الماعز على أسوار البيت الأبيض
الحوارنيوز – صحافة
تحت هذا العنوان كتب نبيه برجي في صحيفة الديار يقول:
سواء كان جو بايدن أم كان دونالد ترامب، في نظر الاثنين لسنا ـ كعرب ـ سوى الماعز البشري على أسوار البيت الأبيض. لا مكان ولا مكانة لنا لا في العقل الأميركي، ولا في الأجندة الأميركية. باراك أوباما قال لنا ومن عقر دارنا “المشكلة فيكم”. لا أحد يدري ما السبب في ذلك الاعتلال ان في أدائنا السياسي، أو في تشكيلنا السوسيولوجي. هل نسأل آدم أم نسأل الله…؟
كل تلك الدماء التي على أرض غزة مهددة بأن تذهب هباء. من يثق بأن محمود عباس أو حسين الشيخ أو محمد دحلان أو حتى اسماعيل هنية، يمكن أن يكون رجل المرحلة. رهاننا على شخصية مدوية، بعيداً عن السياسات الرثة وعن الايديولوجيات الرثة، تخرج كما الفينيق من الركام، وتشق أمامنا الطريق الى الأفق، لا أن نبقى رهائن ثقافة الكهوف وثقافة الأقبية.
دونالد ترامب قال إذا عاد الى المكتب البيضاوي لن يقبل بأي مهاجر، الا إذا أعلن الولاء “لإسرائيل” (الأمبراطور أم “الحاخام”؟). جو بايدن الذي أعلن أمام الملأ “أنا صهيوني” يظهر يوماً بعد يوم، أنه البطة العرجاء أمام تلك الثلة من الضباع. حجته أمام القادة العرب الذين يجدون في واشنطن حائط المبكى، أن هاجسه من الوقوف الى جانب “اسرائيل”، وتزويدها بما يلزم وبما لا يلزم، من وسائل القتل والتدمير، قطع الطريق على الائتلاف واللجوء الى الخيار النووي، لكأن مشهد الخراب في غزة لا يفوق بأضعاف مشهد الخراب في هيروشيما…
أحقاً الأميركيون يخشون علينا من “القنبلة الاسرائيلية” باعتبارها “قنبلة يهوه”، وقد أمر بإبادة الآخرين. ما تشير اليه الأبحاث والتقارير الأميركية، أن إيران هي الهدف، حتى إذا تم تقويض نظام آيات الله، سقط لبنان وسقطت سوريا وسقط العراق في قبضة “تل أبيب”.
الأميركيون خائفون من التداعيات الكارثية ليس فقط على المصالح الاستراتيجية لبلادهم، وانما على بقائها في المنطقة. إذا كانت حركة حماس التي تقاتل من داخل الزنزانة، قد أقامت تلك الشبكة من الأنفاق، وتمكنت من القهر اليومي للقوة التي أرغمتها على سحب لواء غولاني، بعدما كان رئيس الأركان السابق غابي اشكنازي قد وصف هذا اللواء بـ”الروح الفولاذية لشعبنا”!
التقديرات الأميركية، وتبعاً لما تنشره معاهد الأبحاث، تثير الارتباك داخل البنتاغون. ثمة إيران الأخرى تحت الأرض، أو تحت الجبال، ما يعني أن ضربة نووية لطهران تعني الرد بضربات نووية (أجل نووية) تزيل “اسرائيل” من الوجود. الفيلسوفة الأميركية اليهودية جوديث باتلر سألت ما إذا كانت نهاية العالم تبدأ من هناك…
الولايات المتحدة التي في صراع حول قيادة العالم، لا تريد أن تخسر الشرق الأوسط ليكون في القبضة الروسية أو في القبضة الصينية (من هنا ابتداع ذلك القوس الذي يمتد من الهند الى أوروبا عبر المنطقة). وإذا لم يكن باستطاعة الأرمادا الأميركية، وعلى مدى 20 عاماً، من هزيمة حركة “طالبان” في دولة حبيسة (أفغانستان)، كيف لها أن تنتصر على نظام طالما تحدثت عن “بنيته الايديولوجية المكفهرة والتي لا تفرّق بين ثقافة الموت وثقافة الحياة”؟
كم هي المرات التي هدد فيها ترامب بتدمير إيران، دون أن ننسى الظهور البهلواني لقاذفات “بي ـ 52 ” في أجواء المنطقة، وكانت قهقهات آيات الله تصل الى أذنيه. لكنه الرجل الذي تتجول ابنته (اليهودية) ايفانكا في رأسه بالكعب العالي. ايفانكا زارت مع زوجها جاريد كوشنر (وديعة اللوبي اليهودي داخل العائلة) غلاف غزة، وطلبت أن ترتدي ملابس الجنود “الاسرائيلين”، بعدما تمنت القتال الى جانبهم، لكن السفير الأميركي جاك لو تمنى عليها الاحتفاظ بملابسها المدنية كي لا “تثير” الحلفاء العرب.
حتماً سنكون أمام ايفانكا إذا أعيد انتخاب الأب. النجم الهوليوودي روبرت دي نيرو قال “إذا كان جو بايدن على نقالة، ولا يستطيع تحريك سوى عينيه ليومئ بـ “نعم” أو “لا”، فهو الأفضل، نحن بحاجة الى أي رجل غير ترامب لأنه خطر على أميركا وعلى العالم”.
لا يعنينا من يكون الأمبراطور ما دمنا الماعز على أسوار البيت الأبيض. مشكلتنا الآن إذا كنا نستطيع أن نصنع من دماء غزة طريقنا الى الحياة.
اذ تحدق بنا النيران والاحتمالات، مفكر اسلامي بارز لم تهزه جثث الأهل، خصص مقالته الأسبوعية في صحيفة عربية كبرى، للحديث عن مفاتن اللغة العربية، كما لو أنه يتحدث عن مفاتن هيفاء وهبي التي قدمت لأطفال غزة ما لم يقدمه الساسة، ولم يقدمه المفكرون…