إقتصاداجتماعيات

الضمان يترنح.. والادارة والوزارة مراقب “ما شافش حاجة”(عماد عكوش)

 

د. عماد عكوش – الحوار نيوز

الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في لبنان يترنح من دون ان يتقدم أحد من الأوصياء على أدارته ومتابعته بأي أقتراحات جدية لإعادة تفعيل هذا القطاع الحيوي، والذي طالما كان ركنا أساسيا من أركان الحماية الصحية وشبكة الامان لمعظم مواطني الدولة اللبنانية .

المؤسف انه لغاية اليوم وبالرغم من مرور أكثر من ثلاث سنوات على الأزمة اللبنانية، فإن حال الضمان كحال المصارف التي ما زالت تنتظر قانون الكابيتال كونترول، أو قانون أعادة هيكلة القطاع المصرفي لإعادة تفعيل هذا القطاع .

الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وبالرغم من الزيادات الهامة في الرواتب والاجور والتي وصلت الى حدود 9425000 ليرة لبنانية، أي حوالي 13.46 ضعف مما كانت عليه في بداية الازمة ، فإن تقديمات هذه المؤسسة في كل الفروع ما زالت غير ذات أهمية ،لدرجة ان معظم المضمونين يتجنب تقديم رديات الدواء أو حتى الحصول على موافقة للإستشفاء، بسبب أن ما يمكن حسمه قد لا يتجاوز كلفة النقل التي يتكبدها المضمون في كثير من الاحيان ، بسبب ان معظم مراكز ومكاتب الضمان لا تفتح ولا تعمل بشكل طبيعي ، وتعتمد على طاقة مؤسسة كهرباء لبنان لتشغيل أجهزتها ، ما يعني ان العمل الفعلي لا يتجاوز بالحد الاقصى أربع ساعات عمل فعلي في الاسبوع ،ما يضطر اصحاب العلاقة للقدوم ثلاث او اربع او حتى خمس مرات إلى مركز الضمان ليحصل على الموافقة ،بعد تكبده العناء نفسه من أجل دفع الاشتراكات ، ما يجعل حجم الاستفادة غير ذي أهمية .

أما بالنسبة لفرع التعويض العائلي فحدث ولا حرج، فتعويض الزوجة الشهري لا يشتري كيلو بطيخ ،وتعويض الولد لا يشتري ربطة خبز ،بالرغم من زيادة اشتراكات هذا الفرع وزيادة ايراداته وبشكل كبير ، فهل الامر مقصود ، وأين تذهب هذه الايرادات ، وهل يحق للإدارة صرف هذه الايرادات في غير مكانها المخصص لها ؟

اليوم بالتأكيد يحتاج الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لإعادة هيكلة ، سواء لناحية كلفته التشغيلية والتي يمكن ضبطها وتخفيضها من خلال مكننة معظم إجراءات هذا الصندوق وتخفيض حجم الاجراءات وخاصة في الاقسام الآتية :

– قسم براءة الذمة والذي أصبح يمثل عائقا كبيرا أمام عمل التجار، وخاصة المصدرين، والذي يمكن استبداله بنظام الافادة فقط ما يؤكد ان المكلف مسدد لكل اشتراكاته .

– قسم التعويضات العائلية والذي بفضل بعض الجهابذة في الصندوق ،أصبح المعطل الاساسي لعملية دفع الاشتراكات من خلال خلق اجراءات غير مهمة، ولا تفيد في عملية الرقابة، لكنها فقط تزيد من وقت انجاز المعاملات ودفع الاشتراكات .

– الصندوق والذي يمكن تخفيض عمله من خلال طبع الايصالات ودفعها في أي مركز دفع خارجي .

– طبع النماذج ومنها الإفادات ، جداول التعويضات العائلية ، التصريح الاسمي السنوي ، والتي اذا ما تم وضعها على صفحة الصندوق عندها نخفض من عدد الموظفين المفروزين لهذه الغاية ونخفض من كلفة الطباعة .

نعم الصندوق اليوم يحتاج الى أعادة هيكلة جدية تبدأ بخفض الانفاق ، وتعليق العمل ببعض الفروع غير المفيدة اليوم للتركيز على الفروع التي يحتاجها المواطن فعلا، وأقصد بذلك الاستشفاء ، حيث تقلصت تقديمات الاستشفاء وبشكل كبير جدا وزادت الاشتراكات في نفس الوقت، لدرجة ان المضمون أصبح يفضل أن يؤمّن لدى أحدى شركات التأمين بما خص موضوع الاستشفاء ، خاصة بعد ان أصبحت كلفة المضمون والتي يتم دفعها مقابل لا خدمات تزيد عن كلفة التأمين للإستشفاء . ولتوضيح ذلك فإن الكلفة الوسطية للإستشفاء عن الفرد تكلف تقريبا 500 دولار أميريكي سنويا درجة ضمان ، بينما اليوم يدفع المضمون ما يعادل 320 دولارا سنويا للضمان مقابل لا خدمات ، فماذا سيختار برأيكم المضمون ؟

البعض سيقول ان هناك نسبة من هذه الاشتراكات تذهب لفرع نهاية الخدمة ، هذا الفرع الذي تم سرقته مرتين ، في المرة الاولى عام 1996 عندما قفز الدولار الاميركي الى 1500 ليرة ، واليوم بعد ان قفز الدولار الى حوالي 100000 ليرة لبنانية . هذا الفرع الذي كان يملك أكثر من تسعة مليارات دولار ، تقلصت موجوداته الى الى أقل من 350 مليون دولار بفضل إدارة هذا الصندوق وبفضل القوانين البالية التي تحكم عمله .

اليوم نحتاج الى عمل جدي ، ونحتاج الى تشكيل لجنة طوارئ للنهوض بهذا الصندوق مجددا، ونحتاج الى تحديد أولويات عمل هذا الصندوق ، ونحتاج الى تجديد أدارته التي شاخت ولم تكن على قدر المسؤولية الوطنية ، ولم تحافظ على مدخرات المضمونين ، فأذا كانت المصارف قد هدرت ودائع اللبنانيين ، فأن إدارة هذا الصندوق هدرت تعويضات نهاية الخدمة لكل العاملين في لبنان ومرتين خلال ثلاثين سنة .

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى