الفوضى السورية “البنّاءة “أميركياً.. والمُدمّرة لسوريا والجوار!(نسيب حطيط)
د.نسيب حطيط – الحوارنيوز
تعيش سوريا المرحلة الثانية من مشروع الفوضى الأميركية “البنّاءة” للمصالح الأميركية والتي أطلقها “المحافظون الجدد” وما زالت اميركا تعمل بها ،لتعيش سوريا تحت نيران مشاريع ثلاثة أطلقها التحالف (الأميركي-الإسرائيلي-التركي)، فأطلقت أميركا شعار “الفوضى البناءة والشرق الأوسط الجديد”، وأطلق نتنياهو شعار “تغيير معالم الشرق الأوسط”، وأطلقت تركيا شعار إعادة إحياء”الخلافة العثمانية بنسختها الأردوغانية”.
انتهت المرحلة الأولى من تدمير سوريا بإسقاط النظام والدولة بعد 13 عاما من الحرب بين الدولة وحلفائها و التحالف الثلاثي، والذي قاتل بالجماعات التكفيرية وفي مقدمتها جبهات “النصرة” و”داعش” واخواتهما.
ان السقوط الغامض والسريع للنظام، يطرح أسئلة متعدّدة …
كيف سقط النظام وهو ما يزال يمتلك القوة العسكرية والجغرافيا الواسعة ؟
كيف سقط النظام واستلمت المعارضة من دون قتال وبشكل سريع خلال أيام؟
هل تم خداع الروس والإيرانيين ،أم انهم شركاء في عملية التسلم والتسليم بضمانات، ستثبت الأيام انها وهمية وسيستيقظان على خيبة الوعود وخسارة المكتسبات والجغرافيا السورية؟
إن تجربة السودان بعد تقسيمه بين المسيحيين والمسلمين، ثم وقوعه في الحرب الأهلية بين المسلمين بعد إسقاط النظام، وتجربة ليبيا التي ما زالت في الحرب الأهلية مع عدم وجود شيعة وسنة وعلويين ، لا تؤشر هذه التجارب على أن سوريا ستنجو من الحرب الأهلية في مرحلتها الثانية ،لضمان مصالح أطراف التحالف الأميرك—الإسرائيلي-التركي التي تتمثل ب :
المصالح الأمريكية :
– تثبيت الوجود العسكري الأمريكي في سوريا ،بشكل أكبر ،ليتكامل مع وجوده العسكري في العراق الذي سيتم التجديد له مقابل عدم حل “الحشد الشعبي” وتوسعة القواعد العسكرية لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية .
– السيطرة على النفط والغاز السوري واحتكار النفط والغاز على مستوى الشرق الأوسط، للتحكم بأمن الطاقة العالمي.
– تأكيد أحادية السيطرة الأميركية على الشرق الاوسط وتأمين حماية اسرائيل التي ترنّحت في عمليه “طوفان الاقصى وحرب الإسناد” من لبنان واليمن والعراق، وتحتاج لدعم أميركي مباشر وإلغاء مصادر التهديد.
المصالح الإسرائيلية :
– التخلص من آخر دولة عربية، ترفض التطبيع والسلام مع إسرائيل، بعد السلام مع مصر والأردن – ولبنان مؤقتا- والتخلّص من آخر جيش عربي يمكن ان يقاتلها.
– السيطرة على بحيرة طبريا ومنابع المياه في جبل الشيخ وضم الجولان وحصار المقاومة اللبنانية من كل الجهات .
– التخلص من آخر جغرافيا تمثل عقدة التواصل بين حركات المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق وصولاً الى ايران.
– التخلص من تهديد الوجود الإيراني على حدود فلسطين وإلغاء الدور الإيراني في القضية الفلسطينية.
المصالح التركية :
– تحقيق جزء من أحلام “أردوغان “باستعادة الإمبراطورية العثمانية بنسختها المعدّلة.
– القضاء على الأكراد في سوريا، للتخلص من تهديدهم التاريخي لتركيا واقامه الدولة الكردية .
– سرقه الثروات السورية والسيطرة على التجارة والاقتصاد.
– تثبيت تركيا ،كقائد للشعوب العربية والإسلامية ،والتقدم على الدور السعودي كمرجعية اسلامية ، للإنتقال فيما بعد الى الجمهوريات الإسلامية في الاتحاد الروسي .
بناء على هذه المصالح المرحلية والإستراتيجية ،فإن هذا التحالف الثلاثي ،سيعمل على إشعال الفتنة الطائفية والقومية في سوريا لمنع قيام دولة مركزية ،خاصة مع تعدّد الرؤوس والفصائل والمصالح والسلوكيات والإنتماءات المذهبية والفقهية ،ما يؤمّن ارضية خصبة للحرب الأهلية والفوضى بالمعطى المذهبي بين السنة والعلويين، وعلى المستوى القومي بين الأكراد والعرب، وعلى المستوى السياسي بين المعارضة الحاكمة وأنصار النظام السابق المتضررين .
ان سوريا أمام عشريّة سوداء دموية بعد عشريّتها الدموية الأولى …وربما تكون شرارتها تفجير مقام مقدّس او إغتيال “الجولاني” بعد انتهاء مهمته ودوره …
حمى الله سوريا وشعبها من الفتن والفوضى…