العلامة الخطيب في خطبة الجمعة:لتأليف الحكومة بأقصى سرعة..ودعوة ابنائنا لعدم الوقوع في ردات الفعل والاساءة لاخواننا في الوطن
الحوارنيوز – محليات
شدد نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى العلامة الشيخ علي الخطيب على “ضرورة تأليف الحكومة بأقصى سرعة من دون الانصياع للضغوط الامريكية وغيرها، بمحاولة قلب الصورة التي تظهّرت في بداية التكليف، ورسم صورة مغايرة لتجاوز مأزق بعض القوى وتحميله للثنائي الوطني”.
وقال في خطبة الجمعة ان “اللبنانيون ينتظرون بداية تليق بصورة النصر التي يسطرها اليوم أهلنا في الجنوب، وعدم المراهنة على الضغوط التي تمارس على لبنان، ليحقق بالسياسة ما عجز العدو عن تحقيقه في الميدان”.
ادى العلامة الخطيب الصلاة اليوم في مقر المجلس على طريق المطار،والقى خطبة الجمعة ،وجاء فيها:
قال تعالى : ((وَكَذَلِكَ جَعَلنَا فِي كُلِّ قَريَةٍ, أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِم وَمَا يَشعُرُونَ)) (سورة الأنعام: 123)
تتحدث هذه الآية، ايها الاخوة، عن ظاهرة من ظواهر الاجتماع البشري، وهي ظاهرة المعاندة للحق وعدم التسليم له ومواجهته بكل اشكال المواجهة. ويقود هذه الفئة من عبّرت عنهم هذه الآية بأكابر المجرمين، وهم العتاة والطغات من كل قوم ،الامر الذي لا يقتصر على قوم معينين او على زمان محدد، وانما هي ظاهرة شاملة وغير محددة الزمان والمكان، وان من يقود هذه الحركة دائما ويتزعمها هم أكابر مجرميها، حيث وصفتهم وعرفتهم الآية الكريمة بأكابر المجرمين، وهم مرتكبو الجرائم الكبرى من كبار المفسدين الذين يرتكبون الفساد ويقومون بنشره وتعميمه.
وقد ورد التعبير عن المراد بالفساد والافساد بعدة ايات منها الفساد الأخلاقي:
وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ۙ أُولَـٰئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ
ارتكاب واشاعة الفحشاء والمنكر.
ومنها الفساد السياسي:
وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ
ومنها الفساد الاقتصادي :
” ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا (البقرة)
ومنها الفساد الاجتماعي:
اثارة الفتن {والفتنة أشد من القتل}
ومنها الفساد العقائدي:
وهي الكفر بالله تعالى والالحاد به والدعوة اليه والعمل على اشاعته في المجتمع
واكابر المجرمين الذين تجتمع فيهم هذه الخصائص، هم من يمتلكون المقدرات، أو يمتلكونها عادة عن طريق ارتكاب الجرائم وإخضاع الناس واستخدام القوة والقهر.القوة القاهرة باستخدام الغلبة المادية كما كان في السابق، أو عن طريق التضليل الفكري والاعلامي والتسويق الإعلاني، كما هو حاصل اليوم، اضافة الى التلويح باستخدام القوة القاهرة، عصا غليظة لمن لا يمر عليه التضليل ويأبى الخضوع.
﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾
تستخدم قوى الفساد والافساد الوسائل من التقييد وكم الافواه او الملاحقة بالسجن أو القتل، للقوى التي تحمل على عاتقها الاصلاح ومواجهة قوى الفساد والتضليل من الانظمة الفاسدة التي ارتبطت في العصر الحديث بنظام عالمي فاسد ومهيمن ماليا واقتصاديا وثقافيا بشكل شامل، وقوة عسكرية طاغية استطاعت فرض اجندتها عبر ادواتها في الداخل التي كفلت لها بالترويج والتضليل السياسي والاعلامي تهيئة الظروف لتحقيق مصالحها وفرض ارادتها السياسية، حيث تمكنت هذه القوى من تسنم مراكز القرار في الادارة السياسية والثقافية والاعلامية والاقتصادية، تحت عناوين مزورة مثل الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان، تستخدمها حينا، وحينا اخر باسم حقوق الاقليات عبر تقسيم المجتمع الى اقليات واكثريات طائفية، تختلق بينها المخاوف لمواجهة ومنع اي محاولة اصلاحية والتي تصبح معدومة الامكانية.
وبذلك تقوم هذه الفئة بأخطر دور وتمارس نفوذها داخل كل فئة عبر استخدام ادوات قذرة، لا تتمتع بادنى القيم الاخلاقية او المناقبية، يقتصر دورها على تشويه القوى الوطنية وامتهان القيم الاخلاقية والمفاهيم الوطنية، تجمّل العمالة وتشوّه الوطنية وتسمّي الامور بغير مسمياتها، وتزور الحقائق وتستخدم الكذب والاتهام لاسقاط من يعارضها او يخالفها الرأي، كما هو الحال في لبنان حيث تتهم المقاومة ومن يساندها في الداخل باشنع التهم..ولكنها رغم كل الامكانات التي سُخِّرت لها مالية وقنوات اعلامية لم تستطع التأثير في جمهور المقاومة.
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال اجتماع مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، إن هناك حاجة إلى إحداث تغيير أمني وسياسي في لبنان للسماح للإسرائيليين النازحين بالعودة بأمان إلى منازلهم في شمال إسرائيل.
لقد حاول العدو احداث هذا التغيير بالضغط الذي مارسه على لبنان عبر ربط انسحابه من جنوب لبنان بفرض اجندات سياسية داخلية، بطريقة تأليف الحكومة وعزل الطائفة الشيعية، ترافق ذلك مع شن اطراف قبلية داخلية حربا اعلامية شعواء تلاقت مع الضغوط التي مارسها العدو.
اليوم يُخرِجُ شعبنا العدو من ارضنا المحتلة، ويطبق أهلنا القرار الدولي ويحررون قراهم بأنفسهم بعد التواطؤ الدولي مع العدو، واظهارعدم جديته بتطبيقه، والابقاء على الاحتلال بتغطية واضحة من الرئيس الامريكي ليخفف من عبء الفشل الذريع الذي مني به العدو باعتراف جنرالاته وقادته.
اليوم تتحرر قرانا ويُجبر العدو على الخروج والاندحار خاسئا ذليلا على ايدي اهلنا وأبنائنا في القرى التي تسلل اليها لصا تحت ظل القوى الدولية التي ضمنت الاتفاق، ولم تف بعهدها بعد أن كان مطلبا للعدو.
وهنا اوجه رسالة الى الداخل بضرورة تأليف الحكومة بأقسى سرعة من دون الانصياع للضغوط الامريكية وغيرها، بمحاولة قلب الصورة التي تظهّرت في بداية التكليف، ورسم صورة مغايرة لتجاوز مأزق بعض القوى وتحميله للثنائي الوطني. فاللبنانيون ينتظرون بداية تليق بصورة النصر التي يسطرها اليوم أهلنا في الجنوب، وعدم المراهنة على الضغوط التي تمارس على لبنان، ليحقق بالسياسة ما عجز العدو عن تحقيقه في الميدان عبر الالاعيب السياسية وابتزاز الطائفة الاسلامية الشيعية في لبنان، لحاجتها الى اعادة الاعمار، وتحميلها مسؤولية ما يتسبب به المشاغبون من التأخير في تأليف الحكومة.
ان الممارسات لبعض القوى اللاوطنية، لن تدفعنا الى التخلي عن ايماننا بالوحدة الوطنية والاصرار على التمسك بوحدة الشعب اللبناني وترابه. ولهذا ادعو ابناءنا الى عدم الوقوع في ردات الفعل والانجرار الى تحقيق رغبات الذين يصنعون الماء العكر، ثم يتصيدون به الذين ارادوا التعمية واشغال الرأي العام اللبناني عن الانجاز الذي حققتموه، واثلج قلوب غالبية الشعب اللبناني من كل الطوائف، وعبروا من قبل عن تضامنهم معكم ايام النزوح. فانتم اهل الوفاء، وحتما لا تقصدون الاساءة لاخوانكم اللبنانيين، وبالاخص الى الطائفة المسيحية الكريمة التي تجمعنا بها القيم الدينية الاخلاقية والوطنية، ولا تتحمل مسؤولية الاساءات التي تخرج من بعض الافواه الملوثة بالقذارة.
كما لا يجوز وطنيا ان نتلهى بما يختلقه البعض من كيديات سياسية عن اولويات الدولة ومسؤوليتها في تحريرما تبقى من ارض محتلة واعادة الاعمار، ومن منع العدو من الاستمرار في خرقه للاتفاق والعدوان على بلدنا، كما فعل في النبطية، ويفعل في بعض القرى الامامية، من تفجير لما تبقى من بيوت وارزاق. فنحن لا نرى في استمرار المماحكات السياسية حول تأليف الحكومة الا صرفا للانظار وتخليا من الدولة والمسؤولين عن مسؤولياتهم في وقف العدوان وتحرير الارض وعودة المواطنين الجنوبيين الى مدنهم وقراهم.
فتحية إلى أهلنا العائدين إلى البلدات والقرى الحدودية ،الذين نصبوا الخيام بين الدمار في مواجهة العدو،ليؤكدوا تمسكهم بالأرض ،وألف تحية ورحمة إلى شهدائهم الذين سقطوا في هذا السبيل،ليس دفاعا عن منطقة أو طائفة ،وإنما دفاعا عن لبنان الوطن بكل بنيه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته