بقلم د. أحمد عياش – الحوار نيوز
صدق الفيلسوف هربت ماركيوز عندما راهن على الطلبة كقوة طليعية لتقدّم المجتمع نحو الأمام.
طبقة الطلبة في الولايات المتحدة الأميركية اليوم تشبه إلى حدّ ما ،ما تمنّاه طلبة فرنسا سنة1968 ،ولو بشيء واحد انّهم عرفوا سرّ قوّتهم وتأثيرهم، فانتفضوا من أجل الضغط على السلطة بهدف التغيير والتقدم.
حركة الطلبة في الجامعات الأميركية وقبلها التظاهرات في واشنطن وفي لندن وفي برلين وفي مدريد وفي باريس، ليست نتاج نضال اسلاميين او مسيحيين متعصّبين، بل هي نتاج وعي طبقة طلبة ثورية أخلاقية ذات ميول حلماوية يسارية تجديدية، ومن ضمنهم وللعلم ولكيد الطائفيين المدمّرين للحياة، روابط يهودية يسارية تتحرّك وتعلن نفسها ضميرا شعبيا له رأيه في أحداث التاريخ وفي سياسات الدولة الخارجية، والاهمّ من كل ذلك له رأيه المضاد للدولة المالية العالمية التي لا ترى الشعوب غير سلعة وصفقة تجارية وعرضا للبيع وللطلب.
ابعد ما كان المرء يتخيّله ان يرى نصرة شعوب البلاد الغربية تهبّ لنصرة الجياع والمحاصرين في غزة، بينما طلبة وشعوب بلاد “العُرب اوطاني” وبلاد اهل الطوائف، ما زالوا يبررون للفاسدين حكمهم ولرجال الدين فتاويهم الطائفية والرجعية، وللقبائل العربية “رأيها المنير” في سباق داحس والغبراء .
عار عظيم ألا تصدر فتوى بوجوب طرد سفراء العدو الأصيل وبنصرة الفدائيين.
عار ان يتشكّل الوعي الثوري بقوة في بلاد الرخاء قبل أن يتشكل في بلاد البؤس.
وحدة الساحات ظهرت كوحدة عواصم البؤس.
بدل تقدّم الحركة الطلابية ميدان العواصم في الشرق، تمّ “إخصاء” الطلاب ثقافيا عبر تسميم أفكارهم بحكايات وذكريات دينية متناقضة تكفي لبث الفتنة والفرقة ولمد الصراع العبثي بطاقة لا تنطفىء.
أخطر ما تمّ تسميم افكار الطلبة به هو عنصر اللاجدوى من اي نضال، لأن الطائفيين مهما اختلفوا يتفقون دائما ضد التنويريين، كما الراسماليين وأهل المال الحرام والفاسدين مهما اختلفوا يتفقون فوراً ضد البلاشفة والثوريين.
لم تستيقظ طبقة الاستغلاليين العرب بعد من صدمة التأميم النفسية، ومن توزيع الاراضي للفلاحين، ومن محاولات الاستقلال الاقتصادي الذاتي ومن دعم القطاع العام.
بعد سقوط الاتحاد السوفياتي تجمّع كل المتضررين من ثورات العراق وليبيا ومصر وسوريا واليمن في سنوات الخمسين والستين، وقاموا بهجوم مضاد يقوده تارة طبقة رجال دين طائفيين، وتارة اهل حقوق الإنسان وأهل السيادة وأهل خصخصة الدولة والعقل الجماعي.
أخطر ما يهدد بلادنا طبقة رجال الدين الطائفيين، واجمل أمل لبلادنا طبقة الطلاب الشبيبة بضوابط طلاب لبنان في الستينات، يوم كانت ثانوية رمل الظريف جمهورية لها نشيدها الثوري(دق يا شعب النفير وقوانا صامدة، نحن طلاب الظريف في طريق واحدة)حتى في حركة “فتح” كان الوعي الثوري فيها يفرض وجود “الكتيبة الطلابية”.
تحية للحركة الطلابية في الولايات المتحدة الاميركية، وسلام لأهل الغرب الطيبين الحالمين بعالم بلا دولة مالية عميقة عالمية ومحلية، والعار كل العار لمن سعى ونجح في تدمير الشرق بأفكار طائفية وبأساطير لا جدوى منها.
المجد لخونة طوائفهم.
أقذر ما يكون ان يحدثك فاسد ان كل الناس فاسدون، و أن لا وجود لشرفاء..بلى هم موجودون وكُثر، إنما ليرحل الطغاة وليسقط حكم المصرف.