كتب حلمي موسى من غزة:
كل الأنباء تقريبا تتحدث عن فشل الاتصالات في القاهرة لإبرام اتفاق لوقف طلاق النار وتنفيذ هدنة وتبادل أسرى. ومع ذلك كل الأطراف تحاول القول إن الاتصالات، رغم المصاعب، لم تنته وأنها ستتواصل يوم الأحد. و\
في هذه الأثناء يفترض أن اجتماعا مقررا لكابينت الحرب الإسرائيلي لبحث نتائج الاتصالات قد عقد في ظل مطالبات من الوفد المفاوض بتوسيع تفويضه لتسهيل التوصل لاتفاق. وفي نيويورك تبذل الإدارة الأمريكية مساع لتمرير مشروع قرار يدعو، طبعا مع اشتراطات، لوقف إنساني لإطلاق النار والأفراج عن الأسرى. وتطفح وسائل الإعلام الإسرائيلية بتصريحات ومواقف لوزراء وشخصيات عامة حول مجريات التفاوض وأهمية التوصل لاتفاق.
ورغم كل هذه الأنباء لا يبدو أن الإدارة الأمريكية تكل أو تمل من محاولتها تنفيذ رغبة الرئيس بايدن في التوصل إلى وقف لإطلاق النار. وعدا عن الإعلان عن الرغبة في إنشاء رصيف بحري لتسهيل فتح خط لنقل المساعدات من قبرص إلى غزة بالتنسيق أمنيا مع إسرائيل لمنع كارثة إنسانية، وصل رئيس المخابرات المركزية ويليام بيرنز للقاهرة لتحريك الاتصالات. وبحسب المراسل السياسي لموقع “والا”، باراك رافيد فإن وصول بيرنز سرا إلى القاهرة ومحادثاته هي جهد أمريكي في اللحظة الأخيرة لمحاولة التوصل إلى اتفاق قبل بدء شهر رمضان يوم الأثنين.
وبحسب مسؤول أميركي فإن بيرنز وصل ليلة الأربعاء سرا إلى مصر لإجراء جولة من المحادثات بشأن جهود تبادل الأسرى. وبعدها توجه مساء الخميس إلى العاصمة القطرية لإجراء مزيد من المحادثات حول الموضوع. وكان لافتا إشارة رافيد إلى أنه من غير المتوقع أن يصل بيرنز إلى إسرائيل في هذه الجولة.
وكان مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جيك سوليفان، قد أبلغ عائلات الأسرى من حملة الجنسية الأمريكية، أمس الأول، خلال اجتماع في البيت الأبيض، أن الإدارة الأمريكية تعتزم مواصلة الضغط من أجل التوصل إلى اتفاق حتى بعد بداية شهر رمضان، بحسب ثلاثة مصادر مطلعة على ما دار في الاجتماع.
وقال سوليفان إن البيت الأبيض يعتقد أن مقترح باريس 2 المطروح على الطاولة منصف لكلا الجانبين. وأشار إلى أن الولايات المتحدة تواصل الضغط على حماس من خلال مصر وقطر، وأكد أن المحادثات ستستمر طوال عطلة نهاية الأسبوع لمحاولة التوصل إلى اتفاق.
وقال مسؤول أميركي كبير إن إدارة بايدن تواصل جهودها طوال الوقت لتحقيق انفراجة في الاتفاق، لكنه أشار إلى أن الولايات المتحدة لا تحدد موعدا نهائيا لمحادثات إطلاق سراح المختطفين. وقال المسؤول الأمريكي إن “هذه المفاوضات هي السبيل للتوصل إلى وقف لإطلاق النار. ونعلم أن المتطرفين قد يستغلون شهر رمضان لإشعال النار في المنطقة”.
ووفق رافيد تعتبر خطوة الرصيف البحري الأكثر أهمية التي تقوم بها الولايات المتحدة في قطاع غزة منذ بداية الحرب، وهي تشهد على خوف الإدارة الشديد من أزمة إنسانية ومجاعة ستؤدي إلى وفاة آلاف المواطنين الفلسطينيين.
ولكن من الواضح أن ثمة تناغم بين إدارة بايدن وإسرائيل في هذا السياق، خصوصا أن إسرائيل هي أول من أعلنت الفكرة في الشهر الأول للحرب، بعد أن ناقشت الأمر مع قبرص. وأمس، إلى جانب الأنباء الأمريكية عن الميناء والجسر البحري الإنساني إلى غزة نشرت وسائل إعلام إسرائيلية عن زيارة سرية لمستشار نتنياهو العسكري إلى دولة الإمارات العربية لتجنيدها لصالح مشروع المساعدات من البحر.
واعتبر موقع “والا” أن فكرة نقل المساعدات عبر البحر من قبرص بعد تفتيش إسرائيل للمساعدات في لارنكا هي محاولة إسرائيلية لتهدئة الأجواء في العالم العربي مع بداية شهر رمضان والسماح بنقل المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بطرق إضافية، على خلفية نهب المساعدات ومقتل العشرات من الفلسطينيين الأسبوع الماضي في حادث شاحنة المساعدات. وأفاد الموقع بعودة السكرتير العسكري لنتنياهو، الجنرال آفي غيل، ليلة أمس الأول من زيارة سرية إلى الإمارات العربية المتحدة نيابة عن نتنياهو، لمناقشة تعزيز قناة المساعدات البحرية من قبرص إلى غزة. وبموجب الخطة، ستقوم دولة الإمارات العربية المتحدة بشراء المساعدات وسيتم نقلها إلى غزة عن طريق السفن عبر قبرص، حيث ستخضع أيضًا لفحص أمني.
حتى الآن لم يتم التوصل إلى حل لمسألة من سيوزع المساعدات في غزة، لضمان عدم سرقتها من قبل حماس. وفي الوقت نفسه، تضغط الولايات المتحدة على إسرائيل لفتح معبر بري ثالث لإدخال المساعدات الإنسانية عبر منطقة معبر المنطار، لتتمكن من الدخول إلى شمال قطاع غزة. ويدفع الأميركيون أيضاً لبدء نقل المساعدات عن طريق البحر.
وفي هذه الأثناء يتصاعد الجدل في إسرائيل بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار. وفيما أعلن الجنرال آيزنكوت عضو كابينت الحرب عن أولوية الإفراج عن الأسرى،أعلن عضو حزبه والوزير أيضا جدعون ساعر، معارضته لفكرة الإفراج عن الأسرى “بأي ثمن”. وفي خطاب ألقاه آيزنكوت في مؤتمر مركز أبحاث الأمن القومي INSS قال إنه “من دون عودة المختطفين لن يكون هناك نصر بل ضرر طويل ودائم للقوة الوطنية لدولة إسرائيل. أسمع سجالات إعلامية حول ما يأتي قبل. ماذا وأقول عودة المخطوف هي المهمة الأولى”.
ولكن جدعون ساعر قال في مقابلة صحفية: “علينا أن نسعى جاهدين حتى لا تبقى قضية الأسرى لسنوات، هذا هو هدفنا. ولهذا السبب لا أقترح البدء من افتراض أن تحقيق أهداف الحرب مسألة سنوات. إنني ألتقي بالعائلات جميعها .أعرض عليهم مواقفي بصدق، كما أقول لك هنا أيضًا. أنا أعارض مفهوم “بأي ثمن”. إن مفهوم “بأي ثمن” في حد ذاته يرفع الثمن ويجعل تحقيق النتيجة أبعد. نحن “لدينا التزام عميق وعاجل بعودة المختطفين، ولكن ذلك لا يمكن أن يوصلنا إلى وضع نستسلم فيه لمطالب حماس. الاستسلام لحماس يعني تسليم دولة إسرائيل والخسارة في الحرب. وهذا ليس شيئا تعتقده إسرائيل وتستطيع تحمله إذا أرادت المستقبل.”
عموما كشف حاييم تومر، الذي كان رئيسا لشعبة “تيفل” في الموساد وشارك في المباحثات مع المصريين حول وقف النار في جولات سابقة في الماضي، طريقة العمل في هذه المباجثات. وقال في مقابلة مطولة مع صحيفة “إسرائيل اليوم” ردا على سؤال: ” ماذا يحدث بالفعل عندما تصل إلى القاهرة؟
أضاف:”وصل بعض أفراد الموساد إلى القاهرة، وفي البداية التقينا بالمصريين وحاولنا التعلم منهم. لديهم جناح إسرائيلي كبير وجناح غزة كبير بنفس القدر. تحدثنا معهم عن أسباب اندلاع الجولة وكيف يمكن احتواؤه. كانت هناك محادثات أولية انتهت باستدعاء وفد حماس برئاسة مسؤول كبير من حماس إلى القاهرة. هناك آلية تتكرر في كل الظروف: مصر وقطر وإسرائيل وحماس. ومن المفهوم أن الأميركيين تدخلوا أيضاً في بعض الجولات. كان الأمر نفسه آنذاك وهو نفسه اليوم”.
عمليا، كيف تتحدثون فعليا مع حماس؟
“الممارسة المتبعة، حتى اليوم، هي أن تجلس حماس في فندق ، ويجلس الوفد الإسرائيلي، الموساد، في فندق آخر، وتجري المفاوضات وهي رحلة قفز، “مكوكية”. المصريون يتنقلون بين الإسرائيليين وحماس، حرفيًا بين الفنادق، وأحيانًا بين طوابق مختلفة في نفس الفندق، وينقلون الرسائل بين الطرفين.”
وأشار إلى أنه “في الوقت نفسه، يتحدث رجال حماس مع قيادتهم، وجرت مفاوضات وضعوا فيها المطالب ونحن نرد، والعكس صحيح. التفاوض هو تخصص – بناء تقدير موقف، وتحليل تقدير موقف الطرف الآخر، وفهم أين يمكن التسوية وأين لا، كما أن رجال الموساد يستخدمون قدرتهم العملية البشرية في المفاوضات لإبقاء الأوراق في صالحهم، وفي الوقت نفسه يستفيد الجانب الإسرائيلي من سنوات الثقة المتراكمة بين إسرائيل والمصريين.”