العلامة الخطيب في خطبة الجمعة:الوجود المسيحي ليس مهددا كما يدعي البعض..والتهديد بالفدرلة والتقسيم تعبير عن العجز والفشل
الحوار نيوز – خاص
رأى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب أن الوجود المسيحي في الشرق ليس مهدّدا،خلافا لما يروجه البعض،وأكد أن المسلمين حريصون على الوجود المسيحي حرصهم على أنفسهم،داعيا إلى الحوار والإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية.
وقال “ان تهديد البعض بالذهاب الى الفيدرالية أو التقسيم ليس سوى تعبير عن العجز والفشل بتبريرات غير منطقية وغير واقعية”.
وكان العلامة الخطيب أمّ صلاة الجمعة في مقر المجلس الشيعي وألقى خطبة تناول في مستهلها مسيرة الإمام الحسن ،وتحدث عن الأوضاع في لبنان فقال:
إنّ القضية الحقّة التي ينبغي على القيادة أن تتحملها وتدافع عنها تقع في اولوياتها حماية الوطن وحماية الشعب والعمل على تحقيق أهدافه في العيش بحرية وعزة وكرامة التي يشكل قيام الدولة أهم مرتكزاتها، لأنه من دون الكيان الواحد والدولة الواحدة، وان يكون هناك شعب واحد، وافتراض وحدة الشعب تستدعي وحدة الكيان والسلطة ومع افتقاد وحدة الشعب تستحيل وحدة الكيان ويستحيل قيام الدولة والحكم والسلطة وإن وجدت فهي وحدة وسلطة شكلية سرعان ما تتفكك وتنتهي ولا يمكن الدفاع عنها كما لا يمكن أن تتوفر لها وحدة القيادة ولا وحدة الأهداف ولا قضية يمكن أن تحملها القيادة وتدافع عنها.
إنّنا نؤمن أن الشعب اللبناني هو شعب واحد وله قضية واحدة وبالتالي فإن العناصر الضرورية لقيام الدولة متوفرة، يحاول البعض من القوى السياسية اللبنانية المنع من تشكّلها وتصوير الشعب اللبناني على أنه شعوب غير متآلفة ويدفع عبر الاستفادة من التنوع الديني والطائفي إلى تعطيل قيام الدولة ويحمل زوراً التنوع الديني والطائفي هذه النتيجة السلبية، اقول زوراً لأن الدين وعلى الأقل الإسلام لا يحمل ذلك بل هو قائم على أساس “التعارف” كما يقول تعالى (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا).
كما أن تجربته التاريخية أثبتت ذلك في احترامه للديانات السماوية الاخرى والعيش معهم على أساس المواطنية في وثيقة المدينة عندما بدأ النبي محمد (ص) تأسيس الدولة الاولى في تساوي جميع مواطني الدولة في الحقوق والواجبات، فتحميل الدين مسؤولية التناقض الداخلي بين أبناء الشعب اللبناني يحمل في داخله أهدافاً أخرى لا تمت إلى التنوع الديني والطائفي بصلة وإنما تتصل بأسباب غربية تهدف إلى تفكيك مجتمعات العالم العربي وإضعافها عن مواجهة المخططات لحماية الكيان الاسرائيلي الذي زرع في قلب هذه المنطقة الاستراتيجية للحفاظ على المصالح الغربية التي تتوقف عليها الهيمنة الغربية في تكوين النظام الدولي.
إنّ التصريحات التي تصدر عن بعض القوى المسيحية بادعاء الحفاظ على الوجود المسيحي في الشرق لا تعبّر عن الحقيقة، فالوجود المسيحي غير مهدّد والمسلمون حريصون على الوجود المسيحي حرصهم على أنفسهم، ونحن بدورنا ندعو مواطنينا المسيحيين إلى عدم الاستماع إلى هذه الترهات التي لم تؤد سوى إلى الإضرار بالجميع مسيحيين ومسلمين وبالمسيحيين على وجه أخصّ وبالكيان اللبناني المتميز بتنوعه الديني والثقافي الذي يشكّل رسالة إسلامية مسيحية إلى العالم في الدفاع عن القيم الاخلاقية والانسانية المشتركة التي تهددها القيم الغربية المادية التي لا تمت إلى المسيحية بصلة، وتخالف رسالة البابا الى اللبنانيين.
إنّ المسيحية تمثًل جزءاً مهما من تاريخ هذه المنطقة وشعوبها وتاريخها الحضاري، ونتمنى أن لا يقع إخواننا المسيحيون بالخطأ التاريخي الذي ارتكب في اوائل الفتح الإسلامي حينما غُرّر بهم وأوهموا أن الإسلام يهدف إلى اقتلاعهم من هذه المنطقة أو إجبارهم على اعتناق الإسلام وأدى نتيجة الدعاية البيزنطية التي نشرت بينهم الخوف وأنهم مُعرّضون للقتل والذبح إلى النزوح عن مناطقهم والهجرة، وقد كذبت الوقائع هذه الدعاية، حيث بقي من لم تنطل عليه هذه الاكذوبة يعيش بكرامة وحرية فيما كانت المذابح تجري بين المذاهب المسيحية على قدم وساق، على أن تحميل الاسلام والمسيحية مسؤولية الحرب الأهلية اللبنانية بروباغندا ساقها الغرب الذي كانت مشاريعه الاستعمارية وتناقضاته مع الاتحاد السوفياتي تستدعي قيام هذه الحرب بين يسار ويمين، كان اللبنانيون جميعاً ضحية لها وكذلك الإسلام والمسيحية على حد سواء.
لقد كان هذا السرد للحوادث التاريخية ضروريا للإضاءة على هذه الحقيقة لمصلحة اللبنانيين من أجل الاعتبار وجلاء الحقيقة والعودة إلى الوعي للحفاظ على المصالح الحقيقية للشعب اللبناني، ولمواجهة استحقاقات المستقبل اللبناني وما ينبغي على اللبنانيين اتخاذه من مواقف للحفاظ على بلدهم في مواجهة الأخطار الوجودية التي يتعرض لها وأول ما يجب القيام به في هذه الظروف الدولية والاقليمية تحقيقاً لمصلحة الكيان اللبناني وشعبه هو اتخاذ موقف تاريخي مسؤول ولأول مرة، المبادرة إلى الاستجابة لدعوة الحوار والوصول الى انتخاب رئيس للجمهورية انسجاماً مع التطورات في الإقليم التي تنحو نحو التقارب والتعاون بين دول المنطقة، والا ينتظر اللبنانيون أن يكونوا آخر الركب بل أن يكونوا من المساهمين في هذا التحول الاستراتيجي في المنطقة الذي يضعف معه العدو الاسرائيلي أكثر فأكثر الذي أصبح عاجزاً عن القيام بالوظيفة التي عهد له الغرب القيام بها وأن يخيفنا بتهويلاته وتهديداته التي يمارسها اليوم على لبنان بالتصريحات الفارغة أو يمارسها على الشعب الفلسطيني والمصلين العزل في المسجد الأقصى التي لا تمثّل الا عجزاً متزايداً مثّلته التناقضات الداخلية لكيانه.
ان تهديد البعض بالذهاب الى الفيدرالية أو التقسيم ليس سوى تعبير عن العجز والفشل بتبريرات غير منطقية وغير واقعية، والصواب هو عدم تضييع الوقت والإسراع الى الحل الذي ينتجه الحوار انسجاماً مع المصلحة الوطنية ومع التحولات الإقليمية والدولية التي توفر فرصة ذهبية للبنان يحقق فيها الاستقرار على كل الأصعدة.