العراق: العلاقة بين التيار الصدري و”الإطار” ..علاقة السّكة والقطار
د.جواد الهنداوي – الحوارنيوز خاص
التيار الصدري و”الإطار التنسيقي”، هما الفاعلان الاساسيّان في المشهد السياسي العراقي الذي يترقّب فرج تشكيل حكومة غير متوقعة التوصيف (وطنيّة، أغلبيّة ،اطاريّة، مُستقّلة).
لم يستطعْ التيار الصدري مع تحالفاته السياسيّة مِنْ تشكيل الحكومة، رغم مرور ما يقارب ثمانية شهور على تاريخ اجراء الانتخابات، والسبب، وبغض النظر عن تعدّد وصحة التفسيرات، هو فشل الوصول الى تفاهم مشترك او اتفاق بين التيار الصدري ،الذي يقوده السيد مقتدى الصدر ، و”الإطار” التنسيقي الذي يقوده السيد نوري المالكي.
اليوم ، يتمتع “الإطار التنسيقي”، ومنذ انسحاب التيار الصدري ، بحرية اكبر في المشهد السياسي ، ومن المُفترض ان يكون قادراً على تسميّة رئيس الوزراء، ولكن يواجه ، كما تشهدهُ المواقف والاحداث، تحديات التوافق بين مكوناته ( مكونات “الإطار” ) على شخص رئيس الوزراء القادم. اي، التحدي الذي يواجهه “الإطار” يبدو اصعب وضِعفْ التحدي الذي واجهه التيار الصدري؛ التحدي الاول هو ان تتفق وبرضا وليس باكراه مكونات “الإطار” على شخص رئيس الوزراء، والتحدي الثاني هو ان يكون شخص رئيس الوزراء المُتفق عليه من قبل “الإطار” مقبولاً من قبل السيد مقتدى الصدر . هذا هو المسار الواقعي لاختيار شخص رئيس الوزراء ، والمفروض اتباعه من قبل “الإطار”. يعني، بعبارة اخرى اذا كان توافق “الإطار” على شخص غير مقبول من قبل السيد مقتدى الصدر، فلا يجدُ قطار الحكومة سكّة حديد ممدودة للسير عليها!
والسيد مقتدى، بكل تأكيد ،يراقب المشهد وسيدقق في اصل وفصل المُرّشح لرئاسة الوزراء ، والجهة التي ينتمي اليها او يميل اليها والطرف الذي قام بترشيحه، وعلى مَنْ هو محسوب!
انسحاب التيار لمْ ولنْ يلغْي دوره ولم ولنْ يحلْ المشكلة. فالعلاقة الايجابية بين التيار الصدري و “الإطار” التنسيقي ضرورة وطنية واخلاقية و شرعية قبل ان تكون سياسية، وان كانت هناك حكمة في السياسية فلا غير التلاقي والتفاهم من اجل مصلحة الوطن ومصلحة الشعب، والتعامل مع الآخر وفق ما تقتضيه المصالح الوطنية و المستقبل، وليس وفق المصالح و الاعتبارات الشخصية والماضي.
الحكمة في السياسة هو أن تلتفت وتهتم القيادات المُكلّفة بتسمية المرشّح لرئيس الوزراء بالتحديات التي يواجهها العراق داخلياً وخارجياً، وان تترفّع عن الخلافات التي يعاني منها شخوص القيادات. القفز على هذه الضغائن والخلافات أفضل بكثير للشعب وللتاريخ من المرواحة والدوران في فلك الماضي ومستنقع الفتن وتبادل الاتهمات.
* سفير عراقي سابق ورئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات- بروكسل