العلامة الخطيب في خطبة الجمعة: ما تقوم به المقاومة تهديد وجودي للغرب وليس للعدو الإسرائيلي فقط
الحوار نيوز– خاص
رأى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب أن “ما تقوم به المقاومة اليوم ليس تهديداً وجودياً للعدو الاسرائيلي فقط بل تهديد وجودي للغرب .
وقال إن الواقعية السياسية في لبنان تستدعي الاستجابة لدعوة الحوار بدل السلبية، والتفرّغ لإيجاد الحلول لمشاكل المواطنين والمخاطر الوجودية التي تهدّد البلد ومنها النزوح السوري حيث لا نعرف الهدف من صعود هذا الملف تارةً إلى سطح الاهتمامات ثم يختفي فجأة، فلا يجوز أن يكون على خطورته موضوعاً للمساومات السياسية.
أدى العلامة الخطيب الصلاة اليوم في مقر المجلس، بعد أن ألقى خطبة الجمعة التي جاء فيها
أيها الأخوة والاخوات، في خطبة اليوم نتناول مرحلة من المراحل ودوراً من أدوار أئمة أهل البيت(ع) قادها الامام أبو جعفر محمد الباقر بمناسبة ذكرى شهادته، بعد ان تناولنا في يوم الجمعة الماضي مرحلة منها عاشها الامام محمد بن علي الجواد (ع) بمناسبة شهادته أيضاً، ولا بدّ أولا من التعريف بهذه الشخصية المتميزة بالدور والإنجاز فمن هو الإمام الباقر(ع) ؟ هو الإمام أبو جعفر محمد بن علي الباقر ( ولد يوم 1 رجب 57 ه في المدينة المنورة وتوفي فيها في 7 ذو الحجة 114 ه) ( 13 مايوم 677 م – 1 فبراير 733م )، الإمام الخامس عند الشيعة الإمامية الأثني عشرية و( الإسماعليين) وهو أحد الأئمة المعصومين من أئمة أهل البيت(ع) والده الإمام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وأمه فاطمة بنت الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب، أما التميز بالدور لأنه من الأدوار التي تكاملت مع ما سبقها في التأسيس لما بعدها من المراحل.
وأما الإنجاز فما أُتيح له القيام به لم يتح الا لإبنه الامام جعفر الصادق عليهما السلام وهي مرحلة واحدة تقريباً في التشابه، لأن الامام الباقر(ع) عايش الفترة الاخيرة من حياة الدولة الأموية وأكملها الامام الصادق (ع) ورافق بداية نشوء الدولة العباسية وهي فترة وهن الدولة الأموية وعدم استقرار السلطة العباسية التي لم يكن بعد قد أُتيح لها تثبيت أقدامها لانشغالها في التخلص من الخطر الذي ما زال ماثلاً من اتباع السلطة الاموية.
فما هو هذا الإنجاز المتميز للامام الباقر (ع)؟؟
تعلمون أنّ أهم المرتكزات الشرعية للسلطة هو ادعاؤها الخلافة لرسول الله (ص) وانها تُشكّل استمراراً لهذه الشرعية، ولهذا لم تكن لتجرأ علانيةً وبشكل فاضح على تحدي الإسلام، وكان لا بدّ لها من اتباع اساليب ملتوية وبشكل خفي، أي سلوك الحرب الناعمة كما يصلح عليها اليوم تُمكّنها في نهاية المطاف من بلوغ أهدافها النهائية، وهي مسخ الإسلام بالتلاعب بمفاهيمه وتغييرها بما يخدم أهدافها ويمنح الغطاء الشرعي لما تقوم به ويُعطيها الصلاحيات للتصرف وفق ما تراه مناسباً وهو أمر خطير إن تسنّى للسلطة بلوغه لأنه سينتهي إلى تدمير أهداف الدين الحقيقية ليصبح وسيلة لتدعيم السلطة المنحرفة وفسادها وسيفاً مُسلطاً على رقاب الناس بدل أن يكون الدافع لهم لتنمية وعيهم واستخدام عقولهم وزيادة معرفتهم ودفعهم الى الارتباط بالتوحيد والعقيدة الحقّة التي جاءت لتحرير عقولهم من الخرافات ولإنقاذهم من العبودية والانقياد لشهواتهم وغرائزهم والتعلّق بالقيم المعنوية والاخلاقية وإعمار الارض وإصلاحها والرسالة ولتحقيق العدالة الاجتماعية والأخذ بأيدي الفقراء والمساكين ومواجهة الظلم والظالمين.
لقد كانت خطة السلطة وهو حال السلطة أياً كانت أن تُعطّل هذا المشروع الالهي لحماية نفسها كسلطة مطلقة ولتُحرّر نفسها من القيود التي يفرضها الإسلام كحدود لها، فلا شرعية لأيّ سلطة تتخطاها أو تتعداها، لذلك خططت السلطة بدهاء للإفلات من هذه القيود باختراع الجهاز الديني لاختلاق الأحاديث الكاذبة وتزوير الأحاديث الصادقة وقلب الحقائق والاعتقادات لإيجاد ثقافة بديلة لو أُتيح لها أن تتحقق ولم يكن موجوداً من يتصدى لها، لمُحق الدين وانتهى إلى غير رجعة وهو ما أنجزه الإمام الباقر (ع).
إن هذه النتيجة أعني ان تسعى السلطة لتُحقّق لنفسها امتلاك السلطة المطلقة هي نتيجة طبيعية خصوصاً أنها ترى أن السلطة حق الهي (بالتزوير) لها: “من ذا ينازعنا سلطان محمد وإمارته ونحن أولياؤه وعشيرته إلا مدل بباطل أو متجانف لآثم أو متورط في هلكة “.
وهذا الكلام يوضح أنه لم يكن الهمّ للمنازعين على خلافة رسول الله (ص) البحث عن من هو الاقدر على تحقيق أهداف الإسلام، بل كان النزاع على من هو الاحقّ بالخلافة، ولم يكن المعيار في الاحقية الاقدر على تحمل أعبائها، وإنما القرابة من رسول الله (ص)، أي أن المعيار كان معياراً عشائرياً جاهلياً لم يتمكّن المعنيون من تجاوزه خصوصاً لمجتمع تُشكّل العشيرة وأعرافها عمق وجدانه، ولمّا تمضي فترة زمنية كبيرة تتيح التغيير الشامل لها وطبعاً هذا بغض النظر عن النص الذي يُثبت ما حدث كونه أمراً ضرورياً غير قابل للاعتراض، سأتكلم عنه إن شاء الله لاحقاً وبشكل أوسع بمناسبة عيد الغدير في الغديرية التي سنقيمها في المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى في الخامس والعشرين من هذا الشهر بإذن الله.
لقد قلنا أن السلطة خططت لتجاوز القيود التي تضبط تصرفها عبر إيجاد جهاز بإسم الدين من المُحدّثين الذين لم يكونوا مُحصّنين عن الوقوع في شراك السلطة والتجند لخدمتها عبر إما التخويف وإما الترغيب لإثبات شرعية ما تقوم به ووجوب الاطاعة لما يسمونه وليّ الامر واستحقاق من ينتقده أو يرد عليه العقاب الذي يصل إلى الموت بعد الحكم عليه بالردة والكفر.
ولكن الامر لم يمضِ هكذا، فقد كان أهل البيت ومنهم بالأخص الامام الباقر (ع) لهم بالمرصاد وقد واجهوا ما علموا ان الامور ستجري عليه وخططوا له بتدبير الهي وبوصية لهم بالدور هذا الذي أُسند اليهم القيام به، ومن جملته العمل الدائم بترسيخ المعارف الإلهية وتأسيس المدارس العلمية فقهية وعقائدية شكلت التحدي لأهداف السلطة التي أفسحت المجال واسعاً للتشكيك بعقائد الاسلام ولما سُميَ بالزندقة، وهو ما اتسع مجاله للامام الباقر(ع) ثم استمر وبنحو أكبر في ما بعد للامام الصادق (ع) حتى سُمّيَ المذهب باسمه (ع) لترسيخ دعائم الإسلام ليس إلا امتداداً للنهج الذي سلكه أئمة أهل البيت (ع) في تثبيت دعائم الإسلام، وكانت ثورة الامام الحسين (ع) تُمثّل نموذجها الأعلى في المواجهة والتي أدت الدور المطلوب منها وأكمل الائمة (ع) من بعده وجهها الآخر، هي التي مَهَّدت الأرضية للثورات المستمرة والتي لم تهدأ طيلة العهود المتتالية واحبطت جهود السلطة في تحقيق أهدافها سواء التسليم بشرعيتها الدينية أو بانقلابها الثقافي والتحريفي لمفاهيم الدين والشريعة وجعلها العوبة بيدها، على الاقل بقيت مدرسة أهل البيت (ع) تقوم بهذا الدور ولم تفلح السلطة في ترويضها.
نعم، بقيت السلطة واستمر معها ازلامها من فقهاء السلاطين لكنها عجزت عن اكتساب إجماع الامة كسلطة دينية وإن فرضت نفسها باستخدام القوة، لكنها لم تستقر بفعل المعارضة التي لم تهدأ واضطرت معها السلطة إلى أن تكون في موقع الدفاع عن نفسها، أن تضطر للدفاع عن نفسها وتبرير مواقفها باستمرار فاسقطت نظرية الجبر وغيرها من النظريات التي اخترعتها السلطة بهدف رفع الشرعية عن معارضة السلطة والخروج عليها، وهو ما يُفسّر الحرب التي شنتها على مدرسة أهل البيت (ع) من الملاحقة والتضييق والقتل والى جانب الحرب الاعلامية التي استهدفت تشويهها وان المعارضة هدفها الوصول الى السلطة، وعلى الرغم من كل ذلك استطاعت مدرسة أهل البيت (ع) أن تُحاصر السلطة وتبقيها في دائرة عقدة إثبات شرعيتها، فقد نهج أمير المؤمنين (ع) ومن بعده أئمة أهل البيت (ع) لأنفسهم طريق الاصلاح وتحقيق العدالة الاجتماعية ومواجهة فساد السلطة وعبثها بالدين ومفاهيمه واتخاذها غطاء لفسادها، كما قال الامام الحسين (ع): (ألا ترون إلى الحق لا يُعمل به، وأن الباطل لا يُتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله محقاً، فإني لا أدرى الموت إلا طعم ولا الحياة مع الظالمين إلا برما، إن الناس عبيد الدنيا والدين عق على ألسنتهم يحوطونه ما درّت معايشهم، مُحّصوا بالبلاء قل الديانون).
ويقول الإمام علي (ع): (ولكنني آسى أن يلي أمر هذه الأمة سفهاؤها وفجارها، فيتخذوا مال الله دولا، وعباده خولا، والصالحين حربا، والفاسقين حزبا) وهذا النهج ما زال مستمراً مع اتباعهم، فليس لدى اتباع اهل البيت (ع) نهجاً سوى هذا النهج، ولم يدفعهم اعتساف السلطة وظلمها وتشويهها إلى الخروج عن هذه الأهداف وهو المحافظة على وحدة الامة والدفاع عن مصالحها الاستراتيجية، ولم يكن لهم شغل في المذهبية السياسية، بل قاموا بالفصل بين المذاهب واعتباراتها الايمانية وبين التعاطي كأمة في ما بينها كأمة واحدة في المصالح والحقوق والواجبات، فهم أخوة في الإسلام (المسلم اخ المسلم احب ام كره) والاختلاف في شروط الايمان لا يجيز لأحد تكفير أحد، فالاسلام على شهادة ألا إله الا الله محمد رسول الله (من قال لا اله الا الله محمد رسول الله فهو مسلم حَرُمَ ماله ودمه وعرضه).
إن اتباع أهل البيت (ع) لا يُشكّلون حالة منفصلة عن جسم الأمة كما حاولت السلطة وأتباعها تصويرهم وإنما هم في صميمها وجزء لا يتجزأ عنها، وهو ما يُفسّر هذا التلاحم في الموقف من الكيان الصهيوني الذي يُعبّر عن وحدة الأمة في الدفاع عن وجودها وكرامتها ومصالحها الاستراتيجية فيما يحاول العدو ومن يقف خلفه ومن يجاريه إثارة العامل المذهبي كعامل مُمزّق لشملها ومثير للفتنة في ما بينها حتى يتسنى له أخذها واحداً بعد الآخر، وانتظار المسلمين والعرب موقفاً آخراً غير هذا الموقف من العدو الصهيوني وإضرابه ينم عن سذاجة متناهية منهم، فكيف له أن يُنزّه نفسه عن استخدام هذه الوسيلة طالما انها تُغنيه عن الموقف المخزي الذي وقع اليوم فيه بسبب إفشاله في استخدامه، صحيح ان افشال الفتنة المذهبية التي جنّد لها العدو كل الامكانيات والطاقات الاعلامية والبشرية والعسكرية والدولية قبل طوفان الأقصى، لكنه مّهَّد لهذه الصورة الرائعة كمظهر لوحدة الامة ولقدرتها على الإنجاز الاعجازي الذي تمظهر بهذه الشجاعة النادرة لقوى المقاومة وقدرة الشعب الفلسطيني على هذا التحمل الذي لا نظير له في التحدي والتضحية والصبر الذي بمفرده يخيف العدو ويطأطئ له العالم الرؤوس احتراماً واقراراً بعظمة الموقف لفئة من الامة، فما هو تقديرنا للوضع فيما لو أُتيح لها أن تضع جميع مقدراتها وطاقاتها في خدمتها؟؟؟.
إنّ عظمة ما تنجزه قوى المقاومة اليوم على أرض غزة وفي جنوب لبنان واليمن والعراق ليس فقط في افشال مخطط القوى العالمية الصهيونية فقط على أرض غزة وفي الجنوب اللبناني، بل بما ستنجزه من إحياء الامة كلها وبعثها من جديد وعلى مستوى ترددات هذا الإنجاز وتأثيره الجديد على مستقبل العالم العربي والاسلامي كعنصر فاعل في رسم معالم النظام العالمي الجديد بديلاً عن واقعه الفعلي المخجل والمريب.
إن ما يجري اليوم على أرض غزة وعلى أرض جبل عامل وتخوم فلسطين المحتلة أعاد اليوم لهذه الامة الاعتبار ووضعها من جديد في واجهة الاحداث العالمية نظراً لما تختزنه من طاقات وثروات، ونظراً للموقع الاستراتيجي الذي تحتله على خريطة العالم مما يجعل أي تحوّل فيها مُهدِّداً لمصالح الغرب الحيوية، ولهذا فإن ما تقوم به المقاومة ليس تهديداً وجودياً للعدو الاسرائيلي فقط بل تهديداً وجودياً للغرب ، ولذلك احتاجت أن تُخاض المعركة بكثير من الجدية والذكاء كما يحدث فعلاً لا بردّات الفعل غير المحسوبة التي ارتدت سلباً على معنويات الامة إحباطاً ويأساً والتي استغلها العدو ليردّها بخبث إلى صدرها لتنتقم من نفسها بنفسها.
اما اليوم، فقد أحكمت المقاومة أمر القياد حين انطلقت من أرضية قوية وتخطيط بارع اذهل الاعداء ووضعه في مأزق ليس له منه خلاص وهو التسليم بشروط الهزيمة المنكرة كما خططت قيادة المقاومة وصرَّحت بشكل واضح وصريح انها لن تقبل ليس فقط بهزيمة المقاومة في غزة بل بتحقيق نصر مبين لها واثبتت بشكل لا لبس فيه جديتها بما قدمته من قرابين بينهم قادة اعزاء، لا تلوي على لوم لائم محكوم بعقد نفسية قد اديث بالصغار.
فالأمة تحتاج الى قادة يحملون في نفوسهم الآباء والعزة لا الجبناء والاذلاء، فهل يُرتجى من ذليل كرامة أمة أو بلوغ عزة؟؟؟.
إنّ الذين يثقون بأنفسهم فقط هم من ينتزعون حقّهم بأيديهم ولا يستجدونه من الآخرين، فالحق يُنتزع انتزاعاً ولا يُستجدى، ومن يستجدي الحقّ لا يستحقه فضلاً عن أن يُعطاه، فهل انت تغامر او تقامر حين تواجه عدوك الذي احتل أرضك وأهان كرامتك واستباح دماءك ويريد اخضاعك ؟؟؟؟ وهل تكون كرامتك مصانة وسيادتك مصونة حين تقبل بالهزيمة وترضى بالذل؟؟؟.
انه اللعب بالمفاهيم والقلب للحقائق، فإن قَبِل المهزومون بها فإنما ليزيّنوا لأنفسهم تخفيفاً عليها، أما الذين يعيشون العزة في أنفسهم فهم يمارسونها دون خوف أو وجل ويكون الموت دونها الذّ من الشهد والعسل ويرون في هذا الحياة، وفي الحياة مع الذلّ موتاً كما قال أمير المؤمنين (ع): “الحياة في موتكم قاهرين والموت في حياتكم مقهورين”.
لقد سئمنا هذه اللغة الممجوجة واعتاد عليها اللبنانييون التي ليس لديها سوى السلبية وتوجيه سهام النقد للمقاومة وتَمَنَّينا يوماً تقديم حل ايجابي منطقي غير ما تقوم به المقاومة فأنت في الواقع وهو ما نفهمه من هذه السلبية إن كنت لا تريد أن تساهم في الدفاع عن بلدك ولو بالموقف لا تريد أن تُقرّ لها بأنها تحقق إنجازاً لمصلحة لبنان خوفاً من أن تأخذ في مقابله بالسياسة فقد أخطأت الهدف، وانت تفوت على نفسك المساهمة بهذا الفضل أولاً، وثانياً فأنت تصارع الهواء، لأن المقاومة أسمى هدفاً مما تتصور وليس لديها من هدف سوى حماية لبنان وإعطاء العدو حجمه الحقيقي وهو انه أوهن من بيت العنكبوت وليس البعبع الذي يُرعب الجميع، فلا أدري ما يضيرك من هذا واذا كانت هي الصورة التي أدخلت في مخيلتك أياً كنت، فهي بعد هذه التجارب قد أصبحت من الماضي، ونحن اليوم في عصر المقاومة التي اذلت هذا الكيان واثبتت انه الجيش الذي يقهر وخصوصا اليوم بعد الذي يحدث أمام ناظريك على الحدود مع فلسطين المحتلة وانها أي المقاومة لن تمارس إنتقاماً من احد كما سبق لها ان فعلت، فمشروع المقاومة اكبر من الحسابات السياسية الطائفية الصغيرة هو مشروع أخلاقي إنساني من حق البعض الا يفهمه لانه لم يعتد أن يعيش السياسة بمعناها الحضاري بمضامينها الاخلاقية وقيمها الرسالية والانسانية كما ارادتها السماء ومارسها الأنبياء والرسل والاوصياء (ع) ومنهم من كنا بذكراه حامل قيم السماء والوصي عليها ومن قبله آباؤه ومن بعده أبناؤه (ع) والسلام عليهم حين ولدوا وحين استشهدوا وحين يبعثون (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا).
فالواقعية السياسية تستدعي الاستجابة لدعوة الحوار بدل السلبية، والتفرّغ لإيجاد الحلول لمشاكل المواطنين والمخاطر الوجودية التي تهدّد البلد ومنها النزوح السوري حيث لا نعرف الهدف من صعود هذا الملف تارةً إلى سطح الاهتمامات ثم يختفي فجأة، فلا يجوز أن يكون على خطورته موضوعاً للمساومات السياسية.
ولا بدّ من العمل الجدي لحلّه بالانفتاح على سوريا والضغط على الدول الأوروبية التي تُعرقل الحل بما دعينا اليه سابقاً من ترك الحرية للنازحين السوريين بالهجرة حيث شاؤوا وألا نكون حراساً للحدودعلى حساب وجودنا.