كتب حسن أحمد خليل- الحوار نيوز
يشهد الاقليم في الأيام المقبلة تطورات مهمة قد تقلب الموازين، وترسم المرحلة المقبلة، سلبا او ايجابا، حسب هوى القارئ. لكن الواضح ان التطورات في مأرب، واجتماع غد الثلاثاء مفصليان. التصعيد في مأرب، والقصف في خليجيا، قد يكون في راي الإيراني انه يساهم في تعزيز موقف التفاوض، تماما كما كان يفعل الفيتكونغ في فيتنام الشمالية. يصعد وينجز عسكريا، ويفاوض على الطاولة.
اميركا ترفع الحظر والتصنيف عن الحوثيين. الامارات والسعودية تعلنان الاستثمار في العراق.
في نفس الوقت، تستمر تركيا في التوسع عسكريا في ليبيا وقطر وسوريا واليمن، ونفوذا حيث التواجد الاسلامي من طرابلس في لبنان الى حيث النفوذ الإخواني، اينما كان.
ليس من المؤكد اذا كان الحوثي سيبادر الى حسم معركة مأرب، ام إظهار حسن نية بتجميد الإنجاز العسكري.ثم الى فيينا در.
الاوروبي قلق من مجمل الوضع في لبنان امتدادا الى سوريا. يراقب التدهور الاقتصادي في البلدين، ويستذكر ظاهرة القوارب على الشواطئ، ويرغب في حجز حصة من الغاز البديل عن الغاز الروسي. الاميركي عكس الاوروبي، ليس مستعجلا الا في ما يؤمن أمن اسرائيل، وترسيم الحدود البحرية للبدء في التنقيب عن الغاز اميركيا واسرائيليا، ومراقبة حدود انتشار النفوذ الروسي على البحر المتوسط الدافئ، غير متغافل عن علاقة هذا النفوذ بقبرص واليونان الارثوذكسيتين، ولو كانا في الاتحاد الاوروبي.
اضافة، يعتبر فريق بايدن الاميركي، الذي يعتمد، بل هو استمرار او امتداد لما خطط له فريق اوباما، على ان الاولوية منذ الان فصاعدا هي مواجهة الصين وامتدادها.
العودة الى الاتفاق النووي لن يكون صعبا. التحدي الاكثر تعقيدا يوم الثلاثاء في فيينا، هو مدى الضغط الاسرائيلي على الإدارة الاميركية لربط الاتفاق النووي بمنظومة الصواريخ الايرانية، خاصة الطويلة المدى والدقيقة، والتي يعتبرها الإيراني جزءا لا يتجزأ من أمنه القومي، وكونه السلاح الردعي، ليس فقط في مواجهة إسرائيل، بل مرورا بالاقليم، وصولا الى أوروبا.
تعزز الموقف الايراني التصعيدي بعد توقيع الاتفاق الاستراتيجي مع الصين. لكن، عكس ما قد يعتقد بعض المغالين في المحور الايراني، يبقى الايراني اكثر من اي وقت مضى، معنيا بابرام الاتفاق النووي، ورفع العقوبات، واعادة تكوين اقتصاده. لذلك، لن يتأخر لابرام اتفاق شامل اذا ما رفعت العقوبات، والتوصل الى اتفاق ما يضمن تحييد فعالية الصواريخ. نفسه طويل، لكنه ايضا منهك، ويريد تنفيس الضغط الداخلي.
ضمن كل هذه التطورات ما زال هناك في البلد المنهك الآخر ، لبنان، من يعتقد ان رؤساء بعض الدول الكبرى لا ينامون، ارقا وقلقا على الطائفة الفلانية او تلك. لم يتعلموا ان لبنان حلقة ضعيفة في اللعبة الكبرى، وان جل أهميته كانت، وما زالت،جغرافيته جوارا مع اسرائيل، واليوم، ما يكمن في بحره. لذلك حياده ليس قراره، ولو كان افتراضا يوما ما رغبة اغلب شعبه، ولن يكون هذا اليوم. لن يجتمع الشعب اللبناني على رؤية موحدة لمصيره. كارثته ان زعماءه، يعلمون تفاصيل التطورات في الاقليم، ولا يرون الا كيفية تعزيز نفوذهم الشخصي ضمن هذه اللعبة، لا كيفية تحصين موقع لبنان التفاوضي.
ضمن هذه المعطيات، قد يبقى الوضع الأمني ممسوكا الى حد ما، مع كل ما قد يحصل من جرائم يومية، تبقى بالمفهوم الامني، ضمن المقبول، وقد يتم منع انهياره الشامل، بمعنى انفلات الشارع الكامل، وانهيار الامن والقانون، عبر جرعات تخديرية من بضع مليارات من هنا او هناك، تماما كما حصل البارحة باعلان السعودية والإمارات الإستثمار في العراق. جرعات، إضافة الى تحويلات اللبنانيين لاهاليهم، تمدد الماساة اللبنانية لفترة ستة اشهر، قابلة للتمديد.
لذلك كله مرة اخرى، يصبح واقع اللاحكومة، او حكومة من ١٨ او ٢٤، مجرد تحديات او تسليات محلية للاقطاب اللبنانيين، الذين برهنوا بجدارة انهم نموذج نادر بين السياسيين في دول العالم، في قلة الاخلاق في ممارسة السلطة.
زر الذهاب إلى الأعلى