الفنان حسين الخطيب في ذمة الله:رحل عامود الطرب الأصيل
كتب واصف عواضة:
عاش بصمت ،ورحل بصمت..لكن رنين حنجرته الذهبية سيظل يلمع في آذان "السمّيعة" ،وفي ذاكرة جيل تربى على الطرب الأصيل .
هو حسين الخطيب (أبو علي) الذي لطالما انتزع الآهات من صدور عشاق الطرب،وهو ينشد على المسارح ،جنبا الى جنب،مع شقيقه واستاذه الموسيقار نبيه الخطيب وعوده الرنان،في فرقة موسيقية ملأت آفاق الثمانينات والتسعينات .
هو "أبوعلي" ،ابن بلدة شبعا الجنوبية،أسم على مسمى،بحسه المرهف،وصوته العذب،وشفافية شخصيته التي ما عرفت الا الصداقة الحميمة واللحن الجميل في الزمن الجميل.
عرفت حسين الخطيب في مطالع الثمانينات ،مع بداية التدريبات لاطلاق فرقة نبيه الخطيب للموسيقى العربية،وكان من الطبيعي أن يشد انتباه كل ذي أذن تسمع ،فدخل الى القلوب قبل الآذان.ويوم صدحت الفرقة على المسارح إنطلاقا من معهد "غوتيه" في بيروت بعدد ضئيل من العازفين والمنشدين ،دخلت الى عالم الفن مع مرتبة الشرف ،وكانت الانطلاقة الكبرى في قاعة "الأسمبلي هول" في الجامعة الأميركية في بيروت بنحو خمسين عازفا ومنشدا،وجمهور استجاب وتفاعل بكل إحساس لما قدمته الفرقة.
كان نبيه عامود الموسيقى ،وحسين عامود الطرب،فحلّق هذه الثنائي المبدع في سماء الفن ،منتزعا آهات الشباب قبل الشيب.وتعددت الحفلات في لبنان ،وخرجت الفرقة الى الفضاء الأوسع ،الى دار الأوبرا المصرية ودمشق والكويت وغيرها من عواصم العرب،لتغازل فرقة عبد الحليم نويرة وفرقة سليم سحاب،فصار هذا الثلاثي عنوانا للفن الموسيقي والطربي الأصيل.
تقمص "أبوعلي" شخصية سيد الغناء الأصيل صالح عبد الحي.لم يلبس الطربوش ،لكنه ارتدى ثوب اللحن والأداء الجميل ،فغنى "حبيبي هوا"،و"ليه يا بنفسج" ،و"لما انكويت بالنار"، و"أهل الجمال" ،و"على خدو يا ناس"،فأبدع في الأداء والغناء.وسلمّه نبيه مفاتيح سيد درويش وزكريا أحمد ورياض السنباطي والادوار والموشحات والأغاني الشعبية الخالدة ، من "ملا الكاسات" ،وأهو دا اللي صار" والعتابا والميجانا غيرها من الروائع.
لم تعمّر فرقة نبيه الخيب طويلا ،فقط لأسباب مادية ،ولغياب الدولة عن هذا الفن الأصيل .فهذا النوع من الفنون مكلف جدا.تألفت على هامشها جمعية لدعمها من المتطوعين السمّيعة ،أمثال طلال سلمان والفضل شلق والياس سابا وكامل مهنا وفيصل سلمان وأحمد زين وآخرين ،وتوليت والزميل عبيدو باشا مسؤولية الاعلام في الجمعية والفرقة.ولعبت الاستاذة عفاف غادر الخطيب دورا رائعا في تظهير صورة الفرقة. لكن العين بصيرة واليد قصيرة.
الا أن الفرقة قدمت على مدى عقدين من الزمن أجمل ما يمكن من الإبداع الموسيقي والطربي ،وانضم اليها منشدون كثر خرج منهم نجوم من أمثال سمية بعلبكي وصبحي توفيق وسحر طه وخالد العبد الله وغيرهم.لكن أبا علي ظل الأب الروحي لكل هؤلاء.
رحم الله حسين الخطيب ،وخالص العزاء لعائلته ونجله المبدع علي ،وشقيقه نبيه وجميع أفراد العائلة.
(مرفق أغنية حبيبي هوا بصوت حسين الخطيب)