النظام الإقليمي الآتي باسم الحرب (علي يوسف)
كتب علي يوسف – الحوار نيوز
تجري محاولات اميركية واوروبية حثيثة لانتهاز فرصة معينة للوصول الى اتفاق حدودي بين لبنان وبين الكيان الصهيوني يُخرج لبنان من الحرب الصهيونية – الفلسطينية حاليا او لاحقا ،على اعتبار ان الجميع يظن “أن هذه الحرب هي مرحلة مؤقتة ” هدفها القضاء على حماس وانهاء العمل الفلسطيني المقاوم والسير بوعود الدبلوماسية المترافقة مع استكمال التطبيع العربي -الصهيوني بما ينهي عمليا القضية الفلسطينية …!!!
وقائد اوركسترا الاتصالات لايجاد حل ينهي دور الجبهة اللبنانية هو الصهيوني برتبة مستشار بايدن وموفد رئاسي اميركي عاموس هوكشتاين، ولو كان المتدخلون في هذا الامر كثر وآخرهم وزير الخارجية الالماني..
ومما يشجع هوكشتاين على استمرار جهوده عوامل عدة :
١- انجازه الذهبي في اتفاق الترسيم البحري الذي اعتبره هو والغرب عموما انجازا له و خرقا ذهبيا كونه :
– تم بين “الدولة اللبنانية والدولة الاسرائيلية ” وفقا لما جاء في وثيقة المرجع الاميركية … وهو ما اعتبر اعترافا غير مباشر ب “الدولة
الاسرائيلية ” كون الاتفاق لم ينص على الاحتلال والاغتصاب للارض الفلسطينية التي يتم ترسيم حدودنا معها ..
– أمّن شراكة استراتيجية بين لبنان وبين الكيان الصهيوني عبر شركة توتال في انتاج الغاز والنفط من حقل قانا …
-امّن بدء استخراج النفط والغاز من حقل كاريش الذي اقر لبنان بملكية الكيان الصهيوني له …
-اكتفاء اللبنانيين بمهرجانات الانتصار في المفاوضات والوعود الاميركية بمستقبل اقتصادي باهر من دون الاخذ في الاعتبار الحصار الاميركي المستمر رغم الاتفاق وان الانهيار الاقتصادي الذي حصل تم بقرار اميركي …؟
-ان لبنان كان غبيا لدرجة انه وافق على استئناف العمل مع شركة توتال التي تلاعبت بعقده معها في البلوك رقم ٤ وتوابعه بقرار سياسي اميركي ،من دون اي محاسبة او ضمانات ..الا اذا اعتبر ان كلام هوكشتاين الصهيوني الاميركي هو ضمانة كافية في الوقت الذي بات فيه كل العالم يعرف ان لا ضمانات اميركية وان كل الضمانات والعقود الاميركية قابلة للنقض …
٢- ان هوكشتاين الذي نجح في التلاعب في “الدولةاللبنانية” وفي القوى السياسية اللبنانية بما فيها المقاومة للاسف ،بات يعتبر نفسه كما بات الغرب كله يعتبره قادرا على اعادة تجربة التلاعب بالعقول والمواقف اللبنانية وتحقيق ما تريده اميركا والكيان الصهيوني والغرب عموما …
٣-ويعتبر هوكشتاين انه بات وبحكم مصالح صغيرة ووعود مؤجلة يملك عددا كبيرا من المساعدين في لبنان والمروجين لطروحاته وفي كل القوى السياسية تقريبا باستثناء حزب الله .
٤-و يعتبر هوكشتاين انه يمكنه عبر محاولات عدة التلاعب على موقف حزب الله إما بالضغط عبر من يسميهم الحزب شركاء في الوطن وهم في الحقيقة ليسوا شركاء في الوطنية بل شركاء في السكن في هذه المساحة ولكنهم شركاء فعليين للغرب او بالأحرى تابعين لهذا الغرب بالرضى الذي يعتبرونه مصلحة وجودية حسب اعتقادهم وبما يجعل ذلك شراكة وجودية مع الكيان الصهيوني ولو لم تكن ظاهرة ومموهة “بوجه عربي “…وإما عبر قوى يعتبرها حزب الله حليفة ولكن هوكشتاين استطاع خرقها عبر التلاعب بطموحاتها السلطوية والنفعية والاقتصادية من ضمن التركيبة اللبنانية الهشة بنيويا وعلى طريقة ” وعد ابليس بالجنة ”
٥- ويساعد هوكشتاين في مهمته اركان اساسيون في السلطتين السياسية والامنية على نحو ظاهر او بالعمل المخفي ، إن عبر العمل لتعزيز تفاقم الانهيار وشد الخناق المعيشي بالضرائب والرسوم الباهظة وتعزيز الغلاء وحرية عمل الاحتكارات وإما عبر التفجيرات والفوضى الامنية المتنقلة بين المناطق والتي تخلق حالة من عدم الاستقرار الامني مستعملين في ذلك عصابات لبنانية وسورية ..
٦- كما يساعد هوكشتاين جيش من الاعلاميين ووسائل الاعلام ذات الارتباطات المعروفة محليا او عربيا او دوليا، وكلها تعمل على تحميل المقاومة كوجود وكإنخراط في معركة الامن القومي مع الكيان الصهيوني مسؤولية الانهيار الذي نفذته السلطات السياسية والمالية والاقتصادية بناء لطلب اميركي …
والسؤال الدي بات ملحاً وعلى ضوء التطورات المتسارعة :
هل ينجح هوكشتاين والاوركسترا وبطريقة ما في وقف الحرب على الجبهة اللبنانية والوصول الى ما يسمونه اتفاقا سياسيا بين لبنان وبين الكيان الصهيوني يخرج لبنان من هذه الحرب ،وبما يمكن الكيان الصهيوني من استئناف محاولة انهاء القضية الفلسطينية؟.. ام ان الحرب ستستمر في التطور إما لكي يؤدي الاستنزاف الى انهيار احدى الجبهتين او وصولا الى الحرب الكبرى التي يفترض حصولها تورط الولايات المتحدة الاميركية فيها مباشرة ،لكون الكيان الصهيوني عاجزا عن خوضها منفردا بما يعني دخول قوى دولية اخرى فيها واعادة رسم خارطة جديدة للمنطقة على انقاض سايكس-بيكو، وبما ينسجم والتوازنات التي ستفرزها هذه الحرب في سياق تعدد الاقطاب …؟؟!!
ولعلني قادر على الجزم ان نجاح مشروع هوكشتاين وفرقته بات مستحيلا لاعتبارين :
الاول ان المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين والا فقد ايمانه بل بالأحرى فقد عقله ..
والثاني ان الطابع الهجومي لطوفان الاقصى وللجبهات المساندة و ما وصلت اليه الاوضاع والخسائر والدمار، بات لا يتوافق وحلولاً جزئية مرحلية تعمل خلالها الادارة الاميركية وكما تعودت الى الأخذ بالضغوطات ما عجزت عن اخذه في الحرب ..!!؟
كما ولعلني قادر على ان اجزم ان التطورات محصورة ضمن نطاقي الاستنزاف للانهيار او التدحرج الى الحرب الكبرى .. واي منهما سيؤدي ويطرح حكما العمل على وضع نظام اقليمي جديد يتناسب وتوازن القوى المستجد ..
ولعل الاستباق الضروري والملح بات يتعلق في بحث تحضيري سريع لهوية وانظمة النظام الاقليمي الجديد وواقع ومعطيات وشروط و خطوات التشبيك الاقليمي حتى لا نلهث وراء حلول الازمات لاحقا ..