الحوار نيوز – خاص
أحيت طرابلس العيد الوطني للفن التشكيلي في لبنان في بيت الفن -الميناء، بحضور وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى، وحشد من الفاعليات والهيئات الثقافية والادبية والاجتماعية والمعنية بالفن التشكيلي ، وهو الحفل الذي اصرّ وزير الثقافة على احيائه كمحطة اساسية في عاصمة الشمال ضمن فعاليات طرابلس عاصمة للثقافة العربية لعام 2024 ،بالاشتراك مع جمعية الفنانين اللبنانيين للرسم والنحت ونقابة الفنانين التشكيليين اللبنانيين.
وكانت للوزير المرتضى كلمة تضمنت مواقف مهمة في السياسة لجهة طرابلس وعروبتها وما تمثله القضية الام “قضية فلسطين ” لطرابلس واهلها ،مؤكدا ان طرابلس “تثور متسلحةً بالكلمة والقصيدة واللون وتنتظر بإيمان عودةَ الضمير الى السياسة ” داعيا السياسيين الى استقاء العبر من طرابلس والطرابلسيين:”فتتعلمَ السياسةُ من طرابلس أمثولاتَ الوطنيةِ الحقّة التي توازي مئة ألف خطاب سياسي.”منوها بالتنوع في مدينة الفيحاء :”ههنا في طرابلس فخرنا أننا موحّدون بتنوعِنا. في كلٍّ منا مسيحيةُ محبّةٍ واسلامُ سماحةٍ لا يتميز الواحد منا عن الآخر سوى بقدر لقائه مع الآخر.
وجاء في كلمة الوزير المرتضى :”
يسعدني لا بل يشرّفني أن أشهد في حفل احياء العيد الوطني للفن التشكيلي وذلك ههنا في الفيحاء طرابلس…طرابلس الحقيقية التي تولدُ بأبهى حللها من الفنون التشكيلية والتي كان لعظماء الفن والابداع في طرابلس الفضل في نحت هويتها الابداعية التي تلازمها منذ عقود.”
وقال :”وما المعرض الذي نفتتحه اليوم على هامش احيائنا لمناسبة العيد بهمّة مشكورة من نقابة الفنانين التشكيليين اللبنانيين وجمعية الفنانين للرسم والنحت سوى تأكيد على التنوّع الذي تحتضنه الفيحاء والذي تخاطب عبر أشكاله وألوانه اللبنانيين والعالم باللوحة والمنحوتة، فطرابلس ربيبةُ الفنون ومهدُ الفنانين والمفكرين والشعراء والأدباء وقليلٌ عليها وعلى تاريخها وأهلها أن نخصصها باعلانها مدينة الثقافة العربية فهي قبلنا مهدَ العروبة الخلاقة وبعدنا مدينة الروح التي يضيء جمالها على ساحل المشرق العربي كما تضيء خيوط الشمس على الذرى.
وتابع المرتضى:”لا يُخفى عليكم أن الثقافَةَ هي مرآةُ المجتمع وتنعكس فيها آمالُ وآلامُ الناس، طموحاتُهم وأحلامُهم وثوراتُهم ولذلك يأتي إزميلُ النحّات وريشة الرسام لتجسِّد بسمات أفراحِهم ودموعَ أتراحِهم فيتماهى الألم مع القلم والكَون مع اللون ويتماهى المتلقّي مع كل ذلك بلا تصنّع وبطبيعية وانسياب وكأنما الفن يعيش مع الناس في مخادعهم ويئنُّ من الحرمان على أسرّتهم ولذلك ترون الناس أقرب الى الثقافة والفنون منهم الى السياسة والسياسيين وهم على حق خصوصًا اذا كانت السياسة تجاذبًا ومناكفةً وصراعًا وتلاسنًا ومصالح جانبيةً ولذلك أيها الأخوة طرابلس تشبه الثقافة وهي مرتاحة للغتها وفصاحتها وأسلوبها.”
وأردف :”طرابلس تثورُ متسلحةً بالكلمة والقصيدة واللون وتنتظر بإيمان عودةَ الضمير الى السياسة فتتعلمَ السياسةُ من طرابلس أمثولاتَ الوطنيةِ الحقّة التي توازي مئة ألف خطاب سياسي.”
