المقاومة في مواجهة.. “طوفان الإقصاء”!(نسيب حطيط)
بقلم د.نسيب حطيط – الحوارنيوز
تواجه المقاومة وأهلها المرحلة الثانية من” طوفان الإقصاء” الذي بدأ بعد حرب “المائة اليوم” العسكرية التي يشنّها العدو الاسرائيلي ،فبدأت مرحلة المعركة السياسية التي أزاحت الثنائي الشيعي من موقع القرار والتحكّم برئاسة الجمهورية والحكومة الى مرحلة الشراكة الصورية التي وضعت “الثنائي ” أمام خيارين، إما تحمل مسؤولية إفشال الإنتخاب وإدخال لبنان في الفوضى وتزايد العزل السياسي للشيعة، او المشاركة عبر “صفقة” لحفظ ماء الوجه.
وبعد72 ساعة من انتخاب الرئيس، تم إقصاء الثنائي الشيعي من عملية إختيار رئيس الحكومة خارج إرادة رئيس الجمهورية، وتم وضعه مجدّداً أمام خيارين، كلاهما يسيء اليهما وللطائفة: فإما التسليم بالأمر الواقع والقبول بالخروج من الشراكة، او المقاطعة والبقاء في خندق المعارضة ،ما سيفتح المجال امام بدء إختراق التمثيل الشيعي قبل الانتخابات النيابية المقبلة، ما سيهدد إحتكار الثنائية للتمثيل النيابي ويكسر احتكارهما لترشيح رئيس مجلس النواب الذي سيكون الهدف الثالث “لطوفان الإقصاء” لضمان التجانس والتكامل بين الرئاسات الثلاث!
تقود السعودية ، المرحلة السياسية من “طوفان الإقصاء” ، برعاية وشراكة أميركية، بعدما أعطت أميركا لتركيا حق الرعاية والإدارة في سوريا ولإحداث التوازن. فقد تم منح السعودية الإدارة والرعاية للبنان مع تعيين منظومة متجانسة في المؤسسات من رئيس الجمهورية الى رئيس الحكومة والوزراء وبعدها التعيينات الأمنية والقضائية التي تصب جميعها في تنفيذ القرار 1701 وكل القرارات الدولية السابقة، وفق ما تم التوقيع عليه في “إتفاق تشرين ” لوقف النار مع تأمين منظومة إعلامية في الداخل والخارج تقوم بمهاجمة قوى المقاومة وتشويه صورتها والتمهيد للحكم الجديد ،بالتلازم مع إعلام للمقاومة، ضعيف وقاصر ومقصر لا يسمعه أحد!
تستغل المرحلة السياسية من “طوفان الإقصاء” تغيّر الظروف واختلال توازن القوى والإستفادة من الوقائع الظرفية التي ليست لصالح قوى المقاومة الآن وفق التالي:
– الضربات القاسمة التي تلقتها المقاومة في حرب “الستين يوماً” والتي ما زالت حتى الآن .
– سقوط سوريا ،الداعم الإستراتيجي لقوى المقاومة منذ اكثر من 40 عاماً، وتحوّلها الى طرف خصم يحاصر المقاومة وربما يقاتلها في لحظة ما!
– تقدم المشروع الأميركي وانتصاره بالنقاط على محور المقاومة، سواء في غزة او لبنان او سوريا والعراق وتهديد وتقييد إيران.
إن أهداف “طوفان الإقصاء” اقتناص اللحظة الذهبية، للتخلص من المقاومة ومشروعها في لبنان والعالم العربي واستغلال لحظة الإنهاك الذي تعرّضت له والزلزال السوري، لتنفيذ المشروع الأميركي-الإسرائيلي الذي تأخر 40 عاما منذ اجتياح عام 1982 والذي يعاد تنفيذه بجزئياته وتفاصيله، من تعيين رئيس الجمهورية وللحكومة و”المارينز” الذي تم إستبداله “بالمارينز السياسي” والتخلص من المقاومة اللبنانية، كما تم التخلص من المقاومة الفلسطينية والتي كاد ينجح مشروع تهجير أهلها وتهجيرها معهم، لولا رعاية الله وبسالة المقاومين الإستشهاديين الذين قاتلوا بشكل أسطوري طوال الستين يوماً وافشلوا الإجتياح البري!
على الثنائية ان تقوم بمراجعه نقدية لسلوكياتها وإدارتها السياسية وتعاملها مع الطوائف الاخرى التي تعاملت معهم، كما تتعامل داحل طائفتها والإستفادة من الأخطاء التي ارتكبتها والمبادرة للتضحية بالأشخاص والوزراء والنواب ،لإنقاذ الطائفة وحقوقها ووجودها وليس العكس، والإستفادة من تجارب الماضي، حيث كانت تمتلك قرار ترشيح رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ،وتشارك غيرها في اختيارهما ،لكنها أصرّت على فرض قرارها ، فأشعلت نار التشفي والحقد ضدها ،ما أدى لإخراجها من القرار ومن الشراكة !
من حق الطائفة على الثنائية التي بايعتها طوال 30 عاماً ان تحفظ الإنجازات والحقوق والشراكة، وان تعمل على إدارة الأزمة السياسية التي تعيشها بعقلانية وحكمة وموضوعية، وان تقتنع ان الظروف قد تغيّرت وأنها ليست بنفس القوة التي كانت عليها ولا يمكن تحصين حقوقها والطائفة التي تمثلها بنفس الأساليب والوجوه والوزراء والنواب، بل عليها تغيير خطط المواجهة وإعتماد أهل الكفاءة والتخلّص من الفاسدين دون مغادره الثوابت والمبادئ.
فإذا احسنت الثنائية إدارة الأزمة بعيداً عن التهديد بالشارع الذي يمكن ان يشكل كمينا داخلياً لها ،فإننا قادرون على تجاوز الوضع المأزوم وإعادة الإمساك بالمبادرة والشراكة في القرار.