سياسةمحليات لبنانية

العلامة الخطيب في رسالة الجمعة:على اللجنة المعنية وقف تجاوزات العدو.. فشعبنا مصمم على العودة بأي ثمن

 

الحوارنيوز – محليات

 

دعا نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب ، اللجنة المشرفة على تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار،إلى “وقف تجاوزات العدو وقتل المواطنين والاعتداء على السيادة الوطنية، والا فمن حق لبنان بل واجبه الدفاع عن سيادته بكل الطرق المشروعة ووفقا لنص الاتفاق أيضا”.

 

 وقال في رسالة الجمعة التي وجهها من مقر المجلس الشيعي في الحازمية إن “شعبنا مصمم على الرجوع الى قراه بأي ثمن، لكنه يريد ان يعود والشعب اللبناني كله سند له، مع الجيش اللبناني الذي كنا اول من طالب بوجوده لحماية السيادة الوطنية، وكانت السلطة السياسية تمانع في ذلك..”

وجاء في الرسالة:

بسم الله الرحمن الرحيم

 

قال تعالى في كتابه العزيز: (لَقَدْ كَانَ فِى قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِى ٱلْأَلْبَٰبِ، مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَٰكِن تَصْدِيقَ ٱلَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَىْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ).

ايها الاخوة،

 هذه الاية المباركة وردت في سورة يوسف (ع) ، وهي تتحدث عن الغاية من التعرض لأخبار الانبياء (ع)، وما جرى لهم مع اقوامهم، وان المراد هو اخذ العبرة، وان ذلك لم يكن بهدف التأريخ لمجريات الامور ووقائعها كما يفعل المؤرخون، او من باب التسلية وملء الفراغ كما يفعل القصاصون، او من باب الكتابة الادبية كما يفعل كتاب الأدب لاظهار براعتهم في الكتابة الأدبية. فالقرآن الكريم ليس كتاب تسجيل للوقائع التاريخية للاطلاع عليها، ولا هو كتاب ادبي أريد به اظهار براعة الكاتب في الكتابة الأدبية، ولا كتاب قصص أُريد به التسلية وتعبئة الفراغ، وانما كتاب هداية وارشاد.

 ولذلك فإن ذكر ما جرى من وقائع بين الانبياء واقوامهم، كان من باب اخذ العبرة والتعلم من هذه التجارب حتى يستفيدوا منها ولا يقعوا او يبتلوا بما ابتلت به من ابتلاءات وعقوبات، وهي عديدة منها الانتقام الالهي بالاهلاك للحرث والنسل، او بالهزيمة والخسران وغيرها عند المعاندة وعدم الامتثال للاوامر الإلهية، او العكس وهو الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة والحصول على حالة الاطمئنان والراحة النفسية، أياً كانت النتائج ايجابية اوسلبية، ولا يعيش حالة القلق والارتباك، خصوصا عندما لا تكون الأمور مضمونة النتائج، ولكنه يركن الى تحصيل رضى الله تعالى بتأدية الواجب وتحقيق حالة العبودية له سبحانه وتعالى.

 هذا على الصعيد الفردي وكذلك هو الحال على صعيد الجماعة. فقد حدد سبحانه هدفا لارسال الرسل وهو تكوين الجماعة والامة المؤمنة التي تلتزم اوامر الله تعالى وتقيم حياتها على اساس هذا الإيمان وعلى اساس العبودية لله تعالى والاحتكام اليه، وليس على ايٍ من الروابط الأخرى القائمة على العصبية أو المصالح الآنية:

(قُلْ إِنَّمَآ أَعِظُكُم بِوَٰحِدَةٍ أَن  تَقُومُواْ لِلَّهِ مَثْنَىٰ وَفُرَٰدَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَىْ عَذَابٍ شَدِيدٍ)..

 فهي دعوة لله تعالى ولمصلحة الافراد كأفراد، كما انها دعوة لمصلحة  المجموعة البشرية لإقامة العدالة وليس من اجل مجد شخصي، وان دعوة النبي محمد (ص) وبناء هذه الأمة وايجادها كان لتحقيق هذه الغاية، وان عليها ان تعتبر من تجارب الامم السابقة وإلا تعرّضت نفس المصير اذا ما تمردت او انقلبت على المبادئ التي آمنت بها وقامت عليها.

 ولا يمكن للأمة الاسلامية ان تبقى أمة اذا ما جرّدناها عن الاسلام وعملنا على تفكيكها تحت عناوين عصبية مختلفة، قومية أو مذهبية ، الأمة أصلاً لم تكن موجودة، وانما الذي أحكم رباطها وشد وثاقها هو الإسلام. ولذلك فإنه مع فك هذا الرباط وحل هذا الوثاق لن يقف فرط هذا العقد عند حد، وهو يعني نهايتها. فهي نظام كنظام الخرز الجامع بينها، هو الخيط فاذا ما انقطع تفرق الجمع وانتهى.

وقد عرف اعداء هذه الامة والطامعون بها بعد حروب عديدة شُنّت عليها وحاولت كسر ارادتها وهزيمتها، ولم تفلح في تحقيق هدفها، فاهتدت أخيراً الى معرفة مكمن هذا السر المتجسد في وحدتها فسعت الى  التخلص منه.

ولقد شهدنا وخصوصا في العصور الاخيرة اولى محاولات الغرب التي نجحت بتحقق هذه الامنية بتفكيك الدولة العثمانية وتقسيم العالم الاسلامي الى وحدات قومية متباينة، لم تنته عند هذا الحد، بل اتبعتها بالدعوات التقسيمية الكيانية، ثم انتهى بنا الأمر الى الدعوات التقسيمية الطائفية والمذهبية التي اخذت اشكالا من الصراعات الدموية اليوم للأسف.

ومع عدم وجود إشكال لدينا في الوجودات الكيانية المتعددة لمبررات موضوعية، لكن بشرط ألا يُخلّ بوحدة الامة ويقطع رابطة العقد الالهي بينها، ولكن ويا للأسف ان هذا ما تحقق.

لقد سبق هذا الواقع ان اختلقت السلطة في العصور الاسلامية المختلفة حروب ابادة مذهبية على بعض اخصامها السياسيين، لكن الامة حافظت على وحدتها لأن المعارضة السياسية ادركت خطة السلطة، ولم تنجرّ الى تحقيق ما سعت اليه، ولم تكن تسعى ان يكون لها مشروعها السياسي الانفصالي، ايمانا منها بوجوب الحفاظ على وحدة الامة. وهذا يعود الفضل فيه الى المعارضة، لكن الغرب التقط اللحظة التاريخية بضعف الدولة العثمانية وبث سمومه القاتلة  بطرح التجزئة بعناوين مختلفة، وعلى نحو متدرج حتى وصل الى غايته الخبيثة واشعل فيها الحروب المفتعلة القومية والمذهبية في ما بين الكيانات وداخل كل كيان، وهي لاهية بهذه الحروب.. كل كيان وكل مذهب يفتعل حروبه الخاصة، والعدو يسير نحو تحقيق اهدافه دون ان تشعر هذه الكيانات وهذه المذاهب بما يجري، بل يتآمر فيها البعض على البعض الاخر، ويخاف  فيها الكلّ الكل متعاونا مع عدوه الحقيقي على اخيه في الدين وفي المصلحة  والوجود، بينما العدو الصهيوني يسحق غزة ويشن حربا مدمرة على لبنان، والان يستغل الوضع المؤسف في سوريا ليستكمل ابتلاعه المزيد من الارض السورية وتدمير مقداراتها،  والعرب مشغولون بحروبهم الداخلية والخوف من بعضهم يسكن جوانحهم.

وفيما العدو يشن حربه على لبنان يتمنى البعض انتصاره على ابناء وطنه، وهمه ان يشن حرب العدو الاعلامية عليه فقط ليشفي غليله وحقده الذي ليس له سبب، الا هذه العصبيات التي أَحياها عدونا في نفوسنا، فأصبح البعض يردد ما يريد له العدو ان يردد، ويتمنى لأخيه الهزيمة خوفا من انتصاره.. يفرح لانتصار عدوه ويحزن لانتصار أخيه، ولا ينبس ببنة شفة  اعتراضا على تجاوز العدو، ويطالب المقاومة بتسليم سلاحها، فيما العدو مازال محتلا للارض ويمارس العدوان، ولا يطبق الاتفاق، فأي امة هي هذه الامة واي اوطان هي هذه الأوطان التي تشكك بنفسها وتخاف من خيالاتها.

والان، وبعد أن فُرِضَ على العدو وقف اطلاق النار،  ويحاول العدو ان يأخذ ما فشل عن اخذه بالحرب، وان يفرض بتجاوزاته أمراً واقعاً، فإن على اللجنة المشرفة على تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار، وقف تجاوزات العدو وقتل المواطنين والاعتداء على السيادة الوطنية، والا فمن حق لبنان بل واجبه الدفاع عن سيادته بكل الطرق المشروعة ووفقا لنص الاتفاق ايضا. وهذا ما يجب ان يكون عليه الموقف الوطني الجامع من اثبات الجدية الوطنية في الدفاع عن سيادة لبنان وكرامة شعبه، من دون الالتهاء بالشعارات التي تنفع العدو وتضر بالوطن.

 نحن قبل الجميع من نادى بحضور الدولة في الجنوب لتدافع عن السيادة  وعن الوطن، وهذا مطلوب من الجميع، لا ان يكون حضور الدولة حارسا للعدو في وجه الشعب اللبناني كما ربما يريده البعض، وان يكون حضور الدولة مطمئنا للشعب اللبناني في القرى الامامية ليعيش حياته ويمارس اعماله وهو يشعر بالحماية،  لا ان يرى الخناجر في ظهره. فشعبنا مصمم على الرجوع الى قراه بأي ثمن، لكنه يريد ان يعود والشعب اللبناني كله سند له، مع الجيش اللبناني الذي كنا اول من طالب بوجوده لحماية السيادة الوطنية، وكانت السلطة السياسية تمانع في ذلك..

 نحن اليوم اكثر تمسكاً بالجيش لكن على السلطة السياسية الا تطعن الجيش في ظهره، ولا اقصد هذه الحكومة، فهي حتى الآن تقوم بما عليها وبشخص دولة الرئيس نجيب ميقاتي، وكلنا ثقة ان يكمل هذا المسار حتى استعادة آخر شبر وعودة كل مواطن، مع اعادة البناء وترميم ما تهدم بعد بسط الأمن والأمان لأهلنا بكل مسؤولية.

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى