واخيرا ، وبعد أخذ وردّ ، تقرر منظمة اليونسكو ادراج القدود الحلبية في مجال الثراث الفني الانساني ، ضمن التراث الثقافي غير المادي.
لماذا حلب؟ ولماذا القدود؟
1 – يمتد عمر مدينة حلب منذ 12,000 قبل الميلاد ، وعرفت ازدهارها وامتداد سلطتها زمن مملكة ” يمحاض في حدود 2000ق . م ، وملكها “ياريمليم” وابنته الاميرة الجميلة المثقفة ” شيبتو” التي زفت زوجة لملك مملكة “ماري” على الفرات “زيمريليم” في موكب ملكي فاخر ، وبعد حفل غنائي وموسيقي في القصر الملكي .
2 – في العصر العربي شهدت حلب ايام سيف الدولة قدوم “الفارابي” الفيلسوف والموسيقي، وفي حلب كتب ” كتاب الموسيقى الكبير “وكتاب “الايقاعات” .
والى حلب جاء ابو الفرج الاصفهاني ليقدم كتابه ” الاغاني “الى سيف الدولة.
3 – واستقطبت حلب في العصرين الايوبي والمملوكي كثيرين من الاندلسيين بعد سقوط مدنهم بيد الاسبان ، وحملوا معهم مئات الموشحات التي طور الحانها الحلبيون ، وابرزهم الشاعر الاندلسي ابن جابر .
وكان لا بد لهذا التمازج ان يتطور الى ظهور الموشح الحلبي، ثم القدود الحلبية ، والمواويل ، والفصول ، واشهرها ” فصل اسق العطاش ” ، والاناشيد الدينية في الزوايا الصوفية المنتشرة في حلب، وابرزها الزاوية الهلالية في حي الجلّوم ، التي تخرج منها كبار المطربين والمنشدين خلال 400 سنة ،
4 – من ابرز الذين انطلقوا من هذه الزاوية : ابو الوفا الرفاعي ، مصطفى البشنك ، محمد الوراق ، علي الدروبش ، عمر البطش ، بكري كردي ، نجيب خياطة ، حسن الحفار ، بهجت حسان ، محمد خيري ، صباح فخري … وكثيرون سواهم .
5 – في عام 2006 خلال احتفالية حلب عاصمة للثقافة الإسلامية نظمنا ندوة لمدة ثلاثة أيام عن التراث الثقافي غير المادي في حلب، وذلك في ثلاثين بحثا ، منها سبعة بحوث متنوعة في الشان الموسيقي ، قدمها كل من : محمد قجة، محمد قدري دلال، مسعود خياطة ، عبد الكريم رجب ، احمد بوبس ، كارين صادر ، محمود المصري .
كما ركزت بقية الابحاث على المطبخ الحلبي ، والازياء التقليدية ، والأمثال ….
6 – من الذين كتبوا بحوثا وكتبا موسيقية في حلب : محمد قدري دلال، فؤاد رجائي آغا القلعة ، وابنه الدكتور سعد الله ، وجميل ولاية ، وعبد الرحمن جبقجي ..وبعضها يركز بدقة وتفصيل على القدود الحلبية الدينية والعاطفية ، والموشحات ، ورقص السماح، والنوبة الاندلسية ، والمواويل ، وسائر اشكال الغناء والمقامات .
7 – ان قرار اليونسكو هذا يشكل مكسبا شرفيا لمدينة حلب وللتراث الفني السوري والعربي
ولعلنا نلحق به المطبخ الحلبي الذي يقول عنه ابو العلاء المعري في كتابه ” رسالة الغفران إنه مطبخ اهل الجنة.