الكورونا أنقذت الإثنين معًا
حيّان سليم حيدر
كان ل"جاثمة" (1) الكورونا المفعول الإيجابي نفسه على كلّ من طبقة "الأوزون" في أجواء الكرة الأرضية، والطبقة السياسية في أجواء لبنان. وتسألني ما علاقة هذه بتلك ؟
في الأولى، "الأوزون" (2). إنْحَجَر الناس في منازلهم على مستوى الكرة الأرضية، كما وأطْفِئت محرّكات السيارات والآليات وتوقفت المصانع والمكيّفات عن حرق المحروقات وتسمّرت الآلات كلّها في أماكنها ومرائبها من دون عمل وتعطّل كلّ ما يمتّ بصِلة إلى الحركة والحرق وبعث الغازات والروائح والأصوات وبالتالي إلى تلويث الجوّ. فكان أن، وفي غضون أشهر معدودة، إلتحمت طبقة "الأوزون"، معوّضةً معظم الأثر السلبي "لتدبير" البشر عليها على مرّ القرون بل الألفيات، فأفسحت المجال لبعض النقاء في الجوّ وتنفّست البشرية الصُعَداء … إلى حين !
في الثانية، الطبقة السياسية (اللبنانية) (3). إنحبس الناس كما وأموالهم وأحلامهم ومستقبلهم وآمالهم وخياراتهم و"ثورتهم" في جحورهم السياسية والعنصرية والميثاقية والطائفية و … فالتحمت الطبقة السياسية وتعافت خلال أشهر معدودة، تمامًا كما في حالة "الأوزون" بل بوتيرة أسرع، وتحت تأثير وتدمير عام وشامل لمفهوم المصلحة العامة والشعب والمواطَنة والدستور والقانون وكلّ ما يمكن أن يُخْتَصر بالأخلاق… فتنفّس السُعَداء وعادت "حليمة" لتنكّد حياة الناس "القديمة" كما كانت، لا بل بأفجر حال !
وماذا كان سيقول ماركس أو إنغلس عن صراع الطبقات هذه، طبقة "الأوزون" من جهتها الكونية والطبقة السياسية في لبنان من جهتها الدونية (وطبعًا إنسوا موضوع الطبقة الوسطى)، وهلّا تجرّأ كبار الإقتصاد مثال ستيغليتز أو بيكيتي (4) تحليل ما آلت إليه الأمور، ولِمَنْ، برأيهم (ورأيكم الذي قطعًا لا يهمّ، ولَنْ..) الغلبة، ومتى النهاية (ونهاية مَنْ) وأين، ولن نسأل من أجل ماذا ؟
وعلى سيرة "إلتحمت"، الله يستر الناس من آلة التلحيم في لبنان، المُتَسبِبة لكلّ كارثة !..
(كُتِبَت هذه "السريعة" على أثر قول أحد مخضْرمي السياسة اللبنانية في معرِض وصفه لأسباب إنهيارات لبنان الأخيرة في كلّ المجالات: "أن الطبقة السياسية في لبنان هي المسؤولة عن …" فغرّد أحد الظُرَفاء عليه بالقول: "كأنً حضرتو من طبقة الأوزون.."، ومن وحي هذا الردّ كان هذا الجزء من سلسلة "ما قلّ وذلّ".)
بيروت، في 12 تشرين الثاني 2020م. حيّان سليم حيدر.
عضو جمعية "مواطنون مُطّبَقْ عليهم".
(1) على أساس أنّها باقية معنا. (2)Ozone . (3) ليس من ترجمة لها في أيّ من لغات البشر.
(4) Karl Marx (1818-1883), Friedrich Engels (1820-1895), Joseph Stiglitz (1943) , Thomas Piketty (1971).