العقلاء لا يرفضون الوحدة والحوار( حسن علوش)
حسن علوش – الحوارنيوز- خاص
أنتجت الانتخابات النيابية كتلا وقوى نيابية بعضها قديم وبعضها جديد، وصار لزاما على الجميع إحترام النتائج لأنها تعبير عن إرادة الناخبين، ومن المفترض البناء عليها لتحقيق الأهداف المرجوة من خلال التنافس الديمقراطي وتقديم أفضل ما لدى الكتل من اقتراحات قوانين وأفكار إنقاذية توقف الإنهيار الحاصل في البلاد وتؤسس لبناء وطني جديد.
لا شك أن المنظومة التي حكمت منذ العام 1990، كل بحسبها، تتحمل جزءا من مسؤولية الإنهيار والفساد والهدر، وعليها أن تدفع ثمن ذلك.
بعض هذه المنظومة يحاول الهروب تحت مسميات التغيير الحالية من مسؤولية ارتكاباته الموصوفة، وقد بلغ ببعضهم الأمر أن حاولوا غسل أياديهم الملطخة بأن قرروا أن يمنحوا أصواتا لنواب من “الصنف التغييري” يقيناً منهم بأنهم أعجز من التأثير في بيئتهم أوعلى المستوى الوطني.
نحن امام مشهد جديد.
اسباب داخلية معقدة لأزمة اقتصادية – مالية – معيشية مستفحلة، معطوفة على أسباب خارجية أكثر تعقيدا ومرتبطة بملفات تعني لبنان مباشرة، كالصراع مع العدو الإسرائيلي والاشتباك الحاصل بين محورين: عربي، إقليمي، أميركي ،مقابل محور عربي، إقليمي روسي صيني. أما لبّ الصراع: فلسطين والتسوية النهائية والحدود الامنة لدولة الاحتلال. الثروات في المنطقة من نفط وغاز وماء ومستقبل العالم الأمني والإقتصادي.
أمام هذه المشهد على اللبنانيين أن يختاروا الإتجاه الذي عليهم أن يتبنوه.
يقول قائل إن أفضل الخيارات هو الحياد. ومن المعلوم بأن مثل هذا الخيار غير واقعي لوجود لبنان في قلب العاصفة وهو محط أطماع العدو.
ويقول آخر إن الأولوية لمحاكمة المسؤولين عما آلت اليه أوضاعنا الحالية. لكنه لا يقول كيف سنمضي بذلك؟
هل سنقيم محاكم ثورية ميدانية ونعلّق المشانق؟
هل يكون ذلك بتعميق الانقسامات وتبادل الاتهامات والتخوين فحسب؟
أم أن تبني إقرار قانون السلطة القضائية المستقلة لتكون هي الحسام في قضايا الهدر والسرقة والفساد؟
يخلط بعض النواب بين مبدأي المحاصصة والوحدة الوطنية. وهو خلط ينم عن جهل متعمد دون شك.
المحاصصة أمر كريه وجرى اختباره على غير صعيد في الإدارة العامة، والمؤسف أن شرط المحاصصة كان تعطيل دور الهيئات الرقابية.
أما حكومات الوحدة الوطنية فهي في بعض الظروف الإستثنائية تفرض نفسها كضرورة وطنية، وتقوم على برنامج واضح ومحدد يحاكي الأزمات الخطيرة التي تحدق بالوطن أكانت داخلية أم خارجية.
اليوم أعلنت النائب حليمة قعقور، باسم النواب الجدد، بعد لقاء وفد منهم الرئيس ميقاتي في إطار الاستشارات غير الملزمة، “انهم طالبوا بحكومة مصغرة مع صلاحيات استثنائية، عليها توزيع الخسائر بطريقة عادلة والقيام بمهام إنقاذية”.
وقالت: “لن نشارك في أي حكومة محاصصة أو وحدة وطنية”.
كيف لعاقل أن يرفض المشاركة في حكومة وحدة وطنية في هذه الظروف؟
كيف لعاقل أن يرفض الحوار مع مختلف المكونات النيابية من أجل وضع برنامج وطني للإنقاذ تتبناه الحكومة وتكون ملتزمة تنفيذه تحت رقابة مجلس النواب ومساءلته؟
الهروب من المسؤولية خطيئة لا تغتفر، فليس بالشعارات وحدها ننقذ لبنان ونغير نظامه السياسي والاقتصادي!