مستطردا:”ما خبرتُه وشهدتُه خلال تحضيرات اطلاق فاعليات طرابلس مدينة الثقافة العربية للعام ٢٠٢٤ كان مدهشًا ومثيرًا للكبر والاعتزاز.طرابلس سبقتنا بأشواط. ماردة في التاريخ وعريقة في الجغرافيا لا يمكن مجاراتُها في عظمتها. تتحفُنا كلَّ يوم بعروبةٍ تشبه قلعة ” سان جيل ” ، مُشرِفة، عالية، راسخة، من الصليبيين الى المماليك ، هم رحلوا وهي بقيت. عروبة طرابلس من نفس حجارة قلعتها وبنفس ارتفاع اسوارها عليها تتكسر جحافل الغزاة.”
ونوه بموقف طرابلس واهلها لجهة عروبتها :”العروبَةُ التي ذَبُلَت لدى البعض في هذه الأيام وارفة الأغصان في طرابلس، العروبة التي اقترفت التطبيع عند البعض الآخر هي عروبة ٢٤ قيراط في طرابلس، فلسطين في وجدان طرابلس أجمل وأنقى فلسطين يمكن تخيُّلُها، فلسطين المقاومة، نجدها في غزة كما نجدها في أبي سمراء، وقبة النصر، وجبل محسـن، وباب التبانة، والسويقة والجسرين، والميناء، وباب الرمل، وضهر المغر، والبحصاص، والمعرض، والزاهرية. وفي كل دسكرة وشارع ولذلك طرابلس تعلّمُ العروبةَ ولا تتعلَّمُها من أحد!!
من هذه العروبة يستمِدُّ لبنان قوته. هو المنبع والبقايا فروع وهذا مدعاةُ فخرِنا وقوتِنا معًا، ههنا في طرابلس فخرنا أننا موحّدون بتنوعِنا. في كلٍّ منا مسيحيةُ محبّةٍ واسلامُ سماحةٍ لا يتميز الواحد منا عن الآخر سوى بقدر لقائه مع الآخر، أنظروا معي أيها الإخوة كيف يصبُّ نبع مغارة قاديشا في نهر أبو علي فهل يعيّرُ النبعُ النهرَ أنه المنبعُ أو يعيّر النهرُ النبعَ أنه المصبُّ أم أنهما يتحدان في مجرى واحد؟ هذه هي طرابلس التي يتحد فيها المصبُّ بالمنبع والأصلُ بالفرع لأنها المصهرُ والمجرى والمدينةُ المفتوحة على المحبة ولقاء الآخر.”
وختم الوزير المرتضى كلامه :”إن لقاءنا اليوم حول الفنون الجميلة يجب ان يتكرر في نفوسنا جميعًا فتكونُ جميلةً هي أيضًا على غرار جمال الفنون تتنوعُ وتتعددُ وتتلونُ ولكن مع وحدة المصدر وهو العيش الواحد ، فلتكُن طرابلس مدينة الثقافة مصدرَ إلهامَ لنا ولنَنهل من تاريخها وأهلها عيشنا الوحيد ولنصدّره الى باقي المناطق فتستعيدَ الفيحاءُ دورَها عاصمةً للجمعِ واللقاء والحياة…
مبارك لكم عيدكم ايها الفنانون التشكيليون
عاشت طرابلس ابيّة بهيّة فيحاء ثقافة وعروبة ووحدة وطنية
عشتم وعاش لبنان.”
وكانت كلمات لكل من رئيس جمعية الفنانين اللبنانيين للرسم والنحت ميشال روحانا ومؤسس بيت الفن عبد الناصر ياسين والفنانة التشكيلية رويدا الرافعي، حيث أجمعت الكلمات على شكر الوزير إصراره لإحياء العيد الوطني للفن التشكيلي في لبنان بمناسبة إعلان طرابلس عاصمة الثقافة العربية.وهذا ليس بغريب على طرابلس التي لطالما عُرفت بمدينة العلم والعلماء، و هي تحتفل اليوم بهذا الفن الذي يعتبر من أبرز مقومات الثقافة وأكثرها سموا ورقيا. فالفن التشكيلي اليوم ضرورة اكثر من اي وقت مضى لانه السلاح الوحيد للمحافظة على وجودنا وسط هذا الذوبان الذي يتلاشى فيه كل شيء أمام الواقع المرير الذي نعيشه