رأي

النظام الرأسمالي الليبرالي على حافة الانهيار.. والحرب العالمية حتمية وتخاض مرحليا بالنقاط!(علي يوسف)

 

كتب علي يوسف – الحوار نيوز

 

نحن بالتأكيد في خضم حرب عالمية  ناتجة عن الحاجة الى اعادة تصحيح النظام الرأسمالي العالمي، أو بالأحرى اعادة بناء النظام الرأسمالي بعد ان اوصلته  الطبيعة  الليبرالية التي سلكها الى حافة انهيار كبير تنهار معه اقتصادات وانظمة عالمية، مع ما يعني ذلك  من فوضى لا يمكن تصور مسارها ونتائجها ..

ماذا يعني ذلك ؟؟

لقد اوصلت الليبرالية الرأسمالية التي اعتمدتها الولايات المتحدة الأمريكية النظام الرأسمالي الى ما يمكن تسميته  من الناحية الاقتصادية  ” ما فوق الرأسمالية “،  وتحول من نظام السوق الى نظام  ادوات التبادل  الافتراضية  المرتكزة الى اسواق وهمية، وبحيث توسع النظام المالي الى احجام خيالية تفوق بأضعاف لا يمكن تحديدها  احجام الاقتصاد الحقيقي .. وهذا ما  جعل مثلا بلدا كالولايات المتحدة الاميركية التي يُعتبر اقتصادها من اكبر الاقتصادات في العالم، البلد الأعلى من حيث المديونية.  وهذا ما  ادى الى وجود ثروات  ضخمة تم جنيها من دون الارتكاز الى سوق سلعي ،ونشأ نظام خدمات  افتراضي ونظام ادوات مالية ، ونظام تبادلات تجارية وهمية وافتراضية تفوق تبادلاتها واقع الاقتصاد السلعي الانتاجي الحقيقي  ..

اما على الصعيد السياسي فقد اسفر هذا النظام المافوق رأسمالي عن تحول النظام  السياسي في الولايات المتحدة الأميركية، من النظام الديمقراطي القائم على ركيزة المصالح، الى نظام مافيوي يرتكز على السيطرة  على الموارد والحركة التجارية في العالم،وعلى النظام المالي  بالقوة او بالمخابرات او بالعقوبات التي يمكنه فرضها عن طريق سيطرته  على النظام المالي  …

وقد ادى ذلك الى  :

١- حتمية انهيار النظام الرأسمالي الاميركي بفعل الفارق غير المسبوق والمتزايد بسرعة كبيرة  بين حجم النظام المالي وبين حجم الاقتصاد الحقيقي ..

٢- انهيار دور المؤسسات الدولية والقيم الدولية القائمة على الحقوق والعدالة  والانسانية التي وضعها الغرب بعد الحرب العالمية الثانية كنموذج مقنع لقيادة العالم وان كان يتضمن ضمنا السيطرة ..

٣- تحول الولايات المتحدة الأميركية الى حاكم وشرطي ومدعي وقاضي وصادر ومنفذ للاحكام بشكل او بآخر ..

انطلاقا من ذلك يمكن القول ان الولايات المتحدة الأميركية أوصلت النظام الرأسمالي الى الانهيار الذي بات يستوجب حكما اعادة تصحيحه واعادة بنائه، على قاعدة واقع جديد واسس وركائز جديدة  ..

ولا بد من الاشارة هنا الى ان النظام الرأسمالي اثبت في اكثر من محطة تاريخية ،وخصوصا بعد ازمة ال ١٩٢٩ التي ادت الى الحرب العالمية، قدرته على التجديد  باسس وركائز جديدة، خلافا للنظام الشيوعي الذي تحول من حتمية سيطرة القوى العاملة على وسائل الانتاج  لبناء النظام الشيوعي، الى نظام رأسمالية الدولة الذي ادى  انهيار الشيوعية كنظام وكفلسفة  كونها في الاساس فلسفة  الصناعة التقليدية  القائمة على تناقض جماعية الانتاج وتمركز  الرأسمال  ..والتي اتت التكنولوجيا  لتسقطها بالضربة القاضية ..

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا : اذا كان النظام الرأسمالي هو النظام الوحيد في العالم، فلماذا  لا يكون هناك اتفاق دولي على اعادة بناء هذا النظام  وتلافي الانهيار والحرب العالمية ؟

والحقيقة ان النظام  الرأسمالي  المعتمد في العالم ليس نظاما موحدا  بل ينقسم الى ٣ انظمة  :

 ١- النظام الليبرالي الاميركي الذي وصل الى حافة الانهيار وفقا لما ذكرنا كأنموذج اقتصادي وكذلك كأنموذج سياسي مجرم خارج القيم الانسانية والاخلاقية   ..

٢-  النظام الرأسمالي المعتمد من دول “البريكس” القائم اقتصاديا على التوازن بين النظام المالي وبين نظام السوق الحقيقي السلعي ونظام  التبادل  التجاري ،والقائم سياسيا واخلاقيا على محاولة اعاة الاعتبار للقيم الانسانية عبر مؤسسات المجتمع الدولي،اي الامم المتحدة ومؤسساتها والقوانين الدولية واعادة الاعتبار لأنموذج  دولي مقنع في العلاقات الدولية ..

٣- الانظمة الرأسمالية التبعية التي تعتمدها دول العالم الثالث التي تخضع للسيطرة الأميركية، والتي تعيش على برامج القروض والمساعدات  والتي تعيش واقعا من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي ..

ولقد نجحت  دول محور البريكس  بتحقيق نمو ثابت ومضطرد على المستويين الاقتصادي والسياسي، بحيث باتت تشكل حوالي ٣٦ في المئة من الاقتصاد العالمي في مقابل حوالي ٢٨ في المئة لاميركا وحلفائها ..!!!

كما تشهد دول البريكس اقبالا  كثيفا لطلبات الانضمام الى محورها ،وصل عددها الى حوالي ٣٤ دولة، من بينها دول كانت حتى امس القريب من الدول المحسوم انتماؤها للمحور الاميركي ..!!

انطلاقا من كل ذلك فإن الولايات المتحدة الأمريكية بدأت منذ فترة بخوض الحرب العالمية، او التحضير لعوامل كسبها  التي لا مفر منها لتلافي  انهيار الامبراطورية المافيوية الأميركية،  ان عبر محاولة توسيع حلف الناتو او عبر توسيع قاعدة الدول التابعة، او تعزيز وضع حلفائها  الذين يعملون تحت قيادتها، او بافتعال الحروب والاضطرابات لدى عدد من الدول المعادية لها،  لمواجهة  نمو المحور الصيني والروسي الذي بدأ يتمدد في آسيا وافريقيا وفي الشرق الاوسط ، بما يشكل حصارا للامبراطورية الاميركية سيعجل الاسراع في الحرب العالمية المباشرة، وان كان الجميع يتهيب الوصول الى هذه الحرب التي قد تكون مدمرة ويحاول استبدالها بمحاولة  ربحها بالنقاط …!!؟

ونختم بالتأكيد ان كل الحروب المفتوحة او التي ستفتح ليست حروبا محدودة الاسباب والمسارات والنتائج، بل هي جزء من مسار تراكمي في اتجاه الحرب العالمية الحتمية التي نحن في خضمها ..

اما تفاصيل هذا الامر وتطوراته المنتظرة وموقع حرب اوكرانيا وطوفان الاقصى وحرب محاولة  الابادة في غزة والضفة الغربية  في الحرب العالمية، فله  كلام آخر …

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى