تحوّل الإحتفال الذي أقيم أمس لمناسبة العيد الوطني العاشر لجمهورية جنوب السودان في بيروت إلى مساحة للفرح من خلال حدثين ميّزا الإحتفال الذي جرى بدعوة من القنصل الفخري لجنوب السودان علي مرعي، وبمشاركة وفد دبلوماسي وإداري من وزارة الخارجية في جنوب السودان برئاسة نائب وزير الخارجية دنك دو دنك مالك.
الحدث الأول كان تسليم نحو 51 عائلة من جنوب السودان جوازات سفر بلادها بعد أن تحولت الى فئة مكتومي القيد في لبنان لدخولها الى لبنان قبل استقلال جمهورية جنوب السودان في العام 2011 وبذلك تكون القنصلية وبجهود استثنائية من قبل القنصل مرعي وبتسهيل ورعاية من وزارة الخارجية في جنوب السودان قد وجدت حلا قانونيا وإداريا وإنسانياً للعشرات من ابناء الجالية الذين هُددوا بوجودهم وأعمالهم في لبنان، والأهم أنهم استعادوا هوياتهم الوطنية ومواطنيتهم.
الحدث الثاني والذي شكل لوحة إنسانية نادرة يكمن في تمكن القنصل مرعي من لم شمل عائلة مكونة من والد جنوب سوداني هو نيكولا ادولف نيوك ووالدة لبنانية من مدينة طرابلس ولديما 5 أولاد، كانت قد تفرقت بسبب ترحيل الوالد الذي كان لاعب كرة قدم محترف في احدى الأندية الطرابلسية قبل أن يتم ترحيله الى جنوب السودان سب مخالفة شروط الإقامة منذ 17 عاما. ومنذ ذلك التاريخ انقطعت أخبار الوالد ولم تفلح جهود الوالدة وجهات عديدة من معرفة مصير الوالد، حتى بلغ اليأس مرحلة فقدان الأمل مع ورود معلومات إعلامية تحدثت عن وفاة الوالد.
لكن مع جهود القنصلية والمتابعة الدقيقة تم معرفة مكان تواجد الوالد وكانت مفاجأة الإحتفال أن دخل نوك القاعة ليحتضن عائلته، فكانت لحظة مؤثرة جدا أبكت كل من شاهد لحظ اللقاء.
وكان الحفل قد استهل بنشيد البلدين، ثم تلا عريف الإحتفال رسالة تهنئة خاصة من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ثم ألقى القنصل مرعي كلمة أشار فيها الى انه “منذ نحو عام، وبالتحديد في 20 تموز من العام الماضي، تسلمت شهادة التمثيل القنصلي من مديرية المراسم في وزارة الخارجية والمغتربين، وكانت شهادة التمثيل هذه بمثابة الثقة الغالية بي من قيادة جمهورية جنوب السودان والجمهورية اللبنانية، ومن هذه الثقة استمديت العزم لأنطلق مباشرة لتنفيذ رؤية واضحة للقنصلية، وضعت في مقدمة أولوياتها مسألة تعزيز الحضور القنصلي والديبلوماسي لجمهورية جنوب السودان في لبنان والعمل على تعزيز علاقات التعاون بين البلدين، والأهم كان تصحيح الخلل المتصل بواقع أبناء الجالية الذين دخلوا بغالبيتهم كمواطنين سودانيين، قبل أن تنال جنوب السودان استقلالها في العام 2011، ما انعكس خللا كبيرا على الواقع القانوني والاداري لهم في لبنان كما في بلدهم جنوب السودان”.
وأوضح أنه “بتسهيل من قادة جنوب السودان ومن فخامة الرئيس، ومن وزير الخارجية والإدارات الأمنية المعنية، وبعد نحو خمسة أشهر على تكليفي، أي في شهر كانون الأول العام الماضي، أوفدت جنوب السودان بعثة دبلوماسية وإدارية وأمنية أمضت أياما طويلة في لبنان وتمكنا من إعادة تصحيح الخلل، وها نحن اليوم سنسلم جواز سفر جنوب سوداني لمن استوفى الشروط القانونية، وسنتابع العمل بصورة دائمة حتى تصبح الجالية بكامل أبنائها تعيش في لبنان وفقا للأنظمة والقوانين المرعية”.
وقال: “في هذا الإطار، لا يسعني سوى توجيه تحية تقدير وامتنان إلى المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم على توجيهاته بوجوب تسهيل إعادة ترتيب ملفات من يرغب من مواطني جنوب السودان وإعفاء من يرغب منهم بالمغادرة، من الغرامات وقوننة أوضاع من يرغب في البقاء. بعد هذه الخطوة الهامة، مضينا قدما في العمل لتعزيز علاقات التعاون لما فيه خير ومصلحة البلدين والشعبين، وأعددنا دراسة عن سبل التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري وزيادة فرص الاستثمار في كلا البلدين، وهذه الدراسة ستكون الأساس لندوة عن بعد بدأنا التحضير لها وستكونون من المدعوين للمشاركة بها”.
ورأى “أهمية أن تبادر الدولة اللبنانية وتقرر أي شكل من أشكال التمثيل القنصلي لها في جوبا وذلك لسببين: الأول: أن في جنوب السودان عددا كبيرا من اللبنانيين ومن رجال الأعمال اللبنانيين ومن الضروري أن يصار الى رعاية مصالحهم. مع العلم أن الحضور اللبناني في جنوب السودان مرحب به وهو موضع تقدير القيادة وبتوجيهات من الرئيس مباشرة، نظرا لما أثبتوه من التزام القانون ووقوفهم الى جانب أهلهم في جنوب السودان، في أكثر من استحقاق في هذه الظروف الصحية والانسانية التي تعانيها دول العالم”.
أضاف: “السبب الثاني: أن المرحلة المقبلة ستكون مرحلة تعزيز علاقات التعاون ولا بد من توازن في التمثيل بين البلدين، باعتبار ذلك مدخلا لتسريع قيام اتفاقات وبروتوكولات تعاون تسهم في تعميق علاقات التعاون”.
دونغ
ونقل دونغ تعازي رئيس بلاده سلفا كير ميارديت، إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، “بالخسائر البشرية التي تسبب بها انفجار مرفأ بيروت في 4 آب الماضي.
وقال: “جنوب السودان ولبنان بلدان منفصلان جغرافيا، ولكن تربطهما علاقات ثقافية طويلة الأمد تعود إلى أواخر الأربعينات. وعندما كان السودان لا يزال دولة واحدة تحت الحكم البريطاني، كانت الجامعة الأميركية في بيروت مؤسسة مرغوبة للتعليم العالي من الطلاب السودانيين، الذين أصبح العديد منهم في ما بعد بيروقراطيين وسياسيين وأكاديميين بارزين”.
أضاف: “اليوم، لا يزال جنوب السودان يولي أهمية كبيرة لتاريخ التعاون الثقافي مع لبنان. وعلى الرغم من أن علاقاتنا لم ترتفع بعد إلى مستوى السفراء، إلا أننا سعداء لأن علاقاتنا الثقافية والاستثمارية، تتم خدمتها بشكل جيد من صديقنا العزيز، القنصل الفخري السيد علي مرعي”.
وأشار إلى ان “الجمهورية حصلت على استقلالها في 9 تموز 2011، واليوم يوافق الذكرى العاشرة لاستقلالنا. إنها مناسبة نحتفل بها بالكثير من الفخر الوطني لأن حريتنا تحققت بعد صراع طويل وشاق. ولكن على الرغم من هذا الإحساس الرائع بالإنجاز، وبينما كنا على وشك وضع بلدنا على طريق التنمية الصحيحة، فقد أطلقنا النار على أنفسنا من خلال إشعال حرب في عام 2013 هذا الصراع انتهى بسرعة في عام 2015 ولكنه شوه صورة بلدنا بشدة”.
وأكد أنه “على الرغم من تلك الصورة السلبية، فإن جنوب السودان ليس ما يتم تصويره اليوم في وسائل الإعلام. هناك الكثير من الأشياء الإيجابية التي تحدث في جنوب السودان. أولا، تم إغلاق فصل الحرب بتوقيع اتفاقية سلام تعرف باسم اتفاقية حل النزاع في جمهورية جنوب السودان (ARCSS). تم تجديد هذا الاتفاق مرة أخرى في عام 2018، وقد تم حتى الآن تحقيق بعض النقاط الرئيسية في تنفيذ الاتفاقية.
وأوضح أن “اتفاقية السلام وضعت هذه البلاد على مسار سياسي جديد، الذي يترجم بسرعة إلى فرص اقتصادية واستثمارية هائلة. ويأتي على رأس هذه الفرص التوسع في الاستثمار في صناعة النفط. قد لا يدرك البعض منكم أن جنوب السودان لديه ثالث أكبر احتياطي نفطي في جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، بعد نيجيريا وأنغولا”.
وقال: “في الشهر الماضي، استضاف فندق السيد علي ميري النسخة الرابعة من مؤتمر النفط والطاقة في جنوب السودان، وهو مؤتمر الطاقة الرائد في البلاد. وأكد المؤتمر الذي نظمته وزارة البترول بالتعاون مع وزارة الطاقة والسدود موضوعين هامين: إبراز رغبة الحكومة في زيادة الاستثمارات الرأسمالية في الهيدروكربونات والبنية التحتية للطرق وتوليد الطاقة والتكنولوجيا، وعرض المربعات النفطية الجديدة التي سيتم الاستيلاء عليها، بالإضافة إلى الفرص الجديدة للاستثمار في الغاز والبتروكيماويات”.
وتابع: “بالاضافة الى النفط، جنوب السودان غني بالمعادن مثل الذهب والنحاس والأحجار الكريمة. والأهم من ذلك أنها غنية بالأراضي الصالحة للزراعة والمياه. بلدنا هو أيضا موطن للحياة البرية الرائعة ومركز يجذب الاستثمارات وحكومتنا حريصة على إقامة علاقات تجارية متبادلة المنفعة مع كل البلدان، بما في ذلك لبنان. لذلك، نرحب بالمستثمرين اللبنانيين وغير اللبنانيين للاستثمار في جنوب السودان”.
ولفت إلى أن “التحديات التي نواجهها كأمة ليست غريبة علينا، ومع ذلك، فإنني على ثقة من أن جنوب السودان سينتصر ويصعد إلى المكانة اللائقة به بين البلدان النامية والمزدهرة بسرعة”.
وختم: “أود ان أعبر عن تقدير حكومتي لحكومة الجمهورية اللبنانية الصديقة للرعاية الجيدة لمواطنيها في لبنان. كما أود أن أعبر عن تقديري للمساعدة التي قدمها اللواء عباس إبراهيم لمواطنينا الذين كانت لديهم مشاكل في الإقامة من خلال تعديل أوضاعهم”.
وفي نهاية كلمته قدم مالك اعلى وسام يمنح من جمهورية جنوب السودان وهو عبارة عن عصا السلطان التي تسلمها القنصل مرعي بعد ان ارتدى العباءة التقليدية والمسبحة الخاصة بها.في المقابل قدم مرعي وحبيس درعاً تفديرياً لمالك.
حضر الحفل: النائب السابق باسم الشاب ممثلا الرئيس المكلف سعد الحريري، وزير الصناعة في حكومة تصريف الاعمال الدكتور عماد حب الله، المحامي خالد مكي ممثلا رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، سفير أثيوبيا temsgn oumer furikan، سفير نيجيريا غوني مودو زانبورا، عميد السلك القنصلي وقنصل سنغافورة جوزيف حبيس، القنصل الفخري لدولة الكونغو حسن يحفوفي، قنصل سيراليوم هاشم هاشم، ممثل السفير المصري الملحق العسكري العميد صلاح محمد جنيدي، العميد موسى كرنيب ممثلا المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان، العقيد عماد دمشقية ممثلا المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، الرائد عماد سلوم ممثلا المدير العام لامن الدولة اللواء طوني صليبا واعضاء من السلك الديبلوماسي والقنصلي وشخصيات سياسية واجتماعية ودينية وثقافية وحشد من الجالية في لبنان.
تخلل الاحتفال، قطع قالب الحلوى وتقديم دروع تذكارية. ووزع القنصل مرعي جوازات سفر على الجالية.