الطوفان على الأرض والوزير مشغول بعقود تلزيمات الزّفت خلافا للقانون
اجتياح السيول لبنان من أقصاه إلى أقصاه، ليست المرّة الأولى، غالبا ما تحصل مع غزارة الأمطار، آخرها قبل اليوم كان في كانون الثاني من السنة الحاليّة (٢٠١٩)، حصل مثلما هو حاصل اليوم، الاجتياح ذاته، لكنّه بالنسبة للمسؤولين في وزارة الأشغال والنقل الأمر سيّان، كأنّ شيئًا لم يحصل، في اليوم التالي ستنسى النّاس ما حصل، تلتهي بمشكلة جديدة حادثة، وما أكثر الأحداث في لبنان؛ حوالي ٦ مليار دولار صرفت بين سنوات ١٩٩٢ و٢٠١٨، لمعالجة الطّرقات والبنى التحتيّة، كأن شيئا لم يكن!
في وزارة الأشغال، بحسب مستشار الوزير الحقّ على غزارة المطر، وزحل التربة والبلديات، وندرة الأموال غير المتوفّرة للقيام بالأشغال المطلوبة لرفع الضّرر مسبقًا عن المواطنين، لكنّه امن جهة أخرى، متوفّرة (الأموال) لتوقيع مذكرات بمئات ملايين الدولارات لمتعهّدين، للقيام بأشغال غالبها تنفيعات بناء لطلب القوى السياسيّة، التي تحدّد متعهديها، وربما تقاسمه العائدات.
في الوقت الذي تعاني منه الخزينة العامّة من شحّ في الإيرادات، وفي ظلّ توقّع تخطي عجز الموازنة ١١ مليار ليرة، وفي ظلّ التعميم الذي أصدره رئيس حكومة تصريف الأعمال، الذي يطلب فيه التقيّد بأحكام المادة ٦٤ من الدستور في معرض تصريف الأعمال، في ظلّ ذلك، أبرم منذ يومين، وزير الأشغال والنقل في حكومة تصريف الأعمال يوسف فنيانوس خمسة عقود، خلافا للقانون – باعتبار الحكومة هي في وضع تصريف الأعمال – لتزفيت الطّرقات، بمبلغ ٣٠٠ مليار ليرة، ما يوازي ٢٠٠ مليون دولار، رست بالتراضي على حسّان بشراوي، حميد كيروز، أنطوان مخلوف، قاسم حمود وجهاد العرب.
الطوفان يعمّ لبنان، النّاس عالقة في الطّرقات، المسؤولون يديرون البلاد كأنّ شيئًا لم يكن، ، المواطنون مقيمون في الشارع منذ ستٍ وأربعين يوما، الأزمة الماليّة تضيّق الخناق يوما بعد يوم، الأزمات تستفحل، تنادي بعضها بعضا، وهم، في مغانمهم وتقاسمهم منغمسون.