العراق أمام تحديات وتمنيات 2022
د.جواد الهنداوي – الحوارنيوز خاص
يستقبل العراق عامَهُ الجديد بسلطات دستورية جديدة (حكومة ، مجلس نواب ، رئيس جمهورية)، تتشكّلْ (واقصد السلطات) بعد المصادقة قريباً جداً على نتائج الانتخابات التشريعية،التي جرتْ في شهر تشرين الاول المنصرم ، وبعد توافق الاحزاب والكتل البرلمانية على تشكيل السلطات الدستورية ،وتسمية شاغليها .
اذاً ،التوافق هو التحدي الاول ، الذي سيجتازه العراق وبنجاح وبأختيار رئيس حكومة توافقي ، يُرضي الاطار التنسيقي للاحزاب الشيعية ،من جهة ، والتيار الصدري ،من جهة اخرى ، ويستطيع ( واقصد رئيس الوزراء المُختار ) ان يتبنى سياسة تخدم العراق دولةً وشعباً .
ترسّختْ آليّة التوافق في سياسة و ادارة العراق عمودياً و أفُقياً ؛ في هرم الدولة ، في تسميّة قيادات السلطات الدستورية ، وفي المكوّنات السياسية والقومية و المذهبية العراقية (شيعة ،سنة ،كُرد ) . التوافق هو توافق شيعي لاختيار رئيس الوزراء ، وتوافق سني لاختيار رئيس مجلس النواب ، وتوافق كُردي لاختيار رئيس الجمهورية ، و تُتّمْ هذه التوافقات العموديّة بتوافق عام و شامل و افقي يسودُ هرم الدولة . الحديث و السعي لفرض آلية الاغلبية لاختيار وتسميّة رئيس الوزراء ( حصة المكوّن الشيعي ) ليست فكرة اليوم ،سبقَ و إنْ شَغِلتْ آخرين نظرياً ولمْ يفلحوا في تطبيقها عملياً .
لم يقتصر رفض آلية الاغلبية السياسية الوطنية على الاطار التنسيقي للمكون الشيعي ،و انما يشمل ايضاً رفض المكون السني و المكون الكردي . المكونّان السني و الكردي يرفضان المضي في مباركة تسمية لرئيس وزراء لا يُمثّل توافق المكّون الشيعي .
لنْ يستطعْ حزب واحد او تيار واحد او مكوّن واحد تحمّلْ اعباء عدد و حجم المشاكل التي يواجهها العراق و يعانيها شعبه ، و لنْ يستطعْ بوحدهِ مواجهة التحديات المستقبلية الاستراتيجية .
لا حّلْ غير التوافق ولكن بشرط ان يكون توافقاً على خدمة الشعب وعلى الاصلاح وعلى احترام الدولة ، وليس توافقاً على المغانم و المكاسب و استخدام ثروات و عائدات الدولة . العيب ليس في آليّة التوافق ، وانما في تطبيقها .
وعلى رئيس الوزراء التوافقي القادم ان يعمل وفق ما تمليه مصلحة العراق وليس وفق ما تمليه مصلحة الاحزاب و الكتل ،و أنْ لا يكون حبيساً للارادات الحزبية وانما لارادة الشعب .
سيتحرر العراق ،في العام المقبل من الوصاية الامميّة على مبيعات ثروته النفطية ،و ستؤول العائدات المالية لثروته النفطية الى خزينة الدولة مباشرة بدلاً من ” صندوق تنمية العراق ” ،الذي أُنشئ بموجب قرارات مجلس الامن الدولي على اثر الاحتلال الصدامي للكويت .
هل سيحافظ العراق على هذه العائدات و يوظفها لخدمة العراق ام ستصبح حالها حال عائدات العراق الاخرى غير النفطيّة مثل عائدات المنافذ الحدودية و عائدات بيع العملة و غيرها ؟
سيتحرر العراق سياسياً و سيادياً من اثار و تبعات الفصل السابع ، وسيستعيد مكانته القانونية والدولية ،وللعراق حقوق نقدية و مالية لدى كثير من الشركات الاوربية والاخرى ،بموجب عقود أبرمها في عهد النظام السابق و مبالغ مالية سددّها لصالح تلك الشركات ( عقود استيراد وعقود شراء بواخر من ايطاليا و عقود اسلحة وعقود استيراد مواد صناعية و اغذية ) ، هل سيقوم العراق بأسترداد ما يستحقه بموجب تلك العقود ، والتي ،توقفّ تنفيذها بسبب وضع العراق تحت الفصل السابع ؟
هل سيكون العراق السياسي و الحكومي ، على قدر مكانته التاريخية و ثرواته المادية و البشرية ، و يتصرف كدولة مستقلة وسياديّة ليس فقط متحررّة من الفصل السابع لميثاق الامم المتحدة ، وانما متحرّرة ايضاً من الاملاءات و الاجندات الخارجية ، ويشرعُ في اصلاح حاله السياسي ، واصلاح قطاعات الدولة المصرفيّة و الادارية ، و يتحرر من الفساد وهدر المال العام؟
*سفير عراقي سابق ورئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات- بروكسل