغلال مركز إقتصادي للحد من المنافسة غير المشروعة ، ويهدف الى إلى جني أرباح خيالية وبصورة مخالفة لمبادئ السوق والتي تقوم على حرية التجارة والمنافسة .
أغلب التشريعات العالمية حظرت الأحتكار ،وفي مقدمة هذه التشريعات رأس العالم الرأسمالي وهي الولايات المتحدة الأميريكية . فالمادة الثانية من قانون شيرمان نصت على حظر الأحتكار وأعتبرته جناية يعاقب عليها القانون الأميريكي بالغرامة المالية .
في لبنان أنشأ المشرع اللبناني دائرة مختصة بمكافحة الغلاء والأحتكار بموجب المرسوم رقم 3251 تاريخ 18 تشرين تاتي 1942 ، وبعدها صدر المرسوم الأشتراعي رقم 37 تاريخ 9 أيلول 1983، أناطت مهمة محاربة الأحتكار بموظفي مصلحة حماية المستهلك . كما حددت المادة 43 من المرسوم 37/38 عقوبة الأحتكار بالغرامة من 20 مليون ليرة الى مئة مليون ليرة ، أو بالسجن من عشرة أيام الى 3 أشهر .
من الأمثلة الفاضحة على الأحتكار في لبنان :
– تجارة النحاس المحمية من قبل الحكومة اللبنانية والتي يستفرد فيها ثلاثة معامل في لبنان .
– تجارة الأدوية والتي تستفرد عشر شركات فيها بنسبة 90 بالمئة من حجم تجارة الأدوية في لبنان .
– تجارة الغاز والتي تستفرد فيها شركة واحدة بنسبة 95 بالمئة من تجارة الغاز في لبنان .
– تجارة الأسمنت والتي تستفرد فيها ثلاث شركات بنسبة 100 بالمئة من تجارة الأسمنت في لبنان وتمنع الحكومة إستيراد الأسمنت من الخارج .
أما بالنسبة لموضوع الوكالة الحصرية فهي عبارة عن عقد يتم توقيعه بين المنتج في أي بلد كان وبين تاجر الجملة في السوق المحلي ، بحيث تكون له وحده حصرية استيراد هذه السلعة وبيعها في السوق المحلي ، ويتم تسجيل هذه الوكالة في وزارة الأقتصاد ، وطبعا لهذه الوكالة الحصرية إيجابيات وسلبيات .
بخصوص إيجابيات الوكالة الحصرية فهي منع تزوير هذه السلعة والمراقبة القوية التي يقوم بها الوكيل في لبنان لحماية مصلحته بالدرجة الأولى، وبالتالي ضمانة هذه السلعة للمستهلك النهائي من جهة واضحة ومعروفة .
أما بالنسبة للسلبيات فهو الخوف من تحول الوكالة الحصرية الى إحتكار بسبب عدم وجود تشريعات تمنع تحولها الى إحتكار ، ومن شروط عدم تحولها الى إحتكار ما يلي :
– وجود سلع بديلة لهذه السلعة وبالتالي وجود إمكان الخيار لدى المواطن وبالتالي حرية الخيار ما بين هذه السلع .
– وجود قانون للمنافسة شفاف وواضح يؤكد على وجود هذه المنافسة ، ويمنع بالتالي الأحتكار .
– وجود تشريعات تسمح بإستهلاك سلع شبيهة ولا تمنعها إضافة الى وجود تشريعات تمنع إلزام المواطن على إستهلاك سلع محددة كما هو حاصل في موضوع الأدوية ، وخدمات البريد لوزارة المالية .
لذلك يفترض العمل بالتوازي ما بين فتح السوق أمام المنافسة مع حماية معقولة للأنتاج المحلي من دون الوصول الى مرحلة المنع ،كما هو حاصل مع النحاس والأسمنت ، ومع فرض قوانين تؤكد على المنافسة ومنع الأحتكار .