سياسةمحليات لبنانية

عدالة التجويع والتفقير!

العدالة تافهة عند الجوع والمساواة سخيفة عند الموت .
تختلف الشكاوى وتتعدد الحناجر والجراح والأنين واحد يفرّق الأحياء ويجمع الموتى.
تراهم سكارى وما هم بسكارى، يرجمون انفسهم بغنج و يحرقون بلادهم بعنف، يأتون وعلى أكتافهم نعوشهم، يبحثون عن حفّار ليعمّق لهم الحفرة .

يدعوهم القادة – الدهاة الى المآتم وتعتب عليهم إن تخلفوا عند الحروب، تدعوهم للحضور الى الموت وتنساهم  عند الأعراس والولائم وتوزيع الغنائم وصخب الحياة.
بعضهم يتمرّد، يرفض التمدّد حيّا في القبور، يحملون امتعتهم ويهاجرون، يشتمون الارض، يلعنون الآلهة، يتقاتلون عند القفز الى مركب في البحر او عند التدافع امام باب سفارة ولا يمتشقون السيوف.
يعيشون في الغربة بعد الدهر عمراً وتنساهم الصخور والقلوب وعند موتهم تُقرأ وصيّتهم، يطلبون دفن ما تبقى من جثثهم في ضيعتهم، بين أضرحة أجدادهم، لعلّهم يشعرون بدفء الوطن ولو بعد حين.
يبنون الاوطان لغيرهم ويعجزون عن تنظيف شوارع بلادهم.
تراهم سكارى وما هم بسكارى، يصيح الديك في آذانهم وتزدحم في مآرب عيونهم السيارات، يرقصون في ليلة عيد ميلاد الإله ويتذابحون فيما بينهم عند الصباح، تحسبهم من الجنّ وما هم من الإنس، يسرقون بعضهم ويحتالون ويمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية وما هم بخوارج فالخوارج لا يحرقون ديارهم بأيديهم ولا يأكلون جيف اطفالهم في العيد.

يتحلقون حول كهنة المعبد، يأتيهم كبيرهم الذي علّمهم السحر ليرفع الخشخاش الى الأعلى، ليوزع عليهم ما تيّسر من مورفين اليوم ويرحلون.
عبيد البارحة، عبيد كل يوم، يتناطحون كالثيران فيما بينهم ليبقوا على قيد الحياة، يهللون لكبار الضباط ولكبار القضاة وعند اقدام النبلاء يسجدون ويستجدون وظيفة او فتات كرامة ويلعقون الأحذية من أجل مال سريع، ينشدون المال الحرام بالفساد والتشبيح، يستعطون رمقاً من الحياة وينسون انهم سكارى وما هم بسكارى، انهم موتى مؤجلون يُدفنون في مجازر جَماعية في حروب أهلية او في حوادث سير وانتحار ومخدرات وامراض مستعصية ومن ازمات نفسية.
تراهم سكارى وما هم بسكارى، لا تجمع منهم مئة فارس ملثم شجاع لإنقاذ وطن من قاتليه وتراهم من أجل أوهامهم وقدسية زعمائهم يحرقون أجسادهم بالحديد والقهر والنار .
أنهم لبنانيون.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى