المواجهة: اعلاميون أنيقون ومخادعون و…
ما اجمل الحرباء عندما تغيّر لونها تمويها وفق شعورها بالخطر، ام وفق مصلحتها لتتمكن من فريستها من دون ان تترك اثرا.
ما لنا وللحرباء، انها ضرورة في عالم بحاجة لتوازن قوانين الطبيعة.
اما ان تكون اعلاميا في محطة خاصة وموجهة ،فهذا يعني انك تنازلت عن نصف حريتك ، وان يصبح النافذون في السلطة اصدقاءك، فهذا يعني انك اهديت نصفك الآخر للشيطان.
عشرون عاما وانا ابحث عن اعلامي حرّ على شاشة عربية موضوعية، فما وجدت الا مداحين ومساحي جوخ ومروجين لأفكار قوة السلطة والسلبطة ولشخصيات نافذة ناهبة للمال العام.
ان كان من فاسد اوّل ومن فاسد ثان، فالاعلامي المتربع على الشاشات منذ ما قبل ولاية الرئيس نبيه بري لا يحق له الكلام عن ديكتاتوريات ،ولا يحق له توجيه الاتهامات وهو سليل الاقطاع الاعلامي الموجه.
أحدهم محدث لبق انما يفتقد دماثة ولطف قريبه ، استضاف بودّ في برامجه كل طغاة وناهبي المال ما ساهم في تلميع صورتهم المشوهة.
لا يمكنك ان تكون صديقا للحكام ولاصحاب المال، تضحك وتلهو معهم ايام بطشهم وان تقول انك مع المنتفضين من اجل رغيف الخبز ومن اجل كرامات الناس النازفة .
ما نزف دماء هؤلاء الا من سهام اصدقاء الاعلامي هذا.
من الاشمئزاز في مكان ان تكمن في برنامجك لاعلامي زميل آخر، وان لا تكمن لسياسيين وشبه قادة وانذال مصارف تسببوا بديون هائلة على الدولة واحتالوا وحجزوا اموال الناس.
الا يعتبر هذا فسادا اعلاميا يستحق الانتفاض عليه لان خداع شعب بأكمله ساهم بتأخير انتفاضة الناس .
اعلامي آخر، لطيف ، مسالم، يسير بروية كرجل الفضاء بين الغام فكرية وقنابل اجتماعية ليتقي خناجر شرعية، ما يجعل برنامجه ندوة ثقافية تعبوية مع كوب شاي وخبز مرقوق بين اناس يعرفون بعضهم ويفكرون مثل بعضهم البعض.
للامانة فقد نجح في تمرير "كرافاتته" وابتسامته خلسة عن اعين الرقابة وحلال وحرام القناة.
ما يزعجك في اعلامي ثالث انه غير قادر ان يخرج من اسر شخصية زميله الأول، يعطيك من طرف اللسان ما تمليه عليه عائلة المحطة ويروغ من الضيف والمشاهد كما يروغ الثعلب لايصال رسالة المحطة السياسية اكثر من ايصال وجع الوطن.
ما استقصاء القناة عن الجرائم الا اخبارا متأخرة عن معلومات تعرفها وتحكيها الناس منذ سنوات بعيدة.
في الماضي لمع اعلامي رابع في برنامج له "من دون كرافات" ،ويبدو ولجرأته ولشراسته دفاعا عن الناس لم تتحمله قناة تلفزيونية.
بعض الاعلاميين ساهموا بخلق راي عام لبناني مشوه ،كما ساهموا في تخدير الناس واهماد الهمم سعيا لمال وسعيا لتقرب من سياسيين وامنيين و رجال مصارف نافذيننافذين، ما أخر الانتفاضة اللبنانية. وعندما انتفضت الناس وضعوا قبعة الثورة على رؤوسهم ليس لانجاحها ابدا انما لتنفيسها رويدا رويدا وبخبث عن وعي وعن لا وعي.
كل محطة لطائفة، وكل محطة لعائلة سياسية او لعائلة مالية، فكيف يكون الاعلامي فيها حرّا وصادقا يحاور الضيف ويصدق الناس؟
مذ انتشر الواتس اب والفايسبوك ،ما عادت الاجهزة المرئية تصنع رأيا عاما، لذلك جاءت الانتفاضة ،اي بعد ان همد بريق الاعلام الموجه، فهل من دليل اكثر من ذلك ان الاعلام واحد من كلن-يعني-كلن.
الواتس اب جعل من كل لبناني مراسلا ومحققا وناصرا للحقيقة ومخرجا واعلاميا صادقا، لذلك تحررت الناس من اقطاع الاعلام فعرفت طريق انتفاضتها وكرامتها.
اعلاميون انيقون لكن مخادعون.
"مولخا" "مولخا" من سرق بندقيتي العتيقة وقلم مدرستي الرسمية، من سرق وعي الناس ببرمجة عقولها وتشويه رؤيتها حتى ماعادت تميز بين اللص والبطل؟.