الكيان الصهيوني وخيارات الحرب والهزيمة:إما الحرب..وإما الحرب! (فرح موسى)
بقلم أ.د.فرح موسى – الحوار نيوز
إن أبشع ما في السياسة،هو أن تستمع للهذيان في زمن يخلو من الحكمة؛فالفيلسوف أرسطو منذ آلاف السنين كتب في السياسة ورأى فيها فلسفة وجود وحياة.أما حين تتحول إلى مجرد فنون وألاعيب للتمويه على الناس،فذلك مما ينبغي التنبه له في زمن باتت فيه السياسة أسلوبًا وأداة لكسب المصالح وصناعة الموت!!وهذه هي الحقيقة التي نتعايش معها اليوم،أن العالم بكل مؤسساته الدولية، وعلاقاته الدبلوماسية يتفاعل مع جرائم الإبادة الجماعية دون اكتراث لقوانين،أو لحقوق إنسانية،بل وجدنا محكمة العدل،وكذلك محكمة الجنايات تخاف من العقوبات الأمريكية،وتتريث في إطلاق أحكامها بحق الطغاة والمجرمين!
إنه زمن الطغيان الغربي بكل عنصريته،إذ هو لم يعد يفقه معنى السياسة بما هي فلسفة حياة،ولا بما تعنيه من إنصاف وإصلاح وعدالة،وأكثر ما تبدى لنا هذا الإجرام السياسي في المراوغات السياسية التي يعتمدها الغرب المستعمر والصهيونية العالمية في ادّعاء النصرة للقضية الفلسطينية،وأكاذيب الإدانة لمجازر القتل في غزة فلسطين!
إن ما نشاهده ونستمع له من تعبيرات سياسية في وسائل الأعلام المختلفة،يظهر مراكز القرار في العالم وكأنها مهتمة بالحق الفلسطيني،أو بمنع الحرب على لبنان للحيلولة دون توسع الحرب وانتشارها في الإقليم؛ولكن الحقيقة ليست كذلك لما تقدّم بيانه عن أن هذه السياسات قائمة على كسب المصالح،وحماية الاستثمارات الاستعمارية! وبما أن الكيان الصهيوني،قد تم توظيفه منذ نشوئه لأجل ذلك،فقد بات معلومًا لأهل البصائر أن هذا الكيان الصهيوني اليوم يخوض حرب وجوده الاستعماري في المنطقة،ولهذا نجد العالم في كثير من سياساته المخادعة يعمل لحماية هذا الكيان من أن تناله ضربات المقاومة.
ولو أن السياسات الغربية استجابت لوعي شعوبها،لكان الأمر قد اختلف جذريًا في التعامل مع هذا الكيان.فعالمنا اليوم يعيش أعظم انقسام له بين ما بدأت تعيه الشعوب،وبين ما يمارس من سياسات صهيونية لدعم الكيان الصهيوني! وقد لا يكون من الغرابة في شيء ظهور سياسات مناوئة لوجود هذا الكيان ووظيفته الغربية بعد الذي جرى في طوفان الأقصى وتفاعل جبهات الإسناد معه ما جعل القيّمين على هذا الكيان يستشعرون مخاطر تحول السياسات العالمية المطالبة بإزالة هذا الكيان .
وهذا ما نود التوقف عنده مليًا في ضوء تسارع الأحداث، وانكشاف حقيقة السياسات المخادعة،سواء في الغرب،أو في عالمنا العربي،فنقول:إن ما يظهره العالم الغربي بما يؤديه من سياسات،هو يهدف من وراء ذلك إلى حماية الكيان الصهيوني،وتأكيد وجوده بما يبطل كل مفاعيل ما جرى من أحداث أظهرت أن هذا الكيان لم تعد عنده قابلية الحياة،ويريد داعموه الإبقاء عليه لتكريس النفوذ الغربي في المنطقة ،وهم يمارسون أقصى الضغوط على حلفائهم لأجل تمرير الصفقات السياسية التي تخدم هذا الكيان؛ولكن جبهات المقاومة لم تزل على موقفها في رفض كل المساومات السياسية، وهي تصر على أن يكون الانتصار واضحًا ومبينًا،بحيث يعلم المستعمر والحركة الصهيونية العالمية،أن هذا الكيان بات يفتقر لأدنى مقومات الحياة!ومن يرى من الغربيين،أو الشرقيين،أن توسع الحرب من شأنه أن يجعل العالم أمام مآزق عظمى في السياسة والاقتصاد،فتلك رؤية لها ما يؤكدها في المعطيات العالمية، والتحالفات الدولية،وليس بمقدور السياسات المخادعة المنع من تمدد الحرب في كل اتجاه عالمي،وذلك من واقع أن الخيارات أمام العدو الصهيوني قد ضاقت كثيراً!
فهو يقف بين خيارين،إما الحرب،وإما الحرب،ولا عبرة بما تمارسه دوائر الغرب من هذيان سياسي من قبيل أن أمريكا لم تعد لها قدرة حماية الكيان فيما لو توسعت الحرب!فهم يريدون للكيان أن ينتصر،وفي الحين نفسه يخافون على مصالحهم وقواعدهم في الشرق الأوسط!فالكيان الصهيوني بعد طوفان الأقصى،واستمرار الحرب لنحو عام كامل دون تحقيق الانتصار،ضاقت مخارجه، فلسطينيًا ولبنانيًا،وعراقياً،ويمانيًا،وكل شيء يجري وفق حسابات جديدة في الرؤية والأهداف،فإما أن يستمر بالحرب وتكون له الهزيمة،وإما أن يوقف الحرب ويهزم،داخليًا وخارجيًا،فأي الخيارات أسلم له،ولربما، وقد يكون من الحتمية أن يختار الحرب على لبنان وسوريا طمعًا بدعم مَن تبقى له من الحلفاء،على أمل أن تكون له فسحة الحياة مجددًا،وأنى له ذلك في ظل ما استوى عليه العالم من تحولات استراتيجية جديدة تقوم سياساتها وكل مناهج حياتها على إضعاف المشروع الغربي الصهيوني ليس في المنطقة العربية وحسب،وإنما في العالم كله؟؟؟
لقد تحول الكيان الصهيوني عن كونه فرجًا ومتنفسًا للغرب ومصالحه،ليكون أزمة وجودية للغرب نفسه!!