العلامة الخطيب لمجلس نقابة المحررين:نريد دولة حقيقية قوية ..وسنقاتل من أجل بقاء المسيحيين في لبنان ولن يقتلعنا أحد من أرضنا
الحوارنيوز- محليات
على بعد أمتار قليلة من مقر النقابة ،إلتقى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب في مقر المجلس في الحازمية ،بمجلس نقابة محرري الصحافة اللبنانية برئاسة النقيب جوزف القصيفي،وجرى نقاش مستفيض على مدى ساعة كاملة في الشؤون اللبنانية الراهنة في ظل الحرب الإسرائيلية المفتوحة على لبنان.
في مستهل اللقاء ألقى النقيب القصيفي كلمة جاء فيها:
سماحة الشيخ علي الخطيب نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى.
في كل مرة أزور المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى بالحازمية تتراءى أمام ناظري صورة الامام المغيب موسى الصدر بقامته المديدة كالرمح السمهري، ووجهه الصبوح الذي يوحي بالتفاؤل، ورحابته التي تتسع للجميع، وكأنه واحد في الكل،وكأن الكل إجتمع في شخصه. في اذني دعوته إلى الكلمة السواء التي تبني وتشقع لبنات المحبة الواحدة تلو الأخرى لترتفع عمارة الحوار وقبول آلاخر. وفي أذني تصدح كلمته : إسرائيل شر مطلق، ومواجهتها تكون بوعي خطورة وجودها كيانا غاصبا ينبغي التصدي له بالوحدة الوطنية ، ومقاومتها بكل ما ملكت أيماننا من أسباب القوة. وها انكم اليوم تواصلون رسالة الامام المغيب في الحوار ومد الجسور بصبر وطول اناة وجلد على المكاره ، وانتم تعانون وتعاينون المآسي التي تلاحق اشقاءنا في المواطنة من الجنوب إلى البقاع، فضاحية بيروت الجنوبية مرورا بكسروان- الفتوح وجبيل وصولا الى أقاصي الشمال. فباسم زملائي أعضاء مجلس نقابة محرري الصحافة اللبنانية، وباسمي شخصيا ،
نتقدم منكم بأحر مشاعر العزاء باستشهاد من ارتقى منهم، وصادق الدعاء للجرحى والمصابين بالشفاء العاجل.وقد جئنا اليوم لنسألكم عن تقييمكم للقمة الروحية التي عقدت أخيرا في بكركي، والدور الذي يمكن أن تؤديه لتوطيد اواصر الوحدة الوطنية التي نحن في مسيس الحاجة إليها اليوم قبل الغد، لتدارك المفاعيل السلبية المتوقعة في ظل الانقسامات السياسية ونار المنازلات الاعلامية المتأججة. وما هو دورها في إمتصاص الصدمات، ونزع فتائل التفجير لدرء اي نزوع إلى الفتنة.
سماحة الشيخ ،
تحملون إرثا تهادى إليكم من الامام السيد موسى الصدر المؤسس والباني وصاحب المبادرات الخلاقة، ومن الامام الشيخ محمد مهدي شمس الدين صاحب الوصايا التي صارت ميثاقا وطنيا واجتماعيا، ومن الامام الشيخ عبد الأمير قبلان رجل الاعتدال والمحبة،وانتم مؤتمنون على هذا الارث بما ينطوى عليه شخصكم من حكمة وطيبة وتواضع. وتقع عليكم ، كما على القيادات الروحية، مسؤولية العمل على ترشيد الخطاب الوطني والتصدي للرؤوس الحامية لئلا تفلت السنتها من مدار الحق، فتقود البلاد إلى منزلقات ومنعطفات لا يمكن تفاديها، ولا يفيد معها الندم. انا نعول على دوركم الايجابي، وحضوركم الفاعل في كل الاستحقاقات، إلى جانب الخيرين الحكماء، لأنكم دائم الانقياد إلى الحق وتقودون الناس اليه.
العلامة الخطيب
ورد الشيخ الخطيب بكلمة رحب فيها بوفد مجلس النقابة وأشاد بدور الصحافة والصحافيين في هذه المرحلة من تاريخ لبنان، وقال: نحن عبركم نخاطب الرأي العام اللبناني وشعبنا والمسؤولين، أيضًا. وأؤكد إحترامي لكم وخصوصًا في هذا الظرف الخطير. ما هو حاصل اليوم في لبنان هو موضوع وطني وليس موضوع طائفة، كما يحاول البعض تحوير القضايا لأهداف وأغراض سياسية داخلية أو خارجية، أو لخدمة شيء خارجي. لبنان هو بلد ووطن جيمع اللبنانيين، ونحن نعزّي بعضنا البعض. نحن نحزن معًا ونفرح معًا. وهذا معنى الوطنية والمواطنة. نحن أبناء وطن واحد. نحن واحد في وطن يجمعنا التاريخ والجغرافيا والقيم، كما يجمعنا الخطر الذي نتعرض له في لبنان وفي المنطقة.
اضاف: كلنا يعلم أن إسرائيل ليست دولة طبيعية في المنطقة، وما نراه اليوم في لبنان ليس طارئًا وليس جديدًا. وجود إسرائيل قام على أساس القتل والجرائم. هذا الكيان منذ تأسيسه قام على العصابات الصهيونية المعروفة. هناك من يخلق الأعذار للإسرائيليين لما يقومون به. هم يعلنون عن أطماعهم وأهدافهم. وهم يظهرون عن أخلاقيتهم ووحشيتهم وعن حبهم لسفك الدماء والقتل، وهم يعتقدون أن بالقتل والترهيب والإرهاب والتدمير بإستطاعتهم أن ينالوا شرعية احتلالهم لأرض فلسطين. لكن أرهابهم يزيدنا إصرار على مواجهتهم، خصوصًا أن العالم كله اكتشف حقيقية هذا الكيان الغاصب بعدما كان مأخوذًا بإعلامهم، أنهم عنوان الديمقراطية والتقدم والحضارة والرقي، وأننا نحن شعوب متخلفة، تحتاج الى مَن يحكمها. واليوم تبين للعالم مَن هم البشر ومَن هم الوحوش. تجربتنا مع الإسرائيليين، أي تجربة العرب معهم كانت سلسلة خيبات للأنظمة وليس للشعوب. وبعد سلسلة خيبات تم طرح موضوع السلام مقابل الأرض. وكم مضى من سنوات وعقود على هذا الطرح؟ لم يحصلوا على شيء بل زادت إسرائيل شراسة وصفعات متتالية للمنطقة. ولماذا يذهب العرب الى التطبيع؟ لو كان هذا الإتجاه يؤدّي الى السلام والهدوء في المنطقة كنا نقول ربما هناك شيء جيد لنعوّل عليه. هم لا يقبلون بوجود فلسطيني في الضفة الغربية في ظل سفك دماء ووحشية لا يتصورهما عقل، وفي ظل صمت العالم والمنظمات الدولية والأمم المتحدة.
ما هو حاصل اليوم لم يفضح اسرائيل بل العالم. وللأسف هناك من يعتقد من العرب أنه من الممكن إقامة سلام مع هذا الكيان. أنت ضعيف ما من أحد ينظر إليك أو يهتم بك. وما من أحد يحصّل لك حقك ما دمت ضعيفًا. عالم اليوم ليس عالم الأخلاق والمنطق. عالم اليوم هو عالم القوة. الحل في لبنان هو بمنطق الدولة وليس بمنطق المزارع وليس بتخويف الطوائف بعضها ببعض. اللبنانيون متعايشون مع بعضهم ولا يخافون من بعضهم كما يعتقد البعض. بل هناك مجموعة من أصحاب المصالح التي تمسك بالنظام هم الذين يزرعون الخوف في قلوب الناس. المشكلة ليست بالشعب اللبناني بل ببعض السياسيين. المشكلة ليست بتعدد الطوائف. الكل يؤمن ان تعدد الطوائف في لبنان هو نعمة. لقاء المسيحية والإسلام هو عبارة عن لقاء القيم الإنسانية الإلهية والأخلاقية، ولكن عندما يحاول البعض تحويل الأديان الى قبائل، والقبائل تتحوّل الى عصبيات والعصبيات تتحوّل الى أحقاد والى تنازع على المصالح ،نقع بما لا نريده. الدين ليس هكذا. الدين هو القيم والأخلاق. عندما فقدنا الأخلاق ، استطاع العدو تحويلنا الى عصبيات وقبائل متنازعة على المصالح ووصلنا الى ما وصلنا اليه.
وقال: العدو الاسرائيلي يشن حربًا علينا ونحن نتنازع داخليًا ونستغل العدوان الإسرائيلي لنستفيد منه لمصالح فئوية أو حزبيّة. هل هذه هي الوطنية؟ لا ليست هكذا تكون الوطنية، فضلًا عن كونها إنسانية أو أخلاقية. وما أقوله لا أعني به الشعب اللبناني بل بعض المسؤولين عندنا. اللبنانيون وفي كل المناطق اثبتوا من خلال استقبالهم لإخوانهم النازحين في منازلهم عن وطنية كبيرة. أثبت الشعب اللبناني أنه أفضل من بعض سياسييه الذين يفتقرون الى الوطنية. نحن بمركب واحد بحاجة الى تضامننا كي لا يغرق. لبنان لا يقوم الا بجناحيه المسلم والمسيحي، واللقاء بين الاسلام والمسيحية هو لقاء حتمي. والاسلام ثبت ذلك في القرآن الكريم ليكون دستورًا للمسلمين. وللمسيحيين خصوصية وذلك ليس من باب المنة وليس من باب السياسة، بل هو دين.في القرآن الكريم سورتان تعرضتا للسيد المسيح والسيدة مريم سلام الله عليهما، سورة آل عمران وسورة مريم، والمسلمون لن يكونوا مسلمين من دون الاعتراف بالمسيحية كدين سماوي ،ومن دون الاعتراف بالسيد المسيح وبالسيدة مريم سلام الله عليهما.
كشعب لبنان تجمعنا القيم والجغرافيا. كلنا في لبنان وسنبقى كلنا في لبنان. وما من أحد منّا طارئ على هذا الوطن ولا أحد منّا يريد الخروج من لبنان. هذه ثابتة أبدية. ونحن كمسلمين شيعة في لبنان، كما وقفنا الى جانب الفلسطينيين وهم اخواننا في الدين وجيراننا، لكن أقول أن إبن بلدي أولى من غيره. نحن سنقاتل من أجل بقاء المسيحيين في لبنان. علينا كلنا الا نخرّب بلدنا بيدنا.
اليهود انقلبوا على دينهم واخلاقهم . نحن لسنا ضد اليهودية بل ضد اليهود والصهاينة.نحن في مواجهة وحوش وهذا ما يشاهده العالم اليوم. وانتم في هذه اللحظات تسمعون كيف يمطرون الضاحية بقنابلهم وهم يعتقدون انهم يرهبوننا. فهم لا يرهبوننا وطبعًا لا يرهبون اللبنانيين. وهم يعتقدون ان المقاومة انتهت باستشهاد السيد حسن نصرالله. المقاومة اليوم تسطّر بطولات على الحدود وهم حاولوا الدخول الى أراضينا ولكنهم لم يستطيعوا الدخول شبرًا واحدًا. لم يدخلوا الى قرانا الامامية. يدخلون ويخرجون ولم يتمكنوا في الثبات في قرانا.
اسرائيل لم تطبق القرار 1701 فهناك 35 ألف خرق للقرار مسجل من قبل قوات الأمم المتحدة. من طبع العدو العدوان والتوسّع. إته عدو لا يمكن التفاهم معه. لذلك أقول أن الوحدة الوطنية هي أساس بالنسبة للبنان. وأقول أن الإسرائيلي لن يرضى بتطبيق القرار 1701 وهو يضع الشروط التي يرددها وأبرزها حق الإعتداء على السيادة اللبنانيّة. نحن لسنا مهزومين وعمقنا في التاريخ يشهد لنا. نحن شعوب قوية ولا يمكن لأحد أن يقتلعنا من أرضنا. هو، أي الكيان الإسرائيلي طارئ على هذه المنطقة. إننا ندفع الثمن هذا صحيح ولكن ما بعد هذا الثمن سننال حريتنا واستقلالنا. ما من شيء يتحقق من دون تضحيات.
وللجميع أقول أنه ليس للشيعة مشروعهم الخاص في لبنان. نحن نريد دولة حقيقية في لبنان تدافع عن سيادتها وتحافظ على كرامة شعبها، وليس دولة تدير ظهرها للمشكلة ولأي اعتداء على أرضنا. نريد دولة ذات سيادة لديها جيش قادر على الدفاع عن لبنان أرضًا وشعبًا. يستشهد أبناؤنا وينزحون ويهجرون ليس لأننا لا نحب الحياة. نحن نحب الحياة. والحرب فُرضت علينا ولن يُترك لنا الخيار بذلك. الدولة تركتنا للوحش الإسرائيلي. نحن لن نستسلم أمام الوحش الإسرائيلي. إذا الدولة لا تريد أن تقاتل هذا الوحش نحن مستعدون لذلك. ولكن نحن أساسًا نريد الدولة العادلة القادرة.
وردًا على سؤال أن هناك من يسأل عن مستقبل الشيعة في لبنان، قال: مَن يسأل هذا السؤال فهذا يدل على عدم وطنيتهم، لأن الوطني لا يتكلم عن أبناء بلده بهذا الأسلوب. الوطني يقف الى جانب ابن بلده الذي يتعرض للقتل والعدوان. أساسًا العدوان الإسرائيلي ليس على الشيعة في لبنان ،ولكن على كل لبنان وعلى كل اللبنانيين. ومن يسأل هذا السؤال يعتبر نفسه أنه منفصل عن الجسم اللبناني. ولا يمكن لأحد أن يُخرج الشيعة من لبنان فهم جزء من الشعب اللبناني، ووريث الشيعة في لبنان فليذهب إلى الاسرائيليين الذين يعطونه هذا الأمل. ومن يسأل أو يقول ذلك لا يستحقون الرد عليهم.
وعن القمة الروحية قال الشيخ الخطيب: البطريرك الماروني هو محط احترام لدينا وإن اختلفنا معه في بعض وجهات النظر. والقمة الروحية كانت رائعة وممتازة وأظهرت الإجماع الوطني على قضايا أساسية، على وحدة الوطن وعلى أن العدوان الاسرائيلي هو عدوان على لبنان وأن النازحين هم أخوة يجب مساعدتهم واحترامهم وهذا ما عبرنا عنه في البيان الختامي.
وعن عودة النازحين الى قراهم قال: النازحون ليسوا بحاجة لمن يقول لهم عودوا إلى قراكم هم سيعودون من تلقاء أنفسهم. وهم دفعوا دماءهم ودماء أبنائهم ثمنًا للحفاظ على الأرض.