إقتصاد

المنطقة الإقتصادية “الترامبية” في جنوب لبنان:شروط مستحيلة وظروف غير واقعية (عماد عكوش)

 

بقلم د. عماد عكوش – الحوارنيوز

تهدف الخطة الأميركية المقترحة لإنشاء “منطقة ترامب الاقتصادية” في جنوب لبنان قرب الحدود مع فلسطين شكليا وظاهريا، وبحسب المعلن، إلى تعزيز الاستقرار الاقتصادي والأمني في المنطقة ، ولكنها تثير تساؤلات حول جدواها وضمانات نجاحها في ظل تاريخ من الصراعات والتوترات .

 وتستند هذه الخطة إلى مقاربة اقتصادية للأمن ، حيث تسعى الولايات المتحدة الاميركية إلى معالجة المخاوف الأمنية الإسرائيلية من حز.ب الله دون احتلال عسكري مباشر، من خلال إنشاء منطقة اقتصادية تعيق إعادة ترسيخ الوجود العسكري للحز.ب بالقرب من الحدود .

نظريا، المناطق الاقتصادية هي مساحات جغرافية محددة تُطبَق فيها سياسات اقتصادية وتجارية خاصة بهدف جذب الاستثمارات وتعزيز التعاون الإقليمي، لكن دون اقامة هذه المناطق ونجاحها شروط كثيرة منها :

  •      الاستقرار السياسي والأمني، وهو شرط أساسي لجذب المستثمرين وضمان استمرارية المشاريع ، وعدم الاستقرار يزيد مخاطر الاستثمار ويحد من فعالية هذه المناطق .
  •      التكامل الاقتصادي والقدرة على الاستفادة من الموارد المشتركة حيث يسهم في خلق سلاسل قيمة إقليمية تدعم النمو المستدام.
  •      البنية التحتية الملائمة والتي تدعم الأنشطة الاقتصادية والتجارية ، بما في ذلك الطرق والاتصالات والخدمات اللوجستية.
  •      الأطر القانونية والتشريعية الواضحة والتي تحفظ حقوق جميع الأطراف وتضمن الشفافية في التعاملات.
  •      الدعم الدولي والإقليمي والذي يوفر الضمانات السياسية والمالية لاستمرارية المشاريع .

ماذا عن الأهداف المعلنة؟

وفق التصريحات وحديث السياسة فان الأهداف المعلنة وبحسب المصادر الاميركية تتضمن :

  •      تعزيز الأمن الإسرائيلي من خلال خلق حاجز اقتصادي يحد من قدرة المقاومة على العمل قرب الحدود .
  •      تحفيز التنمية في جنوب لبنان عبر جذب الاستثمارات وإعادة الإعمار ، حيث وافقت السعودية وقطر على الاستثمار في هذه المناطق .
  •      دعم نزع سلاح المقاو.مة من خلال ربط الانسحاب الإسرائيلي والاستثمارات بخطوات عملية من الحكومة اللبنانية لنزع السلاح .

ان إمكانية نجاح منطقة اقتصادية بين لبنان وإسرائيل تبدو مستحيلة في الظروف الحالية لأسباب متعددة منها:

  •      العداء التاريخي وعدم الاعتراف الرسمي حيث لا توجد علاقات دبلوماسية بين البلدين ، ما يعقد أي تعاون رسمي.
  •      الوضع الأمني المتوتر لا سيما مع استمرار العمليات الاسرائيلية وتوسعها .
  •      التباين الاقتصادي الكبير، حيث الاقتصاد الإسرائيلي متقدم تقنيًا وصناعيًا ، بينما الاقتصاد اللبناني يعاني من أزمات هيكلية حادة ، بما في ذلك أزمة مياه حيث يعيش 90% من السكان في بلدان تعاني من ندرة المياه .
  •      عدم الثقة المتبادلة والتي تتجلى في الرفض الشعبي للخطة نتيجة التجارب المريرة التي عاشها الشعب اللبناني جراء الاعتداءات الاسرائيلية .

التحديات والعوائق الرئيسية

  •      التحديات الأمنية حيث ان  وجود المقاو.مة كقوة مسلحة مؤثرة في جنوب لبنان يمثل عائقًا جوهريًا أمام الخطة الأمريكية .
  •      التحديات الاقتصادية حيث ان لبنان يعاني من أزمات اقتصادية طاحنة ، والبنية التحتية متدهورة ومشاكل نقص المياه التي تؤثر على القطاع الزراعي والصناعي .
  •      التحديات السياسية فالانقسامات السياسية الداخلية في لبنان حول نزع سلاح المقاومة وطبيعة العلاقة مع إسرائيل خلقت شرخا كبيرا بين اللبنانيين .
  •      التحديات الاجتماعية ومنها رفض الرأي العام اللبناني لأي تطبيع مع إسرائيل دون حل القضية الفلسطينية .
  •      تذبذب الدعم الدولي حيث  ان السياسات الأميركية تتغير حسب الإدارات المتعاقبة ، وخطة ترامب قد لا تستمر إذا تغيرت الإدارة الأمريكية .

لكن ما هي الاهداف الخفية التي تخفيها الولايات المتحدة خلف هذه الخطة ؟

ان اهم ما يمكن ان تتضمنه هذه الخطة من اهداف خفية :

  •      تطبيع العلاقات حيث قد تكون المنطقة أداة لفرض واقع جديد من التعاون الاقتصادي غير السياسي بين لبنان وإسرائيل.
  •      تعزيز النفوذ الأميركي في المنطقة من خلال قيادة عملية اقتصادية وأمنية مربحة لحماتها الإقليميين.
  •      إضعاف المقاو.مة اقتصاديًا وعسكريًا عبر حرمانها من البيئة الخصبة لها في جنوب لبنان.
  •      تحقيق مكاسب سياسية داخلية للإدارة الأميركية الحالية عبر تقديم نفسها كصانعة للسلام والازدهار في الشرق الأوسط.
  •      والاهم هو امكان ان يكون الافراغ هو مجرد عملية تمهيدا لضم هذا الشريط لاحقا الى الكيان .

وهنا نشير الى اهم خلاصة، وهي انه لا ضمانات يمكن ان يقدمها احد في تنفيذ هذه الخطة ، فالاميركي قالها صراحة انه لا ضمانات امنية منذ البداية ، وكذلك اي وعد من اي دولة بخصوص التمويل هو ايضا غير مضمون ، يضاف اليها ايضا”عدم وجود ضمانة بادارة هذه الخطة والمنطقة من جهة محايدة لضمان العدالة في توزيع المنافع . اذاً لا ضمانات بالمطلق، والمجهول هو عنوان هذه الخطة . وهنا نشير الى الخطط التي تم اقرارها بين دول طبعت مع الكيان الاسرائيلي لكن فشلت فشلا كبيرا، ومنها مصر والاردن .

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى