القيامة الثانية لإيران وعلامات عصر الظهور
محمد صادق الحسيني
لا مكان للصدفة ولا محل لاحتمالات الخطأ والصواب فيما حصل في قلب بغداد للقائد الكبير الحاج قاسم سليماني وعضيده القائد ابو مهدي المهندس ورفاقهما…
فقد ابى الله الا ان يراه ورفاقه شهداء لتكتمل الصورة الملحمية بين رأس الشر المتمثل بدونالد ترامب ورأس الخير المتمثل بقاسم سليماني ..
لقد تخطت ايران وتجاوزت الخطوط الحمراء المرسومة من قبل معادلة المنتصرين في الحرب العالمية الثانية لدولة عالمثالثية نامية كما يسمونها واسلامية هذه المرة ولتتقدم خطوات اضافية الى داخل مربع الدول القائدة المتربعة على عرش نادي الدول العظمى لا سيما في حقل العلوم …
المنارة الايرانية كانت قد بدأت تتعبهم وتنهكهم وتعيق مخططاتهم وتكاد تطيح بالهيكل الذي بنوه لانفسهم عندما اخترقت اسوار عرينهم وبدأت تغير في كل قواعد الاشتباك التقليدية التي اعتادوا عليها من قبل..
هشمت صورتهم في الالفين واجبرتهم على الانسحاب من ارض محتلة على يد فتية آمنوا بربهم ..
منعتهم من التمدد واطاحت بحروبهم التقليدية التي اعتادوا الانتصار فيها منذ الحرب العالمية الثانية والمعتمدة على الدبابة والقصف الجوي المستمر والهائل في حرب ال٣٣ يوما في العام ٢٠٠٦…
ثم افرغت كل محتويات خططهم وبرامجهم لحروب الوكالة والحرب بالواسطة والحرب الناعمة في فضاء الحرب الكونية على سورية والعراق وجعلتهم يتجرعون كأس السم على اسوار الشام وتخوم بغداد منذ العام ٢٠٠١ وحتى العام ٢٠١٧..
واخيرا وليس آخرا حطمت كل منظوماتهم المعلوماتية والصاروخية والكهرومغناطيسية في الحدود البرمائية الايرانية من خلال ضرب تاج وفخر الصناعات الجوية الحربية لامبراطوريتهم العظمى ، وفي اهم كيان لهم بعد الكيان الصهيوني عندما ضربوا فخر ذخيرتهم الاستراتيجية ارامكو يوم حطموا كل القبب الدفاعية من واشنطن الى دول الخليج مجتمعة …
واخيرا وليس اخرا ساعة اخرجت ربيبهم المدلل من الصراع بشكل مذل ومخز بتعطيل كل منظوماته المعلوماتية وجعله مكشوفاً تماماً حتى بات اشبه ما يكون ب"ازعر الحارة" الذي يولول ويتوعد ويزبد ويرعد وهو لا يستطيع حتى من حماية جبهته الداخلية بعد ان باتت تحت مرمى نيران من استضعفهم واستحيى نساءهم و اغتصب اراضيهم وقتل ابناءهم من اهل الارض الاصلية فلسطين لمدة عقود من الزمن..
كل ذلك و"سلسلة اعصاب "
كل هذا التحول من هرمز الى باب المندب ومن اسوار الشام الى تخوم بغداد ومن كريات شمونه الى ايلات كان قد تمثل لهم في جنرال العرب والمسلمين الحاج قاسم سليماني..
فكان لابد من اغتياله جهارا نهارا وبالتبني الرسمي للعملية وانطلاقاً من الارض الاردنية المتصلة بفلسطين المحتلة ليضربوا في قلب بغداد حيث مركز ثقل محور المقاومة ، في محاولة بائسة ويائسة منهم لوقف هذا التقدم السياسي والعسكري والامني والمخابراتي والعلمي والتقني والنفسي لمنارة الشرق الجديد (طهران ) التي باتت متصلة بموسكو وبكين ايضا وهما العدوان التاريخيان لامبراطورية الشر والاستكبار العالمي..
لكن رمز التوحش الامبريالي هذا يخطئ من جديد ويثبت جهله وعدم معرفته بسنن التحول التي يتميز بها اهل الحضارات المشرقية بعمله المشؤوم هذا..
فمثل هذا الاستشهاد المشرف ومثل هذه الملحمة العراقية الايرانية التي جبلت بالدم ليس فقط اعادت ترتيب كل البيوت الداخلية لعدد من الامصار والاقطار العربية وفي مقدمها العراق ولبنان واليمن وسورية ، بل واطلقت قيامة ايرانية الثانية التي جمعت فيها الوطني والقومي من جهة والعقيدي والديني من جهة اخرى بحيث اصبح خليفة قاسم سليماني اكثر اصرارا في الكفاح للاسباب التالية:
١- لاثبات وجوده في المواقع الجديدة
٢- للانتقام لدماء الحاج قاسم الطاهرة
٣- لتحقيق الاهداف التي كان الحاج قاسم قد وضعها لمهمات قوة القدس.
لكن الاهم من كل ذلك هو تداعيات استشهاد رمز بطولي مثل الحاج قاسم سليماني على ساحة الامة الايرانية وهو القائد الذي كان يحظى باجماع ايراني قاطع على وطنيته وتدينه مما جعل استشهاده وبهذه الطريقة بمثابة البطل القومي التاريخي الخالد الذي يضاهي البطل القومي الاسطوري للامة الايرانية في الشاهنامة الشهيرة للشاعر والاديب الايراني الكبير الفردوسي مضافاً الى تحوله الى رمز ديني مقدس يشبه الرموز الدينية التي تنتمي في شجرة نسبها الى السلالة المحمدية الطاهرة واهل بيته ، مما وضعه في خانة الامام الحسين واصحابه وحوارييه عليهم السلام ، الى جانب من وصفه بمالك اشتر زمانه وآخرون قالوا انه يقارب بصفاته صفات اصحاب النبي محمد صلى الله وعليه واله في بدر وخيبر ..
وهذا يدفع بالمجتمع والدولة الايرانية ( الامة الايرانية) تستعيد كل امجادها القديمة والحديثة وتتبلور لديها فلسفة قيامة جديدة يختلط فيها السياسي بالقومي بالديني بالاسطوري ويقدم للامام السيد علي الخامنئي قائد الثورة الاسلامية في ايران وحوارييه واصحابه وانصاره والحرس الثوري رافعة جديدة عملاقة لنقل العمل الثوري الاسلامي والثوري في ايران من مرحلة الدفاع عن ايران وحركات التحرر الى مرحلة الهجوم الاستراتيجي او ما بات يطلق عليه بعصر الظهور او عصر آخر الزمان وهو العصر الذي يندرج تحت بند او معتقد عقيدة المهدي المنتظر …
انها قيامة لن تهدأ لا بتدوير زوايا ولا بحوارات ولا بمفاوضات ولا بتنازلات هنا او هناك ، بل انها ستشكل بيئة جيو استراتيجية اعتقادية لمعارك ومواجهات كبيرة ومترامية الجغرافية على المستويين الاقليمي والدولي .
لذلك صدق من قال ان الشهيد قاسم سليماني اخطر بكثير على الاستكبار العالمي والغرب وامريكا من الجنرال الحاج قاسم سليماني قائد قوة القدس في حرس الثورة الاسلامية ..
انه عصر ما بعد عصر الحروب التقليدية
بعدنا طيبين قولوا الله