الواقع والمواقف ..الفراغ وصداه (علي يوسف)
كتب علي يوسف – الحوار نيوز
ما يحصل اليوم في السياسة وكذلك في الاقتصاد وفي الخدمات وفي الشؤون الاجتماعية وفي الإدارات وفي كل ما يُسمى مؤسسات هو الفراغ. انه الفراغ الكامل. فراغ في رئاسة الجمهورية وفراغ في مجلس النواب وفراغ في الحكومة وفراغ في القضاء وفراغ في المؤسسات الادارية والمالية وفراغ في القوى السياسية … فراغ في الفكر وعجز فاضح في الفكر والممارسة …
ولا يظن البعض ان وجود مجلس نواب مكتمل يلغي فراغه او وجود حكومة ،ولو تصريف اعمال ،يلغي فراغها، او وجود القضاء يلغي فراغه، او وجودالمؤسسات يلغي فراغها!!!
كل هذه المؤسسات تحاسب من طرفين: التكوين والدور، واذا كانت مكتملة التكوين ففراغ الدوريلغي مفاعيل اكتمال التكوين … فالابريق المليء بالسوائل لا يعني انه يحتوي على ماء صالح للشرب يروي و يداوي العطش ..!!
كيفما نظرت ستجد الفراغ ان في التكوين او في الدور، ويتسارع الانهيار ويجعله الفراغ كالسقوط الحر، سريع بلا عوائق او حواجز .
تظن احيانا انه لا يوجد في هذا البلد حس وطني او مسؤولية وطنية.. وكأنه لا يوجد حس اجتماعي او مسؤولية مجتمعية .. وكأنه لا يوجد فكر او مفكرون او مثقفون، وان كل هؤلاء انخرطوا في دوامة الفراغ وفي خدمة المشروع الاميركي الغربي لافقار واذلال الشعب اللبناني خدمة للكيان المغتصب !!!
وكأنه لم يعد يوجد في لبنان الا آلية تنصّب مسؤولين علة وجودهم الصراع والتنازع على الصلاحيات والمناصب والمكاسب ،وكل ما يفعلون هو خدمة المشروع الاميركي وخدمة المافيات ..؟؟
اصوات قليلة تسمعها تخرق هذا الفراغ، الا ان موجاتها الصوتية والفكرية بكل مضامينها باتت على ما يبدو خارج آلية الطحن وصنع الفراغ و الدفاع عنه وتأمين استمراره ومفاعيله واهدافه!!!
وما عدا ذلك فكل ما نسمعه من حوارات واولويات ومواقف، ان من دعوات انتخاب رئيس للجمهورية او الدعوات الى الحوار للبحث في اسم الرئيس او اعتبار ان انتخاب رئيس وتشكيل حكومة هما شرطان لبدء البحث ب “الانقاذ” او صراع على الصلاحيات او نصائح بناء دولة التوافق وبناء اقتصاد الانتاج او الدعوات للمساعدات الاجتماعية والتي نجحت في تحويل الرواتب الى مساعدات ،اضف الى ذلك الدعوات المتعلقة بالقضاء المنحور من داخله ومن خارجه ومن كل صوب …؟؟!!!
كل ذلك كل هذه المواقف والدعوات ما هي الا صدى للفراغ .. صدى للفراغ المُخطط وصدى لفراغ العجز وصدى لفراغ التبعية والذل وصدى لتبرير خدمة المشروع الاميركي وصدى لتبرير خدمة المافيات ….
لبنان بنظامه المرتهن الارتزاقي انتهى، وكل بحث جدي في الانقاذ يبدأ باتفاق حول مفهوم وتحديد خيارات الأمن القومي ليصار على اساس هذا الاتفاق بناء دولة في وطن، ويصبح اللبنانيون مواطنين في دولة وليس طوائف وقبائل وعائلات متفرقة في وطن تتنازع فيه السلطة والمناصب والمنافع، وحتى الولاءات الخارجية ومصادر الارتزاق .
الدول لاتبنى بالنصائح ولا تبنى بالتنازع …والاقتصاد لا يبنى بالتسول ولا يُبنى بالحسنات ..
اوقفوا هذا المشروع المجرم … حان الوقت لوقفة لبناء وطن ..قبل ان يُهدم كل شيء على رؤوسنا جميعا ……
هذه ليست نصيحة.. انها دعوة!