المقايضة الأميركية :نعطيكم السلطة والسلاح…شرط عدم قتال اسرائيل!(نسيب حطيط)
د.نسيب حطيط – الحوارنيوز
يقع الكثيرون في الداخل والخارج، بمغالطة كبرى نتيجة عدم الفهم للموقف الأميركي من موضوع نزع سلاح المقاومة او بقائه، ويردّدون بشكل ببغائي وجوب نزع السلاح ، وعدم إمكانية المساكنة بين شرعيتين في دولة واحدة، وذلك لسلب لبنان أوراق القوة بمواجهة الأطماع الإسرائيلية والأميركية.
ما لا يفهمه السياسيون في لبنان ان موضوع السلاح وشرعيته ، لا يرتبط بوجود الدولة اللبنانية أو مواقفهم،بل يرتبط بوظيفته ودوره وفق المفهوم الأميركي-الإسرائيلي . فإذا كان السلاح للقتال في الداخل او الإقليم ويعلن حاملوه جهاراً ان لا حرب مع اسرائيل ، فستعلن اميركا ان هذا السلاح شرعي ويمكن ان تمد المقاومة بالسلاح مباشرة او عبر جهات حليفة، كما حصل في لبنان وسوريا وفلسطين والعراق وأفغانستان وفق التالي :
– اعطت اسرائيل السلاح للكتائب والقوات اللبنانية والوطنيين الأحرار ودرّبتهم، لان وظيفة السلاح كان قتال المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية والجيش السوري، ولم يرفض اليمين المسيحي هذا السلاح مع انه كان يمسك بالسلطة والجيش، وبرّر ذلك بخوفه من المقاومة الفلسطينية ،بينما يرفض الآن تسليح المقاومة الذي حملته خوفاً من إسرائيل ودفاعاً عن نفسها، ويرفض ان يعطي المقاومة ما شرّعه لنفسه، مع انه أكثر خطيئة وخيانة وطنية، لأنه تسلّح من العدو وتحالف معه لغزو لبنان!
– أعطت إسرائيل وأميركا السلاح للسلطة الفلسطينية في الضفة ،لأن مهمة السلاح ووظيفته مساعده القوات الإسرائيلية وإعتقال المقاومين ومصادرة السلاح المقاوم للعدو ،اما السلاح المقاوم في غزه والضفة فانه سيتعرّض وحاملوه للتدمير والإبادة الشاملة والسجن والتهجير والإعتقال!
– أعترفت اميركا، بشرعية السلاح “لجبهة تحرير الشام-النصرة سابقاً” التي قاتلت شرعية الدولة السورية النظامية وعفت عن”أبو محمد الجولاني” الذي صنّفته اميركا مع جبهته، بأنهم إرهابيون ورصدت جائزة عشرة ملايين دولار لمن يدل عليه، ثم اعترفت به وبسلاحه وإنقلابه واجتمعت به، وكان ثمن هذا العفو والاعتراف والدعم ،إعلان “الجولاني وجبهة التحرير الشام” بانهم لن يقاتلوا إسرائيل، ومستعدون للسلام معها ومنع استعمال الأراضي السورية لأي عمل مقاوم ضد إسرائيل .
-أعطت اميركا السلاح واصطنعت “داعش” ودعمتها مع تركيا في غزو العراق، لأن وظيفة السلاح الداعشي إسقاط النظام العراقي الذي لم يُطبّع مع اسرائيل ويدعم المقاومة في لبنان وفلسطين ويدعم سوريا، وعندما وُلد “الحشد الشعبي” فإن اميركا تفرض العقوبات وتهدد بوجوب حل هذا “الحشد” ونزع سلاحه، لأنه ضد إسرائيل، بينما تعطي السلاح للأكراد “البيشمركة” ، لأن سلاحهم لا يهدّد اسرائيل !
– اعترفت أميركا، بشرعية “طالبان” وسلاحها ووافقت على تسليمها الحكم في افغانستان بعد قتال دام لسنوات، وعندما اطمأنت اميركا ان سلاح طالبان لن يكون ضد مصالح امريكا واسرائيل ،صار السلاح شرعياً!
ان شرعية السلاح والسماح به وفق القانون الأميركي ترتبط بوظيفته ووجهته ودوره، فإذا كان ضد العدو الاسرائيلي او الإحتلال الأميركي فإن هذا السلاح سيكون “إرهابياً” ويجب نزعه ،حفظا للدولة والشرعية، كما في لبنان، أما إذا كان السلاح ضد المسلمين والمسيحيين والأنظمة الحاكمة غير المُطبّعة او المذاهب او الطوائف ويتحالف مع العدو الإسرائيلي ،سيكون هذا السلاح “شرعياً” ويمكن ان يتسلّم السلطة!
إذا وافقت المقاومة في لبنان وأعلنت عدم العداء لإسرائيل والتخلي عن دعمها للمقاومة الفلسطينية وموافقتها على صفقة القرن او السكوت عن التطبيع ووافقت على السلام مع اسرائيل ،فإن امريكا ستبادر الى اعطائها السلطة في لبنان ودعمها بالسلاح،وإسكات من يعارضها في لبنان، وستتحول من منظمة ارهابية الى “سلطة شرعية” يمكن ان يكون القصر الجمهوري في الضاحية الجنوبية!
مشكلة المقاومة وأهلها، أنهم اصحاب مبادئ وأهل دين وأخلاق وإنسانية وكرامة وشرف، لا يتنازلون عن حقوقهم ولا يتعاونون مع الظالم وينصرون المظلوم – ولو كان ظالماً لهم ولا يعترف بتضحياتهم من اجل مساندته_- ولذا لم ولن تعترف المقاومة وأهلها بإسرائيل، ولن يوافقوا على السلام والتطبيع معها ،ولن يتنازلوا عن السلاح المقاومة.