الحوارنيوز – صحافة
تحت هذا العنوان كتب نبيه البرجي في صحيفة الديار يقول:
هي تهديدات “اسرائيلية” تزداد همجية يوماً بعد يوم. المقاومة تدرك، وبالرؤية البانورامية للخلفيات كما للاحتمالات. السيناريو أمام يؤاف غالانت: شن عملية جوية، بأعداد هائلة من القاذفات، تزامناً مع تنفيذ “الموساد” اغتيالات حساسة، لتفجير الوضع الداخلي. بالتالي الاستنزاف العبثي لإمكانات المقاومة.
بطبيعة الحال، هناك من هو جاهز ويراهن على تلك اللحظة كضرورة تاريخية، لإحداث تغيير ان في البنية الدستورية للبلاد، أو في المعادلات السياسية الراهنة. الاحتياطات الأمنية في ذروتها. ولكن من يضمن ألا يضرب “الموساد” رؤوساً تعتبر معادية الى حد صدامي للمقاومة، بالصورة التي تفضي الى حصول هزات طائفية وهزات دموية، بتداعيات كارثية على لبنان ووجود لبنان؟
لنبتعد قليلاً عن الثقافة الشائعة ـ ثقافة التفاهة أو ثقافة الباريزيانا بالطرابيش الفارغة ـ ونستذكر ما تفوّه به بنيامين نتنياهو عقب عملية طوفان الأقصى حول تغيير الشرق الأوسط، بمؤازرة أميركية، حين كانت حاملة الطائرات “جيرالد فورد”، ومعها 4 غواصات نووية وبوارج متعددة المهمات تتجه الى شرق المتوسط.
هل كان الرجل يقصد احداث التغيير في المسارات الاستراتيجية للمنطقة من بوابة غزة، وهي البوابة المقفلة لا بالحصار فقط، وانما أيضاً بأحكام كمب ديفيد؟ حتماً من البوابة اللبنانية، وحيث التهديد الأكبر لأمن “اسرائيل”، وحتى لوجود “اسرائيل”، بامتداد تلك البوابة الى عمق المنطقة، وصولاً الى شواطئ قزوين.
السيناريو يلحظ توجيه ضربات صاعقة ومفاجئة على أهداف حساسة (جداً) تابعة للمقاومة، في ظل تصدعات دراماتيكية بين المكونات السياسية والمكونات الطائفية للدولة اللبنانية. من هنا كان اشعال الخط الأزرق كخط أحمر في وجه البربرية، لصد أي زحف من الجنوب.
هذا ما أفقد “اسرائيل” عنصر المفاجأة البالغ الضرورة، بعدما كان زعيم سياسي لبناني قد اخذ عليها ابان حرب تموز 2006، أن تهديداتها عشية العملية العسكرية آنذاك جعلت قيادة حزب الله تتخذ كل الاجراءات الوقائية لاستيعاب العملية ومواجهتها، دون أي ثغرة تكتيكية أو استراتيجية ينفذ منها “الاسرائيليون”.
ديبلوماسي عربي صديق، ويعمل في عاصمة أوروبية، قال لنا أن الأميركيين الذين هزتهم في العمق أحداث 7 تشرين الأول، كانوا يدعمون حكومة نتيناهو لاجتثاث القوى العسكرية التي تشكل خطراً على “اسرائيل”. لكن تفجير جبهة لبنان، وكذلك جبهة البحر الأحمر، وضرب القواعد الأميركية في العراق، نبّه ادارة جو بايدن الى المخاطر التي يمكن أن تنتج عن توسيع نطاق الحرب، وامتداد الحرائق الى سائر أرجاء المنطقة. وهذا ليس من مصلحة الولايات المتحدة التي حدد البنتاغون استراتيجتها للعقود المقبلة، وحيث مسرح الصراع حول قيادة العالم في الشرق الأوروبي كما في الشرق الآسيوي.
من هنا التركيز الأميركي على التهدئة، والعودة الى ديبلوماسية المراوغة حول انشاء دول فلسطينية، بعدما أخفقت الادارات المتعاقبة في اقناع الحكومات “الاسرائيلية” بوقف الاستيطان في الضفة، ليبدو السكان العرب بين جدران حلزونية، تضعهم على حافة الاقتلاع والترحيل.
من لا يستطيع وقف بناء مستوطنة “اسرائيلية” في الضفة، كيف له اقامة دولة فلسطينية على أرضها، ما يعتبره “الحاخامات” انتهاكاً أبوكاليبتياً للوعد الالهي. نتنياهو في وجه بايدن. من هو الثور هنا…؟
لبنان في رأس بنيامين نتنياهو، مثلما كان في رأس آرييل شارون، وحتى في رأس غولدا مئير الخائفة من “ذئاب الشمال”. هو ذاك الذي قال فيه المزمور 9 / 29 ـ 6 “صوت الرب يحطم أرز لبنان، لبنان يقفز قفز العجل، بالرغم من عظمته يرتعد أمام صوت الرب”.
ذلك ما يقوله إلههم، فماذا يقول إله اللبنانيين؟ هل ثمة من إله واحد للبنانيين الذين تفرقوا أيدي سبأ؟ هذه احدى الأوراق في يد “الاسرائيليين” الذين يعتقدون أن المقاومة تعاني من اضطراب في العمق الاستراتيجي كون سوريا “ساقطة عسكرياً”، كما أن الجيش “الاسرائيلي” استفاد الكثير على مستوى حرب العصابات من اليوميات القاسية في غزة، اضافة الى التفوق السيبراني، وتفعيل سلاح الجو بأسراب من طائرات “اف ـ 35A “.
ولكن هل يتصور “الاسرائيليون” أن لديهم المعلومات الكافية عن القدرات السرية لحزب الله؟ لن يسمح الأميركيون بخسارة الشرق الأوسط. هنا المعادلة المعقدة